استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أسئلة الاشتراكية العربية

الخميس 1 يوليو 2021 03:06 م

أسئلة الاشتراكية العربية

أسئلة كثيرة ومعقدة لكن ما لا يمكن قبوله استمرار الحالة السياسية الاقتصادية العربية الحاضرة إذ ستقود لمزيد من الأزمات والكوارث مستقبلاً.

لم يوضع شرط توفر الديمقراطية التمثيلية في الحكم الاشتراكي العربي من منطلق أن تقود وتهيمن الطبقة العاملة صاحبة المصلحة على الحياة السياسية.

جاء النظام العولمي في العقود الأربعة الماضية بأزمات كارثية أفقرت الملايين وأغنت القلة ودمّرت البيئة وسطحت الثقافة وشوهت النظام الديمقراطي.

ثمة ضرورة لدراسة التجارب الاشتراكية العربية السابقة بعلمية وموضوعية لنرى نوع التطوير المطلوب بفكر سياسي اقتصادي عربي يحتضن العدالة الاجتماعية.

الاقتصاد العربي ريعي غير إنتاجي ينفق أكثر مما ينتج من فوائض مالية فهل يتعارض ذلك مع التوجه نحو نظام اشتراكي ملتزم بمتطلبات العدالة الاجتماعية؟

*     *     *

الحديث عن ضرورة تواجد قدر كاف من العدالة الاجتماعية في بلاد العرب، بكل مكوناتها الأساسية المتفق عليها في أدبيات الفكر السياسي، مضافاً إليها مكونات جديدة تطالب بها هذه الجماعة، أو تلك، يطرح منطقياً سؤال النظام السياسي ـ الاقتصادي الأفضل لإدارة أنظمة العدالة الاجتماعية، وحمايتها وتطويرها الدائم نحو الأشمل والأحسن.

ومن المؤكد أن نظام الرأسمالية النيوليبرالية لن يكون الأفضل:

- أولا بسبب تعارض الكثير من أسسه ومنطلقاته، مثل تقليص حجم الحكومات ومسؤولياتها، لتقتصر أساساً على الأمن الخارجي والداخلي، وبعض الخدمات الاجتماعية المحدودة للفقراء، وترك كل ما يتعلق بالاقتصاد لمنطق السوق الحر المتنافس، وتفضيل متطلبات الفردانية على متطلبات الجماعة، والتعايش مع الفروق الهائلة الظالمة، في توزيع ثروات المجتمع المادية والمعنوية وغيرها… يتعارض كل ذلك مع أسس ومنطلقات فكر ومنهجية العدالة الاجتماعية.

- ثانياً بسبب ما جاء به هذا النظام العولمي، خصوصاً في الأربعين سنة الماضية، من أزمات وتطورات كارثية، أفقرت الملايين وأغنت القلة، ودمّرت البيئة، وسطحت الثقافة وشوهت النظام الديمقراطي.

إذن فالمنطق يقتضي التفتيش عن نظام سياسي ـ اقتصادي آخر، يختلف جذرياً عن ذاك النظام الفاشل، إذ أن منطق الترقيع والإصلاحات الهامشية، وترك الأمور للزمن ليحلها، جرى تجريبه ولم يجدِ.

من المؤكد أن النظام الجديد سيختلف باختلاف البلدان وتاريخها وثقافتها، وتجاربها الحياتية، ومقدار الأضرار التي جاء بها نظام الرأسمالية النيوليبرالية في تطبيقاته المجنونة، التي لا يهمها إلا الحاضر، ولو على حساب المستقبل، وإلا مقدار الربح، ولو على حساب العدالة والإنصاف، وإلا مطالب مالك الرأسمال، ولو على حساب العامل المجتهد المنهك.

بالنسبة لنا، نحن العرب، مررنا منذ الاستقلال وقيام نظام الدولة الوطنية القطرية بأنظمة الإقطاع، والرأسمالية الليبرالية الكلاسيكية، ومحاولات ممارسة أشكال من الأنظمة الاشتراكية، وانتهينا، إلى القبول الأعمى والمفروض علينا، بالنظام الرأسمالي النيوليبرالي الذي نعيشه حالياً.

إذا كنا صادقين حقاً في تفعيل شعار العدالة الاجتماعية، الذي طرحته جموع الملايين من الشعب العربي خلال العشر السنوات الماضية، ليكون موجوداً في الواقع العربي، فإننا بحاجة لأن نعترف بضرورة دراسة التجارب الاشتراكية العربية السابقة بعلمية وموضوعية، لنرى نوع التطوير المطلوب في الفكر السياسي الاقتصادي العربي، القادر على احتضان العدالة الاجتماعية.

فمثلاً لم يوضع شرط توفر الديمقراطية التمثيلية في الحكم الاشتراكي العربي، من منطلق أن تقود وتهيمن الطبقة العاملة، صاحبة المصلحة، على الحياة السياسية.

فهل أن مفهوم الطبقية الماركسية، بصفاتها وعلاقاتها القديمة، لا يزال ينطبق على ساحات الإنتاج في عصرنا الحالي، خصوصاً بعد عولمة وتفتيت عمليات الإنتاج، والمبالغة الشديدة في تخصصات عمليات الإنتاج، وبعد الإضعاف الشديد للمؤسسات النقابية، وسلبها استقلاليتها والإمعان في تجزئتها والنجاح في جعل بعضها تابعة لجهات السلطة المالية أو سلطة الحكم؟

أو مثلاً حل ما يطرحه الفكر الماركسي من ضرورة وجود نظام رأسمالي إنتاجي قادر على إيجاد فائض مالي، من أجل استعمال ذلك الفائض لتمويل وإدارة متطلبات الانتقال إلى النظام الاشتراكي.

في الأرض العربية ذلك يمثل مشكلة، إذ أن الاقتصاد العربي هو اقتصاد ريعي غير إنتاجي، وهو يصرف أكثر مما ينتج من فوائض مالية. ألا يتعارض ذلك مع التوجه نحو أي نظام اشتراكي ملتزم بكل متطلبات العدالة الاجتماعية الكثيرة التي فصلناها في مقال الأسبوع الماضي؟

وفي هذه الحالة أليس قيام نوع من الوحدة العربية هو الجواب على هذا السؤال؟ أو مثل الموقف العربي مما يطرحه الغرب الرأسمالي حالياً على نفسه بشأن دمج العديد من الجوانب الماركسية في النظام الرأسمالي الحالي، من أجل التقليل من توحشه وأزماته؟ هل يمكن الإستفادة من ذلك الطرح الغربي في حل الموضوع الاشتراكي العربي؟

الأسئلة كثيرة ومعقدة، لكن ما لا يمكن قبوله هو استمرار الحالة السياسية ـ الاقتصادية العربية الحاضرة، إذ ستقود إلى مزيد من الأزمات والكوارث مستقبلاً.

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

العرب، اقتصاد السوق، الاشتراكية، العدالة الاجتماعية، الرأسمالية النيوليبرالية،