وسط التقلبات الإقليمية الحالية.. هل تشتعل الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟

السبت 21 أغسطس 2021 05:25 ص

حذر قائد القيادة الشمالية الإسرائيلية الجنرال "أمير برعام"، الشهر الماضي، وتحديدا في الذكرى الخامسة عشرة لحرب إسرائيل الثانية على لبنان، من أن "المواجهة العسكرية المقبلة ستكلف حزب الله ثمنا أعلى بكثير مما دفعه في الصراعات السابقة".

وبينما أدلى كبار الضباط الإسرائيليين بتصريحات مماثلة في الماضي، فإن تحذير "برعام" هذه المرة يبدو مهما بالنظر إلى التقلبات الإقليمية الحالية.

وقال "برعام" أيضا إن الجيش الإسرائيلي مستعد الآن ومدرب بالكامل للقتال البري في لبنان.

ويذكرنا عدم الاستقرار الشديد في الشرق الأوسط وفراغ السلطة بالوضع قبيل الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. وستحدد الأسابيع القليلة المقبلة ما إذا كانت إسرائيل ستلجأ إلى عمل عسكري أم لا.

تاريخ الحروب الإسرائيلية

منذ تأسيسها عام 1948، خاضت إسرائيل 3 أنواع من الحروب: استباقية، رد فعل، عرضية.

ومن النوع الأول، شنت إسرائيل حربين رأتهما ضروريتين لكن يمكن تفاديهما.

ففي عام 1956، انضمت إلى المملكة المتحدة وفرنسا في غزو مصر بعد تأميم الرئيس "جمال عبد الناصر" لقناة السويس. كما استهدفت مشاركة إسرائيل في تلك الحرب تدمير الأسلحة التي اشتراها "ناصر" من تشيكوسلوفاكيا والتي كانت تهدد بتغيير ميزان القوى العسكري بين إسرائيل والدول العربية المجاورة. كما أراد رئيس الوزراء "دافيد بن جوريون" إنهاء الحصار المصري على الشحن الإسرائيلي عبر البحر الأحمر.

وبعد عقود، أطلقت إسرائيل في عام 1982 عملية "سلامة الجليل" التي احتلت فيها نصف لبنان، ودمرت الذراع العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأجبرت قيادتها على اللجوء إلى تونس. كما جعلت الحرب احتمال قيام دولة فلسطينية أكثر صعوبة، لكنها مكنت إيران أيضا من تأسيس "حزب الله" بحجة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

أما الحروب التي خاضتها إسرائيل كرد فعل على عمل عربي مبادر فكان أولها عام 1948 حين أعلنت دول عربية الحرب على إسرائيل بعد إعلان تأسيسها. وفي عام 1967، ردت إسرائيل على إغلاق "ناصر" لمضيق تيران أمام الشحن الإسرائيلي وشنت حربا استمرت 6 أيام. وفي كلا الحربين، مكنت الخبرة العملياتية إسرائيل من الخروج منتصرة والاستيلاء على الأراضي.

وفي عام 1968، شن المصريون حرب الاستنزاف وبدأوا في قصف القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية لقناة السويس. وتصاعد القتال في مارس/آذار 1969 وانتهى في يونيو/حزيران 1970 بعد وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية.

وفي عام 1973، شنت مصر وسوريا حربا لاستعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وتعرضت إسرائيل لانتكاسة في بداية الحرب، لكن الجسر الجوي الأمريكي قلب المسار لصالحها.

وفي عام 1993، أطلقت إسرائيل عملية لإنهاء هجمات "حزب الله"، واستمرت الغارات الجوية وقصف المدفعية لمدة أسبوع حتى تفاوضت الولايات المتحدة على اتفاق لوقف إطلاق النار.

وفي عام 1996، بدأت إسرائيل عملية "عناقيد الغضب" لوقف الهجمات الصاروخية التي أطلقها "حزب الله". ومرة أخرى، أخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة في الضغط من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن لإنهاء القتال وتشكيل لجنة من 5 دول - تضم الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وسوريا ولبنان - للإشراف على وقف إطلاق النار.

وانخرطت إسرائيل أيضًا في حالة صراع مستمر مع حماس منذ عام 2006. وقد تصاعد ذلك إلى حروب شاملة عدة مرات في 2008 و2012 و 2014 وفي مايو/أيار الماضي، وفي كل مرة كانت نتيجة لهجمات من غزة تهدف إلى إنهاء الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ عام 2007.

وكانت حرب إسرائيل العرضية الوحيدة هي حرب لبنان الثانية عام 2006. وقد اندلعت بعد أن تحولت غارة لـ"حزب الله" عبر الحدود لأسر جنود إسرائيليين إلى فوضى؛ مما أدى إلى مقتل 8 جنود إسرائيليين وأسر 3 آخرين.

ولم يكن أحد يريد الحرب، ولكن تحت ضغط مكثف من اللبنانيين السنة والمسيحيين لنزع سلاح "حزب الله"، حاول الحزب إقناعهم بأنه قادر على إطلاق سراح سجناء لبنانيين في إسرائيل. وانتهت الحرب عندما تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 1701، الذي طالب "حزب الله" بالانسحاب مسافة 20 كيلومترًا (12 ميلًا) من المنطقة الحدودية.

كيف يمكن أن تبدأ الحرب؟

إذا قررت إسرائيل شن حرب ضد "حزب الله" مرة أخرى، فلن يكون هدفها معالجة المخاوف الأمنية الفورية أو الحفاظ على قواعد الاشتباك على طول حدودها الشمالية.

وعندما غامرت إسرائيل بالدخول إلى لبنان عام 1982، كانت الحدود الشمالية هادئة بسبب اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1981.

