بعد 26 عاما على محاولة اغتيال مبارك.. مصر والسودان من الشقاق إلى التحالف أمام تهديدات إثيوبيا

الأحد 27 يونيو 2021 01:38 م

26 عاما مرت على محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل "محمد حسني مبارك" في أديس أبابا تحولت فيها العلاقات المصرية السودانية من الشقاق إلى التحالف ضد مخاطر تصل إلى مستوى التهديد الوجودي ومن ذات البلد.. إثيوبيا.

ومع اقتراب الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، الذي يهدد الحقوق التاريخية لمصر والسودان في نهر النيل، تتصاعد التساؤلات عما إذا كان الخيار العسكري لا يزال مطروحا مع فشل طاولة المفاوضات في حل الخلافات بين شركاء النهر، وما إذا كان اشتراك القاهرة والخرطوم في هكذا خيار ممكنا.

وتعود القصة إلى عام 1995، بعد وصول الوفد المصري المشارك بمؤتمر القمة الأفريقي إلى أديس أبابا، حيث تمت مراسم الاستقبال الرسمي في المطار، وكان الرئيس "ملس زيناوي" على رأس المستقبلين، ورحب بالرئيس المصري "حسني مبارك" وودعه إلى السيارة التي ستقله إلى مقر المؤتمر.

وأثناء سير الركب المقل للوفد المصري، تعرضت بعض سياراته لطلقات من أسلحة نارية يحملها بعض الأفراد، لكن قوة الحراسة المصرية المصاحبة للوفد سارعت بالرد على هذا الهجوم المباغت، وتمكنت من إصابة 3 من المهاجمين لقي 2 منهم مصرعهما".

كان هذا ما جاء في بيان مقتضب أذاعه التلفزيون المصري 26 يونيو/حزيران 1995، الذي صار حديث الساعة في الشارع المصري، في حين انطلقت الوفود إلى قصر القبة الرئاسي في مصر الجديدة، لتكون في استقبال "مبارك"، الذي نجا قبل ساعات من مؤامرة لاغتياله خارج الحدود.

وصف "مبارك" من هاجموه بأنهم "شوية رعاع"، وحكى تفاصيل وصوله إلى مطار أديس أبابا ثم ركوبه سيارته المصفحة، وقال إن حراسته أخفت أسلحتها عن السلطات الأثيوبية التي "حاولت تقليصها"، وبعد تعرض الموكب للهجوم عاد بسيارته إلى المطار وقابل الرئيس الأثيوبي الذي بدا مضطربا.

وأضاف أن الفيلا التي استخدمها منفذو الهجوم كانت مؤجرة لأفراد سودانيين، وكانت فيلا شديدة الفخامة، وفي تصريحات أخرى أشار لجنسية أحد المهاجمين بأنه سوداني، مضيفا: "للأسف الشديد الشبهات كلها تحوم حول عمليات تخرج من السودان".

وفي لقاء تلفزيوني أذيع قبل أشهر، قال "عمرو موسي"، الذي كان وزيرا لخارجية مصر حين وقوع الحادثة ثم تولى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إن "مبارك" كان مترددا في الذهاب إلى أثيوبيا، لكنه نصحه بالذهاب وضرورة الحضور، "ولو ليوم واحد أو نصف يوم"، وكان "عمر سليمان" –رئيس المخابرات العامة وقتها- موجودا، وقال "سليمان": "إن لكل شيء علاجًا"، وأكد أنه سيرسل سيارة مصفحة مع "مبارك".

وفي منطقة تبعد نحو كيلومتر واحد عن المطار، ظهر مسلحون يضربون النار على موكب "مبارك"، وتصدى لهم الحرس الجمهوري، وطلب الرئيس المصري من سائقه الرجوع إلى المطار، وقرر العودة إلى القاهرة مع الوفد المصري، لكن "موسى" اجتمع مع "مبارك" في الطائرة عند استعدادها للانطلاق، وطلب منه النزول وحضور القمة، فوافق "مبارك" على نزول "موسى" مع "عمر سليمان"، وعادوا لاجتماع القمة.

وبدوره، حكى اللواء "رأفت الحجيري"، الذي عمل ضمن الحرس الشخصي لـ"مبارك" لسنوات طويلة، روايته قائلا إن مصر طالبت إثيوبيا بتوفير مدرعة لحماية الرئيس، لكنها ردت "بعدم قدرتها"، ولذلك اصطحب الرئيس معه سيارة مصفحة وسائقا مصريا إضافة إلى طاقم الحراسة.

