استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمات القيم في الحاضر العربي

الخميس 2 سبتمبر 2021 12:34 م

أزمات القيم في الحاضر العربي

هناك تراجع قيمي في موضوع هوية العروبة الجامعة، تراجع في أولويتها ومقدار فائدتها، بل حتى في ضرورة وجودها.

يشهد العرب أزمة مرتبطة بتشوه أصاب كثيرا من قيمنا التاريخية التراثية وأصاب القيم التي أضافها الإسلام بزخم كبير.

أصبح شعار الوحدة العربية فجأة شعاراً هامشياً وكل نشاط يقود إليها مهملا بل متهما كالأمن القومي والسوق الاقتصادية المشتركة.

بل إن الوطنية الجامعة في القطر العربي الواحد فقدت مكانتها القيمية لتحل مكانها القيم العشائرية والقبلية والعرقية والدينية المذهبية.

ما أهم مكونات الأزمة القيمية التي تواجهها مجتمعات الوطن العربي بظلالها ومستوياتها المختلفة في اللحظة التي يعيشها هذا الوطن؟

تراجع قيمي أخلاقي في علاقات الأسرة وعلاقات الفرد بالجماعة وسلوكيات جنسية عبثية وعنف ضد المرأة وتعاظم انتشار المخدرات والجريمة.

تراجع قيمي في الاقتصاد وعدم عدالة توزيع الثروة وانتشار الفقر والبطالة وتخلي الدول عن مسؤولياتها في الرعاية الاجتماعية باسم الخصخصة وحرية السوق.

*     *     *

إذن هناك أزمة قيم فلسفية فكرية وأخلاقية وسلوكية على مستوى العالم، تناقش بجدية وهلع، على الأخص في الدول المتقدمة، ويكثر الكلام عن ما بعد حداثة الأنوار الأوروبية، وما بعد حداثة الليبرالية الغربية، اللتين هيمنتا على العالم عبر عدة قرون.

وبالمثل لنا نحن العرب أزمة قيم خاصة بنا، إضافة إلى مشاركتنا، ولو جزئياً، ولكوننا من بين المناطق التي خضعت للاستعمار وثقافته وقيمه ردحاً من الزمن، مشاركتنا في مواجهة تلك الأزمة العولمية.

وهي أزمة مرتبطة إلى حد ما بالتشوه الذي أصاب الكثير من قيمنا التاريخية التراثية التي تحدثنا عنها في مقال سابق، والتشوه الذي أصاب القيم التي أضافها الإسلام بزخم كبير وتشذيب هائل، في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، كما بينا في مقال سابق.

وندرك أهمية تلك الإضافة عندما نعرف أن القيم هي جمع كلمة قيمة التي وردت مشتقاتها ودلالاتها ما يزيد عن الستمئة والخمسين مرة في القرآن الكريم وحده.

في مقال اليوم سنبرز أهم مكونات الأزمة القيمية التي تواجهها مجتمعات الوطن العربي، بظلالها ومستوياتها المختلفة في اللحظة التي يعيشها هذا الوطن.

أولاً: أكبر وأعمق أزمة قيم نواجهها تقع في حقل الفكر السياسي العربي الحالي، وعلى الأخص في الأيديولوجيا القومية. هناك تراجع قيمي في موضوع هوية العروبة الجامعة، تراجع في أولويتها ومقدار فائدتها، بل حتى في ضرورة وجودها.

هذا التراجع بدأ يعكس نفسه في الواقع الحياتي في ما بين الأقطار العربية، من صعود مذهل في الصراعات العبثية في ما بينها، ومن تخلي البعض عن التزاماتهم القومية تجاه قضايا قومية كبرى، كالقضية الفلسطينية. وأصبحت السيادة الوطنية والمصالح القطرية تعلو على السيادة والمصالح القومية المشتركة.

وفي خضم ذلك التراجع أصبح شعار الوحدة العربية فجأة، شعاراً هامشياً وأصبح كل نشاط يقود إلى تلك الوحدة نشاطاً مهملاً، كما هو الحال بالنسبة للأمن القومي والمشاريع الاقتصادية المشتركة على سبيل المثال، بل إن الوطنية الجامعة في القطر العربي الواحد فقدت مكانتها القيمية لتحل مكانها القيم العشائرية والقبلية والعرقية والدينية المذهبية.

وهذا بالطبع يهدد مستقبل الانتقال إلى القيم الديمقراطية المعروفة، كالمواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص الحياتية والكرامة الإنسانية، ما يهيئ الأجواء للفساد المالي والسياسي والاقتصادي.

ثانياً: لا توجد فجيعة أكبر من التراجع في قيمة التسامح الإسلامي، أو التعايش مع الديانات الأخرى أو حرية المعتقد، كما فجرتها ومارستها قوى العنف (الجهادية) في السنوات الأخيرة على الأخص، وهذا موضوع بالغ الأهمية لأنه لم يعد في يد من يحملون أوزاره، بل أصبح في يد القوى الاستخباراتية الأجنبية الممولة والداعمة له.

وهو مرتبط أشد الارتباط بموضوع كبير: موضوع المراجعة الضرورية الشاملة لتنقيح ما علق بالتراث الإسلامي من خرافات وأكاذيب واستعمال انتهازي.

ثالثاً: وهناك إشكاليات كبرى في التراجع القيمي الأخلاقي: في العلاقات الأسرية، وعلاقات الفرد مع الجماعة، والكثير من السلوكيات الجنسية العبثية، وفي العنف ضد المرأة، وفي عوالم المخدرات المتعاظمة.

رابعاً: وأخيراً هناك إشكالية التراجع القيمي الكبير في حقول الاقتصاد مثل، عدم عدالة توزيع الثروة، وانتشار الفقر والبطالة، وتخلي الدول العربية عن مسؤولياتها في الرعاية الاجتماعية باسم شعارات الخصخصة وحرية الأسواق.

هذه فقط أمثلة على التراجعات القيمية التي تمثل أزمة كبرى قد تتفاقم في المستقبل إلى حدود الكوارث. والسؤال المفصلي: ما العمل؟

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الأزمة، الحاضر العربي، القيم، العروبة، الوطنية، الإسلام، توزيع الثروة، العنف،