كيف استغل السيسي حرب غزة لتحسين صورته عند إدارة بايدن؟

الجمعة 2 يوليو 2021 06:05 م

"فرصة السيسي.. ديكتاتور مصر يقدم المساعدة لغزة ويحسن صورته".. بهذه الكلمات عنونت مجلة "إيكونوميست" تقريرا لها في عددها الجديد، عن تحركات الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، السريع لمساعدة غزة كفرصة لتحسين صورته عند إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن".

وذكر التقرير أنه "للوهلة الأولى ظنّ الناظر أن السيسي يقوم بحملة انتخابية ليصبح رئيس فلسطين".

ولفت التقرير إلى ظهور بشكل مفاجئ عشرات الصور لـ"السيسي"، في قطاع غزة، وباقتباس وحيد: القضية الفلسطينية موضوع مركزي لمصر.

كما زُيّنت الشوارع الرئيسية بالأعلام المصرية، وتجمع حشد من الشباب للترحيب بـ"عباس كامل" مدير مخابرات "السيسي"، الذي مر موكبه سريعا في القطاع، حتى سخر أحد المارة المسنين بالقول: "تظن أن (الرئيس المصري الراحل جمال) عبدالناصر قد جاء لتحرير فلسطين".

وتعلق المجلة، أن "المشهد لم يكن متخيلا قبل سنوات، فمصر وإسرائيل فرضتا حصارا على غزة منذ 2007، عندما قامت حركة حماس بالسيطرة على السلطة، ثم تدهورت العلاقات أكثر عام 2013 عندما سيطر السيسي على السلطة بانقلاب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي".

ورأت حكومة "السيسي"، حماس على أنها نبتة للإخوان المسلمين، الذين أطيح بهم في مصر، ورغبت بخنقها أكثر، وقامت بإغراق مئات الأنفاق التي تمتد بين غزة ومصر وتمر منها البضائع والأسلحة إلى القطاع.

ولاحظت المجلة أن نبرة "السيسي"، تغيرت منذ الحرب القصيرة بين حماس وإسرائيل، التي استشهد فيها 250 فلسطينيا وقتل فيها 13 إسرائيليا.

وقامت مصر بالتوسط في وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب في 21 مايو/أيار، كما تعهدت بنصف مليار دولار للمساعدة في إعادة إعمار غزة، وأرسلت قوافل من المساعدات الإنسانية.

وتعلق المجلة على ذلك بالقول: "كل هذا مساعد للفلسطينيين، لكنه يعزز سمعة السيسي أكثر".

وتنقل عن المحلل السياسي في غزة "عمر شعبان"، قوله: "كان السيسي الرابح الأكبر من الحرب".

وترى المجلة، أن التحرك المصري باتجاه غزة، أعطى "السيسي" دفعة دبلوماسية كان بحاجة ماسة إليها، فقد كان قريبا من الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، الذي أطلق عليه "ديكتاتوري المفضل"، إلا أن خليفته "بايدن" لم يظهر ترحيبا.

كما انتقد الكثير من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين في الكونجرس الديكتاتورية الوحشية لـ"السيسي".

فمنذ 2013، قامت الشرطة المصرية، بحملات اعتقال واسعة للمصريين شملت مواطنين أمريكيين، مات أحدهم، وهو "مصطفى كريم" في السجن العام الماضي، بعد محاكمة صورية.

ولم يتحدث "بايدن" مع "السيسي" في أول أربعة أشهر له في البيت الأبيض، لكن الحرب في غزة غيرت كل هذا، فقد تلقى "السيسي" مكالمتين من "بايدن" في أسبوع واحد، وتبعتهما زيارة وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" إلى القاهرة.

وحسب الإيجازات الرسمية للمكالمتين، لم يتحدث "بايدن" عن موضوع حقوق الإنسان إلا بشكل عابر.