وفي حوار مع صحيفة الدستور المصرية، العام الماضي، قال "الحجيري" إن سيارة محملة بالمتفجرات اعترضت طريق الموكب بينما بدأ المهاجمون بإطلاق الرصاص وقتلوا رجل أمن إثيوبي نزل من سيارته المرافقة للموكب لاستطلاع الأمر.

وأضاف أن حراس "مبارك" قاموا بالاشتباك مع المهاجمين ونجحوا في إصابتهم، مشيرا إلى أن "مبارك" كافأهم لاحقا بأوسمة عسكرية ورحلات حج.

وفي لقاء مع برنامج "شاهد على العصر" على قناة "الجزيرة"، قال زعيم ومؤسس الحركة الإسلامية في السودان الراحل "حسن الترابي" إنه لم يعلم بعملية الاغتيال إلا من نائبه "علي عثمان"، نائب الأمين العام "للجبهة الإسلامية القومية"، حيث أخبره بأن أجهزة الأمن المصرية تتهمه بالتورط في عملية اغتيال "مبارك".

لم تكن هذه هي المحاولة الأولى التي تخطط لاغتيال "مبارك"، ففي 2017 كشفت وثائق بريطانية حصلت عليها بي بي سي (BBC) بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا أن مصر أبلغت السلطات البريطانية بمعلومات تفصيلية عن مؤامرة لاغتيال "مبارك" قبل 6 أيام من زيارته لندن عام 1983، لكن الزيارة تمت دون مشكلات أمنية تذكر.

بيد أن محاولة الاغتيال في أديس أبابا تبقى المحاولة الأشهر لاغتيال "مبارك"، التي يتم الإعلان عنها واستغلالها إعلاميا وسياسيا، حيث تبعها اشتباكات بين جنود مصريين وسودانيين على الحدود المصرية السودانية، وأحكم الجيش المصري سيطرته على مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين الجانبين، كما كانت حافزا لتوتر العلاقات المصرية مع إثيوبيا، وابتعاد مصر عن القارة الأفريقية، مما مهد طريق أديس أبابا لبناء سد النهضة لاحقا.

وإزاء ذلك، مرت العلاقات المصرية السودانية بحالة من التوتر المتصاعد، جرى تسكينه في عهد الرئيس السوداني المخلوع "عمر البشير"، لكن آثاره تبدو ماثلة في أذهان عديد السياسيين، خاصة في السودان، حيث يطرح الكثير منهم قضية حلايب باعتبارها "ثمنا" لأي تعاون مع مصر في ملف سد النهضة.

وفي وقت سابق الجمعة الماضي، قال مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية، إن بلاده مستعدة للدفاع عن "سد النهضة" ضد أي هجوم يمس سيادتها، وذلك بعد رسالة بعثت بها أديس أبابا إلى مجلس الأمن ترفض تدخله في قضية السد.

وأضاف الجنرال الإثيوبي -في لقاء مع قناة "روسيا اليوم"- أنه "لا حل عسكريا لأزمة السد"، مشيرا إلى أن مصر لا يمكنها تدميره حتى لو أرادت ذلك".

وأكد المسؤول العسكري الإثيوبي أنه بمجرد الانتهاء من الملء الثاني لخزان السد، ستأتي مصر والسودان للتفاوض مع بلاده حول تقاسم مياه النيل وليس على مسألة السد، مشيرا إلى أن القاهرة والخرطوم ستسعيان لحماية السد كي لا يجرفهما الطوفان إلى البحر المتوسط، في حال تدميره.

فهل ستظل ظلال الماضي راسخة إزاء تهديد إثيوبيا لمصر والسودان معا أم يتجاوز البلدان الماضي لحماية مستقبلهما معا؟ موقف القاهرة والخرطوم من الملء الثاني المرتقب لسد النهضة يحمل الإجابة. 

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

حسني مبارك أديس أبابا عمرو موسى السودان حسن الترابي إثيوبيا مصر

حيا وميتا.. علاقة استثنائية جمعت بين إسرائيل وحسني مبارك

للمشاركة في اجتماع لدول حوض النيل... وزير الري السوداني يزور إثيوبيا