استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فرنسا تشعر بالمرارة بسبب فضيحة بيغاسوس

الثلاثاء 27 يوليو 2021 12:36 م

فرنسا تشعر بالمرارة بسبب بيغاسوس

كشفت فضيحة بيغاسوس ضعف فرنسا والدول الأوروبية وعجزها عن حماية أمنها الرقمي وهشاشتها أمام كل حرب سيبرانية.

أبرز ملف بفضيحة بيغاسوس تعرُّض الرئيس الفرنسي للتجسس على هاتفه حيث كان رد فعل باريس استثنائيا، معتبرة الهجوم بمثابة حرب حقيقية.

فرنسا الجريحة تعرضت كرامتها للإهانة بسبب تجسس حلفائها هي فرنسا التي تبيع برامج تجسس للأنظمة نفسها لقمع المعارضين ودعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

هدد ناشطون حقوقيون باللجوء للقضاء الفرنسي ضد ولي عهد الإمارات محمد بن زايد الذي أقامت استخباراته منظومة تجسس ضخمة على شاكلة إيشلون الأنكلوسكسوني.

تشعر فرنسا بمرارة للاحتقار الذي تعاملت به معها إسرائيل التي منعت الشركة المصنعة لبيغاسوس من التجسس على هواتف روسية وصينية وأمريكية وبريطانية.

لم تتجسس الأنظمة العربية على علماء دول أخرى للحصول على أسرار صناعية لتطوير صناعتها بل وظفتتها لمراقبة دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومناهضي الفساد.

*     *     *

يعيش العالم على إيقاع فضيحة بيغاسوس، برنامج التجسس الذي كانت تقوم بتصنيعه الشركة الإسرائيلية NSO، واقتناه عدد من الدول، على رأسها الدول العربية، للتجسس على دعاة الديمقراطية وبعض الدول.

ولعل أبرز ملف في هذه الفضيحة هو الذي، يفترض أنه تعرض له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث كان رد فعل باريس استثنائيا، معتبرة الهجوم بمثابة حرب حقيقية. وهناك معطيات معينة بين المادية والنفسية، تفسر رد فعل فرنسا التي شعرت بنوع من الاحتقار.

في هذا الصدد، يتابع العالم فضيحة التجسس التي نفذها عدد من الدول ضد صحافيين وحقوقيين وسياسيين في شتى الدول وعلى رأسها العربية. وكالعادة في الحالة العربية.

لم تتجسس الأنظمة العربية الممثلة في استخباراتها على علماء نابغين من دول أخرى، أو سعت الى الحصول على أسرار صناعية استثنائية لتطوير صناعتها. بل وظفت المال العام لمراقبة المطالبين بإرساء الديمقراطية وضد فاضحي الفساد، والمنددين بخروقات حقوق الإنسان.

وبادرت الشركة الإسرائيلية المصنعة للبرنامج إلى إغلاق أبوابها تجنبا للملاحقة من طرف القضاء الدولي، بهدف محو علامات الجريمة، في انتظار إعادة الفتح تحت اسم آخر  وربما جنسية أخرى، طالما العالم دخل في حرب سيبرانية تتطلب أسلحة من نوع بيغاسوس.

ولعل الفصل المشوق في هذه الفضيحة هو التجسس الذي تعرضت له فرنسا، ولاسيما الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه، ويتم توجيه الاتهام إلى المغرب، وهذا الأخير ينفي نفيا قاطعا التجسس على ماكرون، أو أن يكون قد اقتنى برنامج التجسس بيغاسوس.

في المقابل تقدم بدعوى مضادة أمام القضاء الفرنسي ضد منظمة العفو الدولية ومنظمة فوربيدن ستوريز. لقد كان رد فعل فرنسا، وإن لم تسمي الدولة التي تجسست عليها، استثنائيا بكل المقاييس. في هذا الصدد، أقدمت باريس على خطوتين:

أولا اعتبار التجسس الذي تعرضت له بمثابة اعتداء على الأمن القومي للبلاد، أي أنه حرب من نوع آخر، ولهذا عقد الرئيس اجتماعا استثنائيا لمجلس الدفاع، الخميس الماضي، ولم يعقد اجتماعا حكوميا.

وهذا يحمل دلالة كبيرة، ويعني تولي المؤسسة العسكرية الملف وليس الفاعل السياسي، نظرا لحساسيته ونوعية الإجراءات التي قد يتم اتخاذها، إذ يوجد فرق بين القرار الذي يتخذه السياسي، والقرار الذي يشارك في اتخاذه العسكري. ولو لم تتأكد فرنسا من التجسس على رئيسها ماكرون، لما عقدت اجتماعا دفاعيا استثنائيا.

