السودان: مبادرة لحمدوك أم استغاثة؟

الخميس 24 يونيو 2021 06:34 ص

السودان: مبادرة لحمدوك أم استغاثة؟

البلاد تعاني أزمة وطنية شاملة ومن التشظي بين أطراف الحكم المدنيين والتشظي العسكري داخل المؤسسة مما يعتبر مظاهر «مقلقة جدا».

بعد إعلان مبادرة حمدوك تفاقم التشظي بين المدنيين بإعلان تحالف «نداء السودان» أكبر مكوّن في قوى إعلان الحرية والتغيير عن تجميد عضويته بمجلسها المركزي.

تطرح مبادرة حمدوك كتلة تاريخية عريضة للانتقال لكنها عاجزة عن الحفاظ على مكوّنات الائتلاف الحاكم نفسه فما بالك بكل مكوّنات السودان التي توجهت إليها المبادرة؟

رفض حميدتي دمج قوات الدعم السريع بالجيش وأعلن تشكيل قوة من الدعم السريع والجيش والمخابرات لحسم التفلت الأمني أي تجميع قوى أكبر تحت سلطته ما ينافى فكرة التوحيد.

*     *     *

طرح رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مبادرة جديدة بعنوان «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال» اعتبر فيها أن البلاد تعاني من أزمة وطنية شاملة، ومن حالة تشظ بين أطراف الحكم المدنيين، وكذلك من تشظ عسكري–عسكري داخل المؤسسة، معتبرا هذه المظاهر «مقلقة جدا» مقترحا للتعاطي مع هذه الأزمة الشاملة بخلق «كتلة تاريخية عريضة للانتقال».

جاءت مبادرة حمدوك بعد خطوتين لافتتين قام بهما محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أعلن في الأولى رفض دمج «قوات الدعم السريع» في الجيش السوداني، وأعلن في الثانية تشكيل قوة من الدعم السريع والجيش والمخابرات لـ«حسم التفلت الأمني».

والواضح أن الخطوة الثانية لا تلغي الأولى بل تؤكدها وتحاول بالأحرى تجميع قوى أكبر تحت سلطة قائد «الدعم السريع» وهو ما يتنافى مع طروحات التوحيد.

بعد يوم واحد من إعلان حمدوك لمبادرته جاء تأكيد آخر على التشظي بين المدنيين، مع إعلان المجلس القيادي لتحالف «نداء السودان» وهو أكبر مكوّن سياسي في «قوى إعلان الحرية والتغيير» عن تجميد عضويته في المجلس المركزي لهذه القوى.

وهي ضربة قويّة يتلقّاها حمدوك وخطّته المقترحة، وتشكيك في تلك المبادرة التي تطرح «كتلة تاريخية عريضة للانتقال» لكنها غير قادرة على الحفاظ على مكوّنات الائتلاف الحاكم نفسه، فما بالك بـ«كل مكوّنات السودان» التي توجهت إليها المبادرة؟

تقدّم هذه الوقائع إشارات إلى أن مبادرة حمدوك قد تكون متأخرة، وأن طرق استجابة العسكريين والمدنيين لها قد تؤدي بها لتصبح نداء استغاثة أكثر من مبادرة.

امتلك حمدوك، عند استلامه منصب رئاسة الحكومة، شرعية كبيرة أمّنتها له الثورة الشعبية السودانية العارمة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، والتفاف القوى السياسية العديدة التي ساهمت في التغيير، وكان ممكنا استثمار هذه الشرعيّة الكبيرة للدفع باتجاه تحقيق بعض الأهداف التي طرحتها مبادرته.

ومن ذلك «إصلاح القطاع الأمني والعسكري» و«توحيد مراكز القرار داخل الدولة» والواضح أن الحديث لا يتعلق فقط بدمج «قوات الدعم السريع» بالمؤسسة العسكرية فحسب، بل يتطرّق أيضا إلى الامتيازات المالية التي تمتلكها شركات الجيش، ودور رئيس الوزراء والمكوّن المدنيّ برمّته.

فيما يقوم حمدوك بتوصيف ما يحصل بـ«أزمة وطنية شاملة» تحذر أطراف سياسية من انفجار داخل مكونات الحكم وعن «إرهاصات كثيرة تتحدث عن القيام بتغيير عنيف في مراكز القوى».

قد تكون مبادرة حمدوك متأخرة كثيرا غير أن التفاف القوى المدنية حولها، وحصولها على دعم إقليمي ودولي، قد يسمح للاستغاثة بالتحوّل فعلا إلى آلية ممكنة للخروج من انسداد الأفق وإمكانية انفجار الأوضاع بشكل لا تحسب عقباه.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، مبادرة حمدوك، عبد الله حمدوك، الأزمة الوطنية، قضايا الانتقال، قوات الدعم السريع، المؤسسة العسكرية، إصلاح القطاع الأمني، إعلان الحرية والتغيير،

حمدوك يبحث مع ماكرون الأوضاع في السودان