بعد لقاء أردوغان وبايدن.. هل هدأت سخونة العلاقات بين تركيا وأمريكا؟

الأربعاء 16 يونيو 2021 04:52 م

خلّفت الأجواء الودية لاجتماع الرئيسين الأمريكي "جو بايدن" والتركي "رجب طيب أردوغان" تساؤلات عدة، خاصة أنها جاءت بعد تدهور كبير في علاقات الدولتين على خلفية شراء تركيا السلاح الروسي، ووصف إدارة "بايدن" أحداث عام 1915 -إبان الإمبراطورية العثمانية- بأنها "إبادة جماعية" للأرمن.

وعقب اجتماعهما الأول الذي جاء على هامش قمة حلف الناتو في بروكسل الإثنين، أكد "بايدن" أن بلاده ستحقق تقدما قريبا جدا في العلاقات مع تركيا، وأن لقاءه "بالرئيس التركي أردوغان كان إيجابيا ومثمرا للغاية".

وتمتلك تركيا ثاني أكبر جيش مشارك في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد الجيش الأمريكي، وتعتبر من حلفاء الولايات المتحدة المهيمنة في المنطقة، لكن ملفات عدة ساهمت في توتر علاقات الدولتين خلال الأشهر القليلة الماضية.

ملفات توتر

ومن هذه الملفات سعي أنقرة لشراء صواريخ روسية من طراز "إس-400" (S-400) المضادة للطائرات، والخلافات حول التواجد العسكري التركي داخل سوريا، إلى جانب ملف حقوق الإنسان ومذبحة الأرمن، وتوترات شرق البحر المتوسط.

كما تُمثّل استضافة الولايات المتحدة للمنشق التركي "فتح الله كولن"، عاملا آخر يُصعّب من تنقية الأجواء بين الدولتين.

ورأى السفير "ديفيد ماك" مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، الخبير بالمجلس الأطلسي بواشنطن، أن "اجتماع بايدن وأردوغان أتاح الفرصة لتعزيز سمعتهما في بلادهما كرجلي دولة ذوي خبرة يعرفان كيفية التعامل مع القادة الأجانب المتشددين، بينما تجنّب الرجلان إظهار خلافاتهما التي ناقشاها بلا شك على انفراد".

وقال "ماك" إن علاقات العمل المثمرة تُعد ضرورة لتعزيز المصالح الوطنية للبلدين، وتحتاج أنقرة إلى الدعم الأمريكي في مواجهة اقتصادها المتعثر، بينما ترغب واشنطن في تحسين علاقتها بتركيا التي يمكن الاستفادة منها في معالجة المشاكل في بلدان مثل سوريا وليبيا وإيران وأفغانستان، ومن هنا يمكن لتركيا أن تكون شريكا إقليميا رئيسيا.

كما تحتاج الولايات المتحدة -بحسب السفير "ماك"- إلى موقف تركي قوي لمقاومة الضغوط الروسية في أوكرانيا والبحر الأسود والقوقاز.

ويضيف أن "إقامة علاقة أفضل مع الولايات المتحدة أمر ضروري لكل من أردوغان وبايدن، وقد أنجزت المهمة للرئيسين في القمة، ويمكنهما الآن أن يعهدا بالتنفيذ إلى كبار مسؤوليهما ودبلوماسييهما وقادتهما العسكريين".

أما "ديفيد دي روش" أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاجون، والمسؤول العسكري السابق، فيرى أن "تركيا في عهد أردوغان انتقلت من بلد تبحث الولايات المتحدة دائما عن سبل لمساعدته، إلى دولة يُنظر إليها بقلق".

ويقول إنّ "تركيا لا تزال طرفا قيّما في حلف شمال الأطلسي، ولعبت دورا رئيسيا في معظم عملياته العسكرية. وبسبب الروابط التاريخية، فمن المرجح أن تلعب أيضا دورا كبيرا في العمليات المستقبلية بأفغانستان مع انسحاب الولايات المتحدة".