وقالت إسرائيل إن غزوها كان انتقاما لمحاولة اغتيال سفيرها في المملكة المتحدة بالرغم أن المنفذ كان منظمة "أبو نضال"، وهي جماعة منشقة استهدفت في كثير من الأحيان مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية، وقد ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي "مناحيم بيجن" باللوم على منظمة التحرير الفلسطينية.

وكان الهدف الأساسي لإسرائيل في الحرب هو طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان ومنع قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبينما يحرص "حزب الله" على عدم إثارة مواجهة عسكرية كبيرة مع إسرائيل؛ لأنه غير مستعد لتحمل تكاليفها، فإن ذلك قد لا يكون كافيا لمنع حرب أخرى.

وتعتبر الأوضاع في لبنان اليوم أسوأ بكثير مما كانت عليه عام 1982. لقد انهارت الدولة تقريبا، وتوقف الاقتصاد.

 كما يحتاج لبنان إلى إصلاح نظامه السياسي وستكون هذه مهمة ضخمة بالنظر إلى سيطرة "حزب الله" على السياسة اللبنانية.

وقد لا ترغب إسرائيل في خوض حرب ضد "حزب الله" في ظل هذه الظروف، لكن حساباتها تضع في الاعتبار الوضع في إيران.

فقد أدى انتخاب "إبراهيم رئيسي" خلفا للرئيس الإصلاحي "حسن روحاني" إلى تعقيد المحادثات النووية.

ومن بين العقبات الرئيسية في المفاوضات دعم إيران لوكلائها الإقليميين، وأهمهم "حزب الله".

ولا تنوي الولايات المتحدة مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ولن تأذن بضربة إسرائيلية مباشرة ضدها، لكن مهاجمة "حزب الله" مسألة أخرى.

وبعد سقوط أفغانستان في أيدي "طالبان"، قد تمنح الولايات المتحدة إسرائيل الضوء الأخضر لإضعاف موقف إيران التفاوضي من خلال شل الأصول العسكرية الهامة لـ"حزب الله" إذا تمكنت من العثور على سبب للحرب.

وإذا كان ادعاء "برعام" صحيحا بأن الجيش الإسرائيلي أكمل تدريباته على الحرب البرية ضد "حزب الله"، فمن المحتمل أن ترغب إسرائيل في الاستفادة من اللحظة الحالية.

وإذا أرادت تنفيذ مهمة مماثلة في المستقبل، فستحتاج إلى إجراء عملية التدريب بأكملها مرة أخرى.

كيف يمكن أن تنتهي الحرب؟

لا يعد اندلاع حرب إسرائيلية لبنانية جديدة أمرا محسوما.

إذا امتنعت إسرائيل عن خوض الحرب، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب تعرضها لضغوط من الولايات المتحدة لعدم المضي قدما.

لكن إذا قررت التصرف، فكيف ستنتهي الحرب؟

لن تكون حربا عرضية. ولن تكون مدفوعة بالرغبة في الحفاظ على الوضع الراهن. ستكون حرب ضرورة، بهدف سياسي واضح هو وقف إيران عن طريق تغيير معالم السياسة اللبنانية.

ستحاول إسرائيل شل قدرة "حزب الله" على تنفيذ استراتيجيته الحربية الشاملة.

وتعزز العقيدة العسكرية المنقحة لـ"حزب الله" استخدام العمليات الهجينة المعقدة، بما في ذلك تكتيكات حرب العصابات، والكمائن، والقنابل على جوانب الطرق، والصواريخ، والطائرات بدون طيار، والصواريخ الضخمة المضادة للدروع، وهجمات الغواصين على مرافق الموانئ.

ولتجنب الوقوع في هذا المستنقع، تحتاج إسرائيل إلى استراتيجية خروج واضحة تتضمن طريقة لإنهاء الحرب بسرعة وحسم، وإجبار "حزب الله" على قبول شروطها دون قيد أو شرط.

سيستخدم الجيش الإسرائيلي قوة نيران دقيقة في المرحلة الأولى لتدمير الإمكانات العسكرية الحاسمة لـ"حزب الله" ومخابئ القيادة السياسية.

وستشمل المرحلة الثانية، إضافة إلى القوة الجوية، مناورات برية للتخلص من صواريخ أرض - أرض بعيدة المدى، مع إبقاء وحداتها القتالية محصنة في أنفاق تحت الأرض.

ويمكن للحرب أن تلحق خسائر فادحة بإسرائيل لن يكون بالإمكان تبريرها داخليا إلا عبر انتصار تاريخي قد يؤدي أيضا إلى إضعاف قوات "الحشد الشعبي" في العراق، وإجبار الحوثيين في اليمن على قبول تسوية سياسية، وتشجيع السعودية على التطبيع رسميا مع إسرائيل، وبدء انهيار الثورة الإسلامية في إيران.

المصدر | هلال خاشان/ جيبوليتكال فيوتشرز – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حزب الله الحشد الشعبي الحرب الإسرائيلية على لبنان الصراع الإسرائيلي الإيراني أمير برعام الجيش الإسرائيلي

هل يتجه حزب الله وإسرائيل إلى حرب جديدة؟

نصر الله: الذي منع إسرائيل من قصف لبنان هو الخشية من مواجهة حزب الله

أمريكا تدعو لبنان لمنع هجمات حزب الله ضد إسرائيل

الحدود اللبنانية الإسرائيلية.. نقطة اشتعال خطيرة قد تتحول لحرب في أي وقت

توقعات إسرائيلية برشق أراضيها بألفي صاروخ من حزب الله

تقرير: حزب الله ينشر أنظمة صواريخ بسوريا ولبنان لصد أي هجوم إسرائيلي