الكويت نموذجا.. المساواة أمام القانون تشهد تراجعا مخيفا في دول الخليج

الخميس 12 أغسطس 2021 07:56 م

هناك اتفاق عام بين دول العالم على أن مبادئ "حقوق الإنسان" عالمية وتحميها القوانين التي تعكس القيم المشتركة حول العالم. وبموجب القانون، فإن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات ولا يجوز التمييز ضد أي شخص بسبب جنسيته أو مكان إقامته أو جنسه أو عرقه أو دينه أو لغته أو أي تقسيم آخر.

ومن الناحية النظرية على الأقل، وافقت كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على هذه المبادئ، وتحولت هذه المعايير والقيم والمبادئ إلى اتفاقيات دولية تحمي المواطنين في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فقد أوجد الوباء تحديات إضافية لهذه المبادئ، لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي.

وصنفت المؤشرات العالمية الأخيرة حالة حقوق الإنسان في مجلس التعاون الخليجي على أنها آخذة في التدهور. لكن المفاجئ أن الكويت تواجه انتقادات متزايدة بشأن قضايا تتعلق بالمساواة في المعاملة بين المواطنين والعمال الأجانب المغتربين. ويعد هذا أمرا مقلقا بالنظر إلى أن الكويت كان لها أول دستور في جميع دول الخليج.

وينص القانون الكويتي على أن الحريات الفردية حق مكفول للجميع، مواطنين وغير مواطنين على حد سواء، وغالبا ما توصف الكويت بأنها الدولة الأكثر تسامحا في مجلس التعاون الخليجي، لكنها تواجه الآن نفس التحديات الموجودة في باقي دول الخليج.

الوباء يفاقم الانتهاكات بحق الوافدين

وفي الآونة الأخيرة، وقعت العديد من الأحداث التي يمكن اعتبارها انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والحريات الفردية في الكويت. على سبيل المثال، وقعت حالتان ترحيل للمغتربين في الأشهر الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول المساواة في المعاملة في الكويت بين المواطنين ومجتمع المغتربين. وتم ترحيل عامل وافد لانتقاده الطقس في الكويت على وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدما لغة اعتبرها البعض غير مقبولة.

وبالرغم أن الوافد المعني لم يخالف أي قانون كويتي، إلا أن قرار إبعاده جاء سريعا دون أي مبرر قانوني حقيقي. وبعد ذلك مباشرة، تم ترحيل وافد آخر لأنه كان قريبا من تجمعات للمواطنين احتجاجا على إدارة الحكومة لعمليات التلقيح ضد "كوفيد-19".

وفي هاتين الحالتين المنفصلتين، فقد اثنان من المغتربين في الكويت سبل عيشهما لأنهما أعطيا رأيا حول موضوع، بالرغم من كونه لا يتعلق بأي قضية أمنية. وفي كلتا الحالتين لم يتم خرق أي قانون داخل الكويت. وهاتان قصتان فقط سمعنا عنهما، بينما هناك على الأرجح العديد من القصص التي لم نسمع عنها. ويشير ذلك إلى الوضع الحالي المتدهور للحريات المدنية في الخليج.

المساواة القانونية ليست ناديا للأعضاء فقط

ومن الحقائق التي أثارت الذعر بين جماعات حقوق الإنسان أن تصرفات الحكومة في هاتين الحالتين كانت مدعومة من قبل عدد من المواطنين الكويتيين، بينما انتقدها العديد من الناشطين الحقوقيين لانتهاكها المبادئ الأساسية للمساواة وحرية التعبير.

ويكشف هذا الأمر بالذات تغييرا خطيرا في مبدأ حقوق الإنسان في الكويت بشكل خاص ومنطقة الخليج بشكل عام، وهي فكرة أن حقوق الإنسان ليست للجميع، بل لفئات معينة داخل المجتمع، بالرغم أن القوانين تنص بوضوح على أن كل الناس في الكويت متساوون أمام القانون مهما اختلفت خلفياتهم.

وتعد هذه الحوادث مؤشرا آخر على أن الدولة، وكذلك أجزاء معينة من المجتمع الخليجي، تعتبر حقوق الإنسان ناديا حصريا للمواطنين فقط.

ويجب أن نتذكر هنا أيضا التأثير السلبي لإدارة "ترامب"، التي غضت الطرف عن قضايا حقوق الإنسان في العالم العربي. علاوة على ذلك، فإن تعصب "ترامب" الصريح ضد المهاجرين والمسلمين شجع المتعصبين في الخليج على ممارسة تمييزهم ضد المغتربين وغيرهم من الفئات الضعيفة داخل المجتمع.

ومع وصول إدارة "بايدن" إلى السلطة والتصريح الواضح بإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة وحول العالم، فإن استمرار هذه الممارسات سيؤدي بالتأكيد إلى مزيد من الانتقادات للطريقة التي يتبعها الكويتيون في إدارة هذه المواقف.

وإزاء هذه التحديات، يأمل أعضاء المجتمع المدني الذين يعملون على تحسين قضايا حقوق الإنسان في الحصول على دعم من واشنطن في الأعوام المقبلة.

ولن تأتي الضغوط من الولايات المتحدة وحدها بل من المجتمع الدولي الذي زاد اهتمامه بقضايا المساواة منذ ظهور "كوفيد-19" حيث إن حملات التطعيم خلقت بيئة أكبر للتمييز على أساس الجنسية والقدرات الاقتصادية بين البلدان وداخلها.

لذلك، من أجل مصلحة الكويت والخليج، يجب أن تتوقف الممارسات التمييزية في المنطقة، ويجب على الحكومات الخليجية ضمان معاملة متساوية للجميع أثناء الوباء. وسوف يؤدي القيام بذلك إلى زيادة المكاسب الدبلوماسية، ولكن الأهم من ذلك، سيساعد دول الخليج على الارتقاء إلى مستوى التطلعات والمبادئ الأخلاقية العليا المعلنة.

المصدر | عبدالهادي ناصر العجمي/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حقوق الإنسان التمييز في الخليج التمييز في الكويت كوفيد-19

مستثمرون يدقون ناقوس الخطر إزاء حقوق العمالة الوافدة بالخليج