استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التعامل مع القيم التاريخية العربية

الخميس 12 أغسطس 2021 10:57 ص

التعامل مع القيم التاريخية العربية

تزداد أهمية القيم بسبب استعمال القوى الاستعمارية والاستخباراتية المكثف لثقافة القيم المشوهة في سبيل السيطرة على عقول وقلوب شباب الأمة.

هناك ثلاث مجموعات من القيم يجب التعامل معها: قيم الموروث الثقافي التاريخي، والقيم الدينية التي جاء بها الإسلام، وقيم حضارة عالمية حالية مهيمنة.

يحتاج شبابنا إعطاء أهمية لموضوع القيم بشتى أشكالها العالمية المشتركة التي تهمنا، والذاتية التي تخصنا كأمة عربية وجعل القيم كمعايير جزءاً من نضالاتنا.

بعودة البعض للقبلية والمذهبية وثقافات إثنية واستعمال قيمها في صراعات سياسية وانتهازية أصبح الفهم الجديد التقدمي للقيم التاريخية ضرورة قومية.

القيمة المركزية الحاكمة قبل الإسلام هي المروءة وأهم إشكالية في موضوع القيم: فهمها وتطبيقها، حسب متطلبات البيئة الاجتماعية والمرحلة التاريخية.

أوجز الماوردي المروءة كتعفف عن الحرام وإعراض عن الآثام وإنصاف في الحكم وكف عن الظلم وعدم استكبار على الضعيف وعدم الطمع في ما لا يستحق.

*     *     *

بيّنا سابقا وجود أزمة قيم سلوكية وأخلاقية وتنظيمية، على مستوى العالم، وعلى مستوى الوطن العربي. وبعيداً عن الانشغال بنقاشات وولولات الآخرين، وعلى الأخص في مجتمعات الغرب، فإن شبابنا وشاباتنا يحتاجون إعطاء أهمية لموضوع القيم، بشتى أشكالها، بالعالمية المشتركة التي تهمنا، وبالذاتية التي تخصنا كأمة عربية، وجعل القيم كمحددات ومعايير جزءاً من أهداف وأساليب نضالاتنا المدنية والجماهيرية.

والواقع أن هناك ثلاث مجموعات من القيم تحتاج التعامل معها: قيم الموروث الثقافي التاريخي، والقيم الدينية التي جاء بها الإسلام، وقيم الحضارة العالمية الحالية المهيمنة.

فقبل الإسلام كان الخليط من القيم البشرية والقبلية هو السائد في مجتمعات العرب. ويعتقد المفكر المرحوم محمد عابد الجابري بأن القيمة المركزية التي كانت آنذاك تحكم كل القيم هي المروءة، ولكن ما أن يدخل في تفاصيل هذه القيمة المركزية حتى تتبدى أهم إشكالية في موضوع القيم: فهمها وتطبيقها، حسب متطلبات البيئة الاجتماعية والمرحلة التاريخية.

المروءة، كما فهمها وأوجزها الماوردي، تعفف عن الحرام، وإعراض عن الآثام، وإنصاف في الحكم، وكف عن الظلم، وعدم استكبار على الضعيف، وعدم الطمع في ما لا يستحق، إلخ.. من الصفات الأخلاقية والاجتماعية.

لكن بدلاً من ذلك ننتهي إلى أن المروءة هي القيمة المركزية في أخلاق القبيلة للسلطة المعنوية في مجتمع القبيلة يحتاج شيخ القبيلة أن يتحلى بها أساساً من أجل السؤدد والسيادة، أي من أجل سلطة وامتيازات الحكم.

هكذا تصبح أخلاق المروءة أخلاقاً محلية تحكمها العادة، وليست من الأخلاق الكونية التي مرجعيتها العقل والضمير والأخوة الإنسانية.

لقد جئنا بكل تلك التفاصيل بشأن قيمة واحدة للأهمية القصوى لمراجعة القيم التاريخية، التي خضعت لمتطلبات عصرها، لتتلاءم مع متطلبات الحاجات والظروف الحالية للمجتمعات العربية، وحتى لا يتيه المناضلون العرب في معاني الماضي السحيق ورمزيات قيمه آنذاك، بدلاً من إعطاء معان ومبادئ جديدة تحرر القيم العربية الرائعة من نواقص وتشوهات وتعقيدات الحياة العربية البدائية الماضية.

وينطبق الأمر نفسه، مراجعة وتجديداً وربطاً بالعصرنة الحالية، على قائمة طويلة من القيم التاريخية، التي صنفها عالم الاجتماع الدكتور حليم بركات تحت مسميات قيم العصبية من مثل، التضامن والتماسك الداخلي، وقيم الفروسية من مثل الشجاعة والنجدة، وقيم الكرم من مثل التضحية والضيافة، وقيم الاستقلالية الفردية والحرية من مثل الشرف والأمانة، وقيم المعيشة من مثل تحمل الصعوبات، وقيم الحشمة والتعقل.

وهي في الأغلب قيم شخصية وأسرية واجتماعية، بعضها يجب الاحتفاظ به وبعضها الآخر يجب الابتعاد عنه. وتتبدى الأهمية القصوى لتلك المراجعة النقدية وإعادة التركيب على الأخص في المرحلة التاريخية التي يعيشها العرب حالياً، فبعودة البعض إلى القبلية والمذهبية الطائفية والثقافات الإثنية الفرعية، واستعمال قيمها التاريخية القديمة في الصراعات السياسية المجنونة، أو الانتهازية العنيفة أصبح موضوع الفهم الجديد التقدمي للقيم التاريخية ضرورة وطنية وقومية.

وتزداد أهمية الموضوع بسبب الاستعمال المكثف من قبل قوى الخارج الاستعمارية والاستخباراتية لثقافة القيم المشوهة في سبيل السيطرة على عقول وقلوب شباب وشابات الأمة، وعلى الأخص من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المليئة بالثغرات.

كما تبدو الأهمية مضاعفة بسبب استعمال البعض لتلك المراجعة القيمية كمدخل لفهم ونقد موضوع بالغ الحساسية: موضوع العقل العربي. في المقالة المقبلة سنراجع مجموعة القيم العربية الثانية: تعامل الإسلام مع تلك القيم، رفضاَ وقبولاً وتفاعلاً وطروحات جديدة.

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الغرب، القيم التاريخية، المجتمع العربي، المروءة، المذهبية، الطائفية، الثقافات الإثنية، الإسلام، القيم الدينية،