استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مصر لا يجوز أن تهان

السبت 19 يونيو 2021 05:30 م

مصر لا يجوز أن تهان

يجب أن ينطلق دورنا من "تفعيل" هذه القاعدة وارسال انذار بها بعلم الوصول إلى كل من يهمه الأمر في أثيوبيا وأفريقيا وأمريكا ومجتمعها الدولي.

إذا كانت المخاطر والاعتداءات لا تقتصر على الإهانات بل تتعداها لتصل لتهديد وجودي فعلى الجميع ان يتخيل ما يمكن ان يصل اليه رد فعل شعب مصر.

يتوجب إعادة تذكير العالم بهذا المبدأ المستقر في وعى وادراك كل مؤسسات ومراكز صنع القرار، قاعدة "ان مصر لا يجوز ان تهان" لانها لن تصمت على إهانة.

ستعمل مصر بكل طاقتها على استرداد حقوقها والأخذ بثأرها مهما كانت العقبات والتحديات ومن يتجرأ على اهانتها او الاعتداء عليها سيدفع أثمانا باهظة عاجلا أو آجلا.

*     *     *

 قاعدة او مبدأ رئيسى كان من أهم المبادئ التى استقرت فى وعى وادراك مؤسسات ومراكز صنع القرار فى امريكا واوروبا و(اسرائيل) بعد حرب 1973. وهو مبدأ "ان مصر لا يجوز ان تهان" باى حال من الاحوال، ولا ان تتعرض لاى اهانة مماثلة لما تعرضت له عام 1967، لان رد فعلها سيكون قاسيا وعنيفا ولو بعد حين.

ولذا يجب على الدوام عدم الاستهانة او الاستخفاف بالمكانة الخاصة والمميزة والتاريخية لمصر كدولة عريقة تقع فى القلب من الامة العربية وتحتل مكان الصدارة فيها، مكانة اى عاصمة لاى امة كبرى، بحكم مركزها الجغرافى وتعدادها الذى يبلغ ما يقرب من ربع تعداد الامة العربية كلها.

*     *     *

- وهو ذات الدرس الذى تعلمه الغرب فى الحروب الصليبية 1096 ـ 1291، حين شن ست حملات متتالية على المنطقة لاحتلالها وانتزاعها من الشعوب العربية وأحكام السيطرة عليها، فوقفت كل حملاته وتكسرت على صخرة الصمود المصري كأكبر قلعة مواجهة ومقاومة للصليبيين فى الشرق العربى الاسلامى، فما كان من لويس التاسع ملك فرنسا الا ان قام بشن الحملة السابعة والاخيرة على مصر مباشرة فى محاولة لكسر العقبة الرئيسية امام نجاح واستقرار المشروع الاستعمارى الصليبى، ولكنه هُزم شر هزيمة وتم اسره فى دار ابن لقمان.

- إن قادة التحرير فى ذلك الزمان من امثال صلاح الدين الايوبى 1187، والصالح ايوب 1244، وسيف الدين قطز 1261، وبيبرس 1286، وقلاون 1289، والاشرف خليل بن قلاوون 1291، كلهم قادوا معارك تحرير الامة بجيوش عربية اسلامية منطلقة من مصر.

- وفى السنوات الأخيرة للدولة العثمانية، سنوات الضعف والوهن والمرض، لم يكن هناك بديلا قويا قادرا على استلام الراية وقيادة المنطقة وتوحيدها وتحريرها من النفوذ الغربى، سوى محمد على منطلقا من مصر، لولا تحالف الدول الاوروبية مجتمعة ضده عام 1840.

- وتكرر الحال بعد الحرب العالمية الثانية، حين قامت الغالبية العظمى من شعوب الامة العربية بمبايعة مصر فى الخمسينات والستينات على قيادة معارك التحرر والاستقلال والوحدة وتحرير فلسطين.

