استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لا بدّ من مواصلة الانتفاضة الفلسطينية

الأربعاء 16 يونيو 2021 10:03 ص

لا بدّ من مواصلة الانتفاضة الفلسطينية

تاريخ النضال الفلسطيني كله يشير إلى أن الاستراتيجية الناجعة الوحيدة الملائمة لشروط المعركة هي استراتيجية النضال الشعبي.

دعا بينيت لإعدام «الإرهابيين» بدل سجنهم وفتح النار بلا تحفّظ على المتظاهرين الفلسطينيين ويؤيد فرض السيطرة اليهودية على الحرم الشريف.

المطلوب مواصلة الانتفاضة كما بدأت قبل «سيف القدس» وتعميمها بكافة أجزاء شعب فلسطين لتحريك حملات التضامن العربي والعالمي مع قضيته.

الحكومة الحالية التي لم تحز في الكنيست سوى على أكثرية صوت واحد واقعة بين مطرقة الليكود وحلفائه وبين نواب حزب بينيت الستة ونواب حزب «إسرائيل بيتنا» السبعة!

*     *     *

كُتب هذا المقال صباح الثلاثاء بينما يستعد اليمين الاستيطاني الإسرائيلي لإنجاز حلقة جديدة في مسلسل الاستفزازات الصهيونية المستمر في القدس العربية منذ احتلالها في حرب 1967.

وهي فاتحة لائقة لولاية رئيس الوزراء الجديد، نفتالي بينيت، الذي بدأ حياته السياسية في حزب الليكود في كنف بنيامين نتنياهو، ثم انسلخ عنه للمزايدة عليه من موقع أقصى اليمين الصهيوني حتى وصل به الأمر إلى ترؤس ائتلاف أحزاب وجماعات حمل اسم «يمينا» بالعبرية، الذي يعني «إلى اليمين».

والحقيقة أن من ينادي بنهج يتخطّى سياسة نتنياهو إلى اليمين، إنما هو أشبه بمن بلغ أقصى درجات الحضيض وما برح ينادي «إلى الأسفل».

ففي باب المزايدة الصهيونية على زعيمه السابق نتنياهو، نصّب نفسه بينيت ناطقاً بلسان المستوطنين، داعياً إلى ضمّ ستّين بالمئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة في عام 1967 وفرض السيادة الإسرائيلية على ما تبقى منها، ومنتهزاً أي تقصير من قِبَل نتنياهو في تلبية رغبات المستوطنين، تفادياً للإحراج على النطاق الدولي، كي يتضامن مع احتجاجات الحثالة الصهيونية الاستيطانية.

ومن باب المزايدة اليمينية أيضاً دعوة بينيت إلى إعدام «الإرهابيين» بدل سجنهم، وفتح النار بلا تحفّظ على المتظاهرين الفلسطينيين. ولو أضفنا أنه يؤيد فرض السيطرة اليهودية على الحرم الشريف، لأدركنا أنه يحق لمنظّمي التظاهرة الاستفزازية في القدس العربية يوم كتابة هذه الأسطر أن يروا أن رئيس وزرائهم الجديد جدير بأن يمشي في مقدمة صفوفهم.

أما الأمر الوحيد الذي يخفّف من مغزى تولّي بينيت رئاسة الوزراء، فهو أن كتلته اليمينية ضعيفة وحكومته قائمة على الائتلاف السياسي الأكثر هجونة في تاريخ الدولة الصهيونية، إلى حد أنه ائتلاف شمل الوسط واليسار الصهيونيين بالإضافة إلى جماعة عبّاس الداخل، منصور عبّاس.

أما التعويل على أن يتحوّل بينيت بسحر ساحر إلى حمامة سلام، فضربٌ من الهلوسة إذ إن الحكومة الحالية، التي لم تحز في الكنيست سوى على أكثرية صوت واحد، واقعة بين مطرقة الليكود وحلفائه في المعارضة وبين نواب حزب بينيت الستة ونواب حزب «إسرائيل بيتنا» السبعة، ويتزعم هذا الأخير أفيغادور ليبرمان الذي ينتمي هو أيضاً إلى أقصى اليمين الصهيوني.

كل هذا يعني أن الحكومة الجديدة لا تغيّر شيئاً في الأساس، وهو أن أغلبية نواب الكنيست تنتمي إلى اليمين الديني وأقصى اليمين الصهيونيين بما يعكس انزلاق المجتمع والدولة الإسرائيليين إلى النيوفاشية.

وهذا يشير إلى أن أي استراتيجية قائمة على المراهنة على الدبلوماسية، كالتي سارت عليها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ الخروج من بيروت في صيف 1982، لا تعني سوى المضي في نهج الاستسلام بحجة السعي وراء السلام.