ومع ذلك، يعتقد "دي روش" أن "العلاقة متوترة بين الدولتين، ويدعم ذلك تراجع سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان في عهد أردوغان، وإلغاؤه العديد من العناصر الرئيسية التي أنشأ أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة عليها"، بحد زعمه.

ومن الناحية العسكرية، يبيّن "دي روش" أن "نقطة التوتر الرئيسية هي استبعاد الولايات المتحدة لتركيا من اتحاد مصنعي المقاتلات المتطورة من طراز إف-35 (F-35) بسبب شراء أنقرة نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400".

وبحسب المسؤول العسكري السابق، فإن تركيا تستاء من ذلك باعتباره تدخلا في السيادة، بينما تحتفظ واشنطن بجوانب التعاون الدفاعي الأخرى المهمة.

ومن اللافت للنظر أن السياسة الأمريكية بشأن صفقة صواريخ "إس-400" في عهد "بايدن"، هي ذاتها كما كانت في عهد "ترامب"، و"هذه لحظة إجماع نادرة في السياسة الأمريكية، وينبغي أن تلفت نظر أردوغان"، كما يقول "دي روش".

وعلى الرغم من الخلاف حول مقاتلات "إف-35"، تتطلع تركيا إلى واشنطن كمصدر محتمل للدعم (أو على الأقل الوساطة المحايدة) في نزاعاتها المستمرة بشرق البحر المتوسط مع مختلف أعضاء الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا واليونان، طبقا لـ"دي روش".

ويضيف أنه "في نهاية المطاف، لا تزال العلاقات الإستراتيجية الأمريكية التركية حيوية لطموحات الأخيرة الإقليمية، وهي علاقات راسخة رغم طبيعة زعماء الدولتين المتقلبة والمملة، ومن المؤكد أنها ستزداد قوة بعد انتهاء حكم أردوغان".

حلول هادئة

خبير الشؤون التركية في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط "هاورد أيزنشتات"، الأستاذ بجامعة سان لورنس، يرى أن "اجتماع أردوغان وبايدن يمثل في حد ذاته تقدما كبيرا كان متوقعا، حيث تم بحث القضايا المهمة التي تفصل بينهما".

يقول "أيزنشتات": "لا أعتقد أنه كان هناك بالضرورة الكثير من التقدم بشأن هذه القضايا، لكنني أعتقد أن كلا الجانبين فضّل -في الوقت الراهن- محاولة حلها بهدوء بدلا من مناقشتها علنا".

واعتبر الخبير المتخصص في الشأن التركي أن "هذا أمر حيوي خاصة لأردوغان، لأن اهتمامه الرئيس في هذه المرحلة، هو بالاقتصاد التركي المتدهور، إضافة إلى أن استقرار علاقات تركيا مع الغرب أمر مهم بالنسبة له على المدى القصير، لأنه يساعد على طمأنة المستثمرين الأجانب".

وعلى المدى الطويل، يتوقع "أيزنشتات" "أن تظل تركيا على خلاف مع حلفائها الغربيين وواشنطن حول مجموعة واسعة من القضايا الرئيسية".

المصدر | الخليج الجديد + الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

تركيا أمريكا أردوغان بايدن العلاقات التركية الأمريكية

واشنطن: قمة بايدن وأردوغان لم تحل أزمة صواريخ إس-400

أردوغان: علاقات تركيا بأمريكا دخلت مرحلة جديدة.. وتوصلنا لتفاهمات تتخطى المشكلات

من 4 أحزاب.. وفد برلماني تركي يبحث في واشنطن العلاقات الثنائية

رغم لقاء أردوغان وبايدن.. تحديات تهدد المسار البراجماتي للعلاقات الثنائية

ف.تايمز: طلب تركيا مقاتلات إف-16 يضع بايدن في ورطة

صفقة "إف-16".. أردوغان يقدم الاختبار الأخير لبايدن قبل الافتراق النهائي