*     *     *

لم يكن أى من هذا بطبيعة الحال بسبب تميز مصر او المصريين عن باقى الاشقاء العرب، فنحن جميعا امة واحدة لا غنى ولا فضل لأى منا على الآخر، ولا نجاة وأمن واستقلال واستقرار لاحدنا دون الآخر.

وبالعودة الى سياق الحديث، نقول ان الغرب وكيانه الصهيونى بعد ان توهموا فى اعقاب 1967 ان مصر قد سقطت الى الابد ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى، جاءتهم الصدمة من صمود الشعب المصرى ورفضه الهزيمة والاستسلام ودعم وتضامن الشعوب العربية واعادة بناء الجيش وحرب الاستنزاف ثم حرب اكتوبر.

ليعيدوا اكتشاف ما سبق ان اكتشفه لويس التاسع وقادة اوروبا منذ قرون بعيدة، وهو ان مصر قلب الامة وعصبها عصية على الكسر، وانه ليس من المصالح الاستراتيجية لاى قوة كبرى ان تستعديها او تهينها، وان الطريق الوحيد لدخول المنطقة هو بالسعى الى كسب صداقتها او بالبحث عن كيفية استيعابها.

*     *     *

لقد كانت مصر هى الدولة الوحيدة التى تمكنت من تحرير ارضها المحتلة فى 1967، رغم اننا كقوى وطنية مصرية، رفضنا وعارضنا منذ البداية الوسيلة التى تم بها استرداد الارض، عن طريق الانسحاب من المواجهة ضد (اسرائيل)، وتوقيع اتفاقية سلام، وقبول القيود الامنية والعسكرية المفروضة علينا فى سيناء، بالاضاقة وهو الأهم والاخطر تسليم 99% من الاوراق والسياسات والمصائر الى الولايات المتحدة. ولكن هذا حديث اخر.

اما المغزى من سرد السطورالاخيرة، فهو التأكيد على ان (إسرائيل) التي لا تقبل الانسحاب من أي أرض قامت باحتلالها عام 1967، قبلت بل وهرولت للانسحاب من سيناء مقابل انسحاب مصر بكل ثقلها من المواجهة والحرب ضدها.

فهناك دول بحكم وضعها الجغرافى والتاريخى والديموغرافى والحضارى لا يمكن انكسارها او استسلامها امام قوى الاستعمار والعدوان. ومصر بفضل الله وبفضل حاضنتها العربية والاسلامية واحدة من هذه الدول، اذا استقام حالها وتبينت دورها وطريقها.

*     *     *

وبناء علي كل ما سبق، فانه يتوجب علينا اليوم ان نعيد تذكير العالم بهذا المبدأ أو هذه القاعدة المستقرة في وعى وادراك كل مؤسسات ومراكز صنع القرار، قاعدة "ان مصر لا يجوز ان تهان"، لانها لن تصمت على أي إهانة، وانها ستعمل بكل طاقتها على استرداد حقوقها والأخذ بثأرها مهما كانت العقبات والتحديات. وان من يتجرأ على اهانتها او الاعتداء عليها سيدفع أثمانا باهظة ان عاجلا ام آجلا.

فاذا كانت المخاطر والاعتداءات لا تقتصر على الاهانات وانما تتعداها بمراحل لتصل الى تهديد الوجود المصرى ذاته، فعلى الجميع ان يتخيل ما يمكن ان يصل اليه رد فعل الشعب المصرى.

وخلاصة القول: ان دورنا اليوم يجب أن ينطلق من "تفعيل" هذه القاعدة وارسال انذار بها بعلم الوصول الى كل من يهمه الامر في أثيوبيا وأفريقيا وأمريكا ومجتمعها الدولي.

* محمد سيف الدولة ناشط وباحث مصري في الشأن الصهيوني

المصدر | ذاكرة الأمة

  كلمات مفتاحية

مصر، الاستعمار، إسرائيل، احتلال، الأمة، لويس التاسع، الشرق العربي الإسلامي،