اشتباكات سيناء وعقم الحلول الأمنية والعسكرية

الثلاثاء 3 أغسطس 2021 09:52 ص

اشتباكات سيناء وعقم الحلول الأمنية والعسكرية

تنظيم ولاية سيناء يحتفظ حتى الساعة بقدرات لا يستهان بها من حيث تجنيد الأنصار وتسليحهم وتأمين بنية تحتية قتالية متقدمة.

عشوائية عمليات الجيش المصري خلقت جماعات مسلحة لا تستهدفه من باب الولاء لتنظيم «ولاية سيناء» بقدر ما تسعى للثأر لأقربائها الضحايا.

التجارب المتلاحقة أثبتت عقم الحل الأمني العسكري وللأسف لا يأمل سكان سيناء في حلول سياسية واجتماعية واقتصادية تأتي من نظام السيسي.

أبرز سبب وراء استمرار الاشتباكات أن معالجة النظام المصري لانتشار التشدد وأعمال الإرهاب في سيناء اقتصرت على الحلول الأمنية والعسكرية.

تأخذ عمليات القوات المسلحة في سيناء صفة عشوائية لا تفرق بين مناطق مدنية مأهولة ومزارع وحقول وبين أوكار المسلحين وأنفاقهم ومعسكراتهم.

شملت عمليات الجيش المصري النوعية سابقا استخدام الطيران وأسلحة عالية التدمير ولم تضعف التنظيم بدرجة كافية أو تحاصره وتضيق أنشطته وكمائنه.

*     *     *

تجددت الاشتباكات بين القوات المسلحة المصرية وجماعات مسلحة تنشط شمال سيناء بصفة خاصة، وقال بيان الجيش المصري إن ثمانية من عناصره قتلوا خلال المواجهات، وسقط 89 في صفوف المسلحين.

وكانت هذه المواجهات المسلحة قد بدأت في العام 2013 وترافقت مع انقلاب عبد الفتاح السيسي والإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وبرز فيها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بدل اسمه في خريف 2014 إلى «ولاية سيناء» بعد أن بايع تنظيم «الدولة الإسلامية».

ومنذئذ لا تتوقف الاشتباكات بين القوات المسلحة المصرية وأفراد هذا التنظيم إلا وتندلع مجدداً في أماكن مختلفة من سيناء، وقد أسفرت عن مقتل مئات من أفراد الجيش والشرطة والمسلحين، وأكثر من 1000 مدني.

وبالإضافة إلى العدد الكبير من القتلى في صفوف المسلحين، ذكر بيان القوات المسلحة المصرية أنه دمر 13 نفقاً اعتاد المسلحون على استخدامها في التسلل إلى عمق سيناء، كما نجح في تدمير 200 عربة دفع رباعي وصادر الكثير من الأسلحة والذخائر.

وهذا يعني أن التنظيم يحتفظ حتى الساعة بقدرات لا يستهان بها من حيث تجنيد الأنصار وتسليحهم وتأمين بنية تحتية قتالية متقدمة.

لكن الدلالة التالية التي لا تقل أهمية هي أن عمليات الجيش المصري النوعية السابقة، التي شملت في الماضي استخدام الطيران وصنوف الأسلحة عالية التدمير، لم تفلح في إضعاف التنظيم بدرجة كافية ولم تنجح في محاصرته أو تضييق نطاق أنشطته وكمائنه.

وكان السيسي قد أطلق «العملية الشاملة سيناء 2018» التي شاركت فيها قوات كبيرة جوية وبحرية ومن حرس الحدود والشرطة، وحدد هدفها في «استخدام القوة الغاشمة» للقضاء على المسلحين خلال فترة أقصاها ثلاثة أشهر.

إلا أن فترة الهدوء النسبي التي أعقبت العملية سرعان ما شهدت تصاعد العمليات من جانب المسلحين، وتواردت الأنباء عن سقوط المزيد من القتلى والجرحى.

ولعل السبب الأبرز وراء استمرار الاشتباكات هو أن معالجة النظام المصري لظاهرة انتشار التشدد وأعمال الإرهاب في سيناء اقتصرت على الحلول الأمنية والعسكرية، فلم تشمل علاج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الأعمق التي عانى منها أهالي سيناء منذ عقود أعقبت توقيع اتفاقية كامب دافيد.

السبب الثاني هو أن عمليات القوات المسلحة في سيناء تأخذ غالباً الصفة العشوائية فلا يتم التفريق بين المناطق المدنية المأهولة والمزارع والحقول، وبين أوكار المسلحين وأنفاقهم ومعسكراتهم، الأمر الذي خلق جماعات مسلحة لا تستهدف الجيش المصري من باب الولاء لتنظيم «ولاية سيناء» بقدر ما يسعى شاب للثأر لأبيه القتيل، أو يتسلح آخر رداً على تدمير بيته أو حقله.

وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» وعبر تقارير عديدة، قد رصدت انتهاكات ارتكبتها القوات المسلحة المصرية ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، على صعيد تهجير السكان والإخلاء القسري وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، كما وثقت المنظمة تهديم أكثر من 12.300 مسكن أو منشأة تجارية، وتخريب 6 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية.

التجارب المتلاحقة أثبتت عقم الحل العسكري والأمني، ومن أسف أن سكان سيناء لا يأملون في حلول سياسية واجتماعية واقتصادية تأتي من نظام السيسي.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر، نظام السيسي، سيناء، اشتباكات، الحلول الأمنية، الجيش المصري، أنصار بيت المقدس، ولاية سيناء، تنظيم الدولة الإسلامية، تهجير، الإخلاء القسري، هدم المنازل،

الجيش المصري يعلن مقتل 9 من أفراده في اشتباكات بسيناء