وفي داخل "مصر"، استخدم "السيسي" الحرب لمنفعته، وأرسل 120 شاحنة مساعدات زينت صورة "السيسي" بعضها.

وحاول الإعلام المؤيد له تصوير المساعدات على أنها "هدية" منه، وجاءت معظم المساعدات من صندوق "تحيا مصر" الذي أنشأه لكي ينفق من خلاله على مشاريعه المفضلة.

وفي 9 يونيو/حزيران، نقل التلفزيون المصري برنامجه الصباحي مباشرة من غزة، حيث كان مقدما البرنامج يبتسمان بطريقة غير لائقة، وسط بناية مدمرة، رُفعت عليها الأعلام المصرية، وتحدثا بإفراط واضح عن الجهود المصرية التي وصفت مرة أخرى بأنها "مبادرة من الرئيس".

كما غيرت حماس لهجتها هي الأخرى، ففي 2017 قطعت علاقاتها مع حركة الإخوان المسلمين، مؤكدة أنها حركة محلية فلسطينية، في جهد واضح لتهدئة مصر.

ويتحدث قادة حماس عن التزامهم بالأمن المصري، وهذا بحد ذاته تغيّر.

فبعد سيطرة "السيسي" على الحكم، سمحت الحركة للمسلحين الذين قاتلوا "السيسي" في سيناء، بالتسلل إلى غزة وتلقي العلاج الطبي واستخدامها كملجأ لهم.

وأغضب هذا الموقف الحكومة المصرية، لكن حماس أوقفت هذه السياسة بهدوء منذ عدة سنوات.

وإذا بدت هذه المودة بين مصر وحماس مفروضة، فهي ضرورية لأن مصر تلعب دورا مهما في المنطقة.

وفي الوقت الذي قدمت فيه قطر أكثر من مليار دولار لغزة منذ عام 2012، ولها تأثير على حماس، وفتحت الإمارات علاقات مع إسرائيل، إلا أن مصر هي الأكثر تأثيرا في غزة، وتثق بها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

لكل هذا، كانت مصر في وضع جيد للتفاوض على تهدئة في الحرب الأخيرة أكثر من الدول الأخرى.

ومع ذلك، فالحفاظ على التهدئة أمر صعب، وبعد أربعة حروب و14 عاما من الحصار، هناك حرب قادمة طالما لم يخفف الحصار ولم يتم إعمار القطاع.

وكانت زيارة "كامل" إلى غزة هي أعلى زيارة يقوم بها مسؤول مصري منذ الانقلاب، وقصد منها حل المشكلة بين حماس وإسرائيل.

ومنذ ذلك الوقت، التقى في القاهرة مسؤولون من الطرفين، لكن التقدم بطيء.

ولا تريد إسرائيل إعمار غزة حتى يتم الإفراج عن جنديين أُسرا في حرب 2014 مع جثتي جنديين آخرين.

وعلى الرغم من أن حماس منفتحة على الصفقة، لكنها تريد مبادلتهم بأسرى فلسطينيين وليس المساعدة في الإعمار.

وتختم المجلة بالقول: "في الوقت الذي حصل فيه السيسي على ما يريد من الحرب، يشك الفلسطينيون في حصولهم على شيء".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

السيسي حرب غزة فلسطين إدارة بايدن حقوق الإنسان ترامب

إعادة الإعمار.. هل تسعى مصر لوجود دائم في قطاع غزة؟

الثاني في أيام.. بايدن يهاتف السيسي حول غزة وسد النهضة وحقوق الإنسان

و.بوست: بايدن أمام اختبار مصري حاسم لإثبات جديته في الدفاع عن الديمقراطية

الخارجية الأمريكية: لدينا مخاوف عميقة من انتهاكات حقوق الإنسان بمصر

تغيير أم استمرارية؟.. سياق حقوق الإنسان في العلاقات الأمريكية المصرية بعهد بايدن

اللقاء العلني بين جنرالات مصريين وإسرائيليين.. رسالة إلى إيران وبايدن