ولا يقوم البديل عن ذلك النهج على إطلاق الصواريخ من غزة. فإن أي استراتيجية يختار فيها الضعيف إزاء القوي السلاح الذي يحوز هذا الأخير على تفوق عظيم فيه، فيبادر الضعيف إلى رشق القوي به، إنما هي محكومة بالفشل، ناهيكم من كلفتها البشرية والمادية الباهظة التي لا تتناسب مع ما تحققه، كما رأينا في معركة «سيف القدس» التي لم تردع الصهاينة عن مواصلة استفزازاتهم في القدس، بل عجّلت في الانزلاق النيوفاشي للمجتمع الإسرائيلي، لاسيما في معاملته لفلسطينيي 1948.

بل يقوم البديل عن النهج الاستسلامي على اتباع القواعد الاستراتيجية المعهودة في مواجهة الضعيف للقوي، وأهمها استخدام وسائل لاتناظرية ملائمة لمعطيات المعركة.

فحيث تسمح الجغرافيا وعدد السكان وطبيعة قوات المحتلّ ودرجة صلابتها أو هشاشتها المحكومة بطبيعة المجتمع الذي تنتمي إليه، حيث تسمح هذه الشروط بانتهاج القتال درباً إلى التحرير، يقوم النهج اللا تناظري على «حرب العصابات» تمهيداً للحرب الشعبية كما شهد القرن المنصرم في حالات عديدة.

وقد اتبعت المقاومة الفلسطينية مثل هذه الاستراتيجية لبضع سنين، بعد انبعاثها في الستينيات من القرن المنصرم، وهي تراهن على أن حرب العصابات في الداخل وانطلاقا من بلدان الطوق سوف تتحول إلى حرب شعبية تنضم إليها الجيوش العربية. وقد بينت التجربة كم كانت تلك الاستراتيجية واهية.

أما عندما تكون جماعة بشرية ذات كثافة سكانية بالغة الارتفاع، محصورة في ما هو في الحقيقة معسكر اعتقال كبير، يفرض عليه طوقاً حديدياً عدوٌ حائز على تفوق عظيم في العدد والعتاد، فإن المبادرة إلى استخدام نوع السلاح وأسلوب القتال اللذين للعدوّ تفوّق ساحق فيهما إنما هي من العبث، مهما ادّعى عكس ذلك الأوفياء للتقليد العربي القديم في الإفراط في الفخر والتبجّح بغية دغدغة مشاعر المستمعين بدل مخاطبة عقولهم.

والحديث هنا هو عن المبادرة الهجومية، وليس بالطبع عن أي استخدام للسلاح المقصود بالمطلق، إذ أن استخدامه الدفاعي أمر آخر تماماً، فضلاً عن أنه سلاح مشروع في جميع الأحوال في وجه المحتلّ. فليس موضوع النقاش مشروعية المبادرة إلى إطلاق الصواريخ، بل جدواها فقط، والأمران مختلفان تماماً.

والحقيقة أن تاريخ النضال الفلسطيني كله يشير إلى أن الاستراتيجية الناجعة الوحيدة الملائمة لشروط المعركة هي استراتيجية النضال الشعبي. فتبقى أعلى محطات النضال الفلسطيني من حيث ما أنجزته هي الانتفاضة الأولى السلمية لعامي 88-1987 وقد خلقت الزخم الذي حدا بالدولة الصهيونية على السير على درب التفاوض.

ولو بدّد ياسر عرفات ذلك الزخم بتوهمّه بأنه سوف يحصل على «الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس» عن طريق تأجيل الشروط الرئيسية لأي تفاوض مع الدولة الصهيونية، وأولّها تجميد حركة الاستيطان.

ثم أن حملة المقاطعة التي انطلقت قبل خمسة عشر عاماً ونيف، والتي تقوم بصورة رئيسية على المجتمع المدني الفلسطيني مدعوماً من المتضامنين مع القضية الفلسطينية في العالم أجمع، قد أحرجت الدولة الصهيونية وأنصارها وأثارت غيظهم أكثر من أي أسلحة.

وفي حين تنجلي ثمار النضال التضامني مع القضية الفلسطينية أكثر مما في أي وقت مضى في عقر دار الدولة الوصيّة على الدولة الصهيونية، ألا وهي الولايات المتحدة الأمريكية حيث فاق نقد إسرائيل والمطالبة بتقييدها كل ما عرفناه حتى الآن بما شمل عدداً ملحوظاً من أعضاء الكونغرس، فإن المطلوب هو مواصلة الانتفاضة الجديدة، التي كانت قد بدأت قبل أن يطغى عليها «سيف القدس» وإعادة السير على طريق تعميمها إلى كافة أجزاء الشعب الفلسطيني بغية تحريك حملات التضامن العربي والعالمي مع قضيته.

* د. جلبير الأشقر كاتب وأكاديمي من لبنان

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين، الانتفاضة، نتنياهو، بينيت، ياسر عرفات، سيف القدس، النيوفاشية، اليمين الصهيوني، اليمين الديني، وسائل لاتناظرية،

مؤرخ إسرائيلي يتوقع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة