استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قيس سعيّد يستوحي من السيسي

الأربعاء 28 يوليو 2021 11:20 ص

قيس سعيّد يستوحي من عبد الفتّاح السيسي

قرار سعيّد «تجميد» مجلس النواب لا يعدو كونه احتيالاً منافقاً على نصّ دستوري حرّم حلّ المجلس لدى العمل بالفصل 80 بغية الحفاظ على الديمقراطية.

خرق قيس سعيّد الدستور بوضوح بإقالة مجلس الوزراء وتجميده لمجلس نواب الشعب ورفعه الحصانة عن أعضائه بالجملة عوضاً عن استشارة رئيسي المجلسين.

كل من يدّعي أن تدابير سعيّد «الاستثنائية» إجراءات دستورية يحاول عبثاً تغليف تأييده لانقلاب سافر على الدستور والشرعية الديمقراطية بغلاف شفّاف للغاية.

ما خوّل سعيّد تنفيذ انقلابه ليس سوى تأييد القوات المسلّحة لقراراته بل أن صورة اجتماعه بقادة الأجهزة المسلّحة عند إعلان قرارته تؤكد أن ما جرى انقضاض على الديمقراطية.

*     *     *

كل من يدّعي أن التدابير «الاستثنائية» التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم الأحد الماضي هي إجراءات «دستورية» إنما يحاول عبثاً تغليف تأييده لما هو انقلاب سافر على الدستور وعلى الشرعية الديمقراطية بغلاف شفّاف للغاية.

والحقيقة أن ادّعاء سعيّد نفسه بأن قراراته «دستورية» إنما يشير إلى أن فهمه للقانون الدستوري مستمدّ من تجربته في منصب الأمين العام للجمعية التونسية للقانون الدستوري بين عامي 1990 و1995، وفي منصب نائب رئيس تلك الجمعية منذ 1995 في ظل دكتاتورية زين العابدين بن علي التي يعلم الجميع مدى اعتمادها على الحذافير الدستورية.

فإن الفصل 80 من الدستور التونسي الذي استشهد بها سعيّد ينصّ على أن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب».

كما ينصّ الفصل 80 على أنه «يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعدّ مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طوال هذه المدة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة».

فحتى لو افترضنا أن وضع تونس كان قد بلغ «حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها» وهو افتراض بعيد عن الواقع، فإن قيس سعيّد قد خرق الدستور بكل وضوح بإقالته لمجلس الوزراء وتجميده لمجلس نواب الشعب ورفعه الحصانة عن أعضائه بالجملة، عوضاً عن استشارة رئيسي المجلسين.

كما أنه لمن الجلي تماماً أن قرار سعيّد «تجميد» مجلس النواب لا يعدو كونه احتيالاً منافقاً على النصّ الدستوري الذي حرّم حلّ المجلس في ظلّ العمل بالفصل 80 بغية الحفاظ على الديمقراطية من خلال موازنة السلطة التشريعية للسلطات التي قد يمسك رئيس الجمهورية بزمامها بحجة الحالة الاستثنائية.

بل إن قيس سعيّد قد حصر كافة السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية (النيابة العامة) بين يديه ضربة واحدة بما يتعدّى الصلاحيات التي منحها لنفسه كلٌّ من زين العابدين بن علي في انقلاب «7 نوفمبر» (1987) وعبد الفتّاح السيسي في انقلاب «3 يوليو» (2013).

أما ما خوّل ذلك فليس حيازة سعيّد على شرعية شعبية خارقة، وقد انتخُب رئيساً بأصوات أقل من 40 بالمئة من مجموع الناخبين في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية قبل عامين (72.7 بالمئة من أصل 55 بالمئة أدلوا بأصواتهم) بعد أن صوّت له أقل من 9 بالمئة من الناخبين في الدورة الأولى (18.4 بالمئة من أصل 49 بالمئة أدلوا بأصواتهم).

بل إن ما خوّل سعيّد تنفيذ انقلابه ليس سوى تأييد القوات المسلّحة التونسية لقراراته، والحال أن صورة الاجتماع الذي ضمّه وقادة الأجهزة المسلّحة التونسية عند إعلانه لقرارته كفيلة بأن تؤكد لمن ساوره شكّ في الأمر أن ما جرى في تونس يوم الأحد الماضي هو انقضاض على الديمقراطية من نوع ما ألفنا في منطقتنا كلمّا تأزّمت الأوضاع في بلد ما.

وقد أكّدت الأحداث صحة التقدير الذي تم التعبير عنه على هذه الصفحات بين دورتي الانتخابات التونسية قبل عامين في مقال بعنوان «أهم دروس الانتخابات التونسية» («القدس العربي» 17/9/2019) أشرنا فيه إلى «علّة أساسية في النظام الدستوري الذي اعتمدته كلٌ من مصر وتونس بعد ثورتيهما والذي يستوحي من الأنظمة الرئاسية، الفرنسي منها على الأخص، فهذه صيغة قليلة الوفاء لشروط الديمقراطية الفعلية.

وقد كان أحرى بالبلدين أن يعتمدا نظاماً برلمانياً مصحوباً بآليات ديمقراطية حقيقية تتيح للناخبين استبدال نوّابهم لو حاد أي من هؤلاء عن الأهداف التي تمّ انتخابهم من أجلها.

وهذه الصيغة الأخيرة هي الوحيدة التي تليق بشعبين قاما بثورتين كان عنوانهما العريض «الشعب يريد».. فإن شرعية الرئيس أياً كان، الذي سوف تتمخّض عنه الدورة الثانية المقبلة في تونس، قد وُلدت هزيلة للغاية بما سوف يجعل حكمه حكماً بالغ الهشاشة في مرحلة من تاريخ تونس سوف تشهد لا مُحال عواصف اجتماعية متعاظمة.

وبدل أن يستطيع الشعب فرض مشيئته على الحكم بآليات ديمقراطية، سوف تؤدّي الأوضاع إلى أزمات سياسية ودستورية، لاسيما أن الغموض يكتنف الصلاحيات الرئاسية في النظام الدستوري التونسي الراهن. وهذا دربٌ محفوف بالمخاطر قد يؤدّي في نهاية المطاف إلى الوأد بالديمقراطية على غرار ما حصل في مصر».

وعلى غرار ما حصل في مصر قبل ثماني سنوات، فإن الجسم الأعظم لليسار التونسي متمثلاً بالحركة العمّالية، التي تعبّر عنها قيادة «الاتحاد العام التونسي للشغل» قد وقع في فخّ تأييد الانقلاب والتوهّم (وإيهام الشعب في آن واحد) بأنه مجرّد «تصحيح» للمسار الديمقراطي.

مثلما فعلت أبرز قوى اليسار المصري إزاء انقلاب 3 يوليو 2013 علماً بأن منظمات سياسية يسارية تونسية مثل «حزب العمّال» الذي يرأسه حمّة الهمّامي قد أدانت تدابير سعيّد وحذّرت من انزلاق البلاد من جديد نحو الدكتاتورية.

* د. جلبير الأشقر كاتب وأكاديمي من لبنان

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، انقلاب، حمة الهمّامي، زين العابدين بن علي، السيسي، قيس سعيّد، مجلس النواب، الفصل 80، اليسار، مصر، الاتحاد العام التونسي للشغل،

أثناء لقائه بنجلاء بودن في فرنسا.. السيسي يجدد دعمه لإجراءات قيس سعيد