وثانيا، لم تتهم فرنسا المغرب مباشرة، على الرغم من توجيه وسائل إعلام فرنسية مثل جريدة «لوموند» أصابع الاتهام الى الرباط بالتجسس على ألف هاتف فرنسي، بل فضّلت فرنسا التوجه مباشرة الى إسرائيل، طلبا للاستفسار والتوضيح، بحكم أن إسرائيل هي التي تصنع برنامج بيغاسوس، ومسؤولة عن تسويقه.

وقام الرئيس ماكرون بنفسه بطلب توضيحات من رئيس حكومة إسرائيل. وتترك فضيحة التجسس هذه حسرة في نفسية الطبقة السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية في فرنسا، وتمتد إلى أوروبا للأسباب التالية:

في المقام الأول، عملية التجسس التي تعرضت لها فرنسا جاءت من طرف حلفاء لها، تجمعها بهم علاقات متينة، عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية، حيث تشير أصابع الاتهام علانية إلى المغرب، الذي ينفي قيامه بهذا العمل، ثم إلى إسرائيل الصامتة كعادتها، كما تشير أصابع الاتهام في صمت إلى بلدين عربيين وهما السعودية والإمارات العربية.

وتوجد شبهات كبيرة حول البلد الأخير، كذلك بعدما كان بعض الناشطين الحقوقيين يهددون باللجوء إلى القضاء الفرنسي ضد ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، الذي أقامت استخباراته «إيشلون عربي» على شاكلة إيشلون الأنكلوسكسوني، الذي كان أكبر مشروع استخباراتي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، قبل انفضاحه.

في المقام الثاني، تشعر فرنسا بالمرارة نظرا للاحتقار التي تعاملت به معها إسرائيل، فقد أجبرت حكومة إسرائيل شركة NSO المصنعة لبرنامج بيغاسوس على عدم التجسس على أرقام الهواتف الروسية والصينية والأمريكية، وهناك حديث عن البريطانية كذلك.

ويعود القرار إلى تخوف إسرائيل من رد فعل قوي من الدول الثلاث، التي تمتلك القدرة السيبرانية على تنفيذ هجوم كاسح ضد مصالح إسرائيل، ورغم تقدم إسرائيل في مجال التجسس المرتبط بالإنترنت، تبقى دون قوة الدول الثلاث، خاصة الصين.

كما تخوفت من القضاء الأمريكي الذي يحقق عبر محكمة في سان فرانسيسكو ومنذ 2019 في اختراق بيغاسوس لبرنامج واتساب، حيث كان برنامج واتساب أول من نبه إلى برنامج التجسس هذا، وأخبر في تلك السنة 1400 شخص في العالم بتعرض هواتفهم للتجسس. وتقدم بالدعوى سنة 2019 كل من مؤسسة فيسبوك وغوغل ومايكروسوفت.

في المقام الثالث، كشفت هذه الفضيحة ضعف فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي على حماية أمنها الرقمي، وهشاشتها أمام كل حرب سيبرانية. ومع اندلاع كل فضيحة، مثل تسريبات إدوارد سنودن، الذي فضح سنة 2014 تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي على العالم، تكون دول الاتحاد الأوروبي هي الضحية الأولى، كما هي ضحية الهجمات من روسيا، وأساسا الصين التي تخترق المجال الرقمي الأوروبي، وبالخصوص الألماني والفرنسي بحثا عن سرقة الأسرار الصناعية.

وهذه الفضيحة الجديدة هي التي تجعل الأصوات ترتفع مجددا وسط فرنسا والاتحاد الأوروبي بضرورة تعزيز صناعة البرامج السايبرانية مستقبلا لحماية الأمن القومي الأوروبي.

في غضون ذلك، فرنسا الجريحة التي تعتبر أن كرامتها قد تعرضت للإهانة بسبب عملية التجسس من حلفائها، هي فرنسا التي تبيع برامج تجسس إلى الأنظمة نفسها للتجسس على المعارضين ودعاة الديمقراطية وأنصار حقوق الإنسان.

* د. حسين مجدوبي كاتب مغربي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل، تجسس، المغرب، بيغاسوس، فرنسا، ماكرون، NSO، الشركة الإسرائيلية، السعودية، الإمارات، السايبر، محمد بن زايد،

القضاء الفرنسي يرد دعاوى التشهير التي رفعها المغرب ضد منظمات ووسائل إعلام