علامات استفهام حول حلف أوكوس العسكري بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا

الأحد 19 سبتمبر 2021 03:37 ص

في 15 سبتمبر/أيلول، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا عن تشكيل حلف "أوكوس" العسكري، الذي يجمع الدول الثلاث في شراكة دفاعية متعددة المستويات، تركز في المقام الأول على المحيط الهادي والهندي ضد تهديد الصين (على الرغم من عدم ذكر ذلك صراحة).

وكجزء من الترتيب، سوف يطلق "أوكوس" برنامجا لمدة 18 شهرا لتسريع استحواذ أستراليا على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، مما يلغي عمليا صفقة بيع غواصات فرنسية تقليدية إلى أستراليا التي كافحت منذ عقد من الزمان للحصول على الغواصات النووية. وبهذا تمنح الولايات المتحدة الآن لأستراليا قدرة الوصول إلى التقنيات التي سبق أن شاركتها مع المملكة المتحدة فقط.

وصُممت "أوكوس" لتعبر عن التحول الأمريكي نحو التركيز على المحيط الهادي والهندي، وتعطي بعض الوضوح لفكرة "بريطانيا العالمية"، كما تُلزم أستراليا بدور أمني استباقي في المحيط الهادي.

ومن غير المرجح أن يكون "أوكوس" نواة لمجموعة أكبر، ولكن ستبقى مبادرة ثلاثية تتيح المزيد من التعاون والتركيز الاستراتيجي دون تعقيدات الائتلافات الكبيرة، والتي غالبا ما تقع ضحية لتضارب الأولويات والمصالح.

ويجيب هذا المقال عن بعض الأسئلة الأولية التي تحيط بالحلف العسكري الجديد.

كيف يرتبط "أوكوس" بتحالف العيون الخمس والتحالف الرباعي؟

تراجعت قيمة معاهدة "أنزوس" منذ فترة طويلة بسبب التحولات في السياسات الاستراتيجية لنيوزيلندا، كما تعرض تحالف العيون الخمس (تحالف استخباراتي يضم أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) لضغوط العلاقات الأمريكية النيوزلندية.

فهل تعكس "أوكوس" الجديدة مخاوف بشأن السياسة الخارجية لنيوزيلندا؟ أم أنها تعتبر كإقرار أكثر بأن نيوزيلندا قد انسحبت من المبادرات الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة؟

لطالما عملت الولايات المتحدة من خلال التحالف الرباعي (يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند) لتحديد نهجها المتعدد الأطراف في المحيط الهادي والهندي، لكن "أوكوس" تبدو أكثر تركيزًا على البلدان الأنجلوسكسونية.

فهل ستقلص "أوكوس" التحالف الرباعي؟ أم هل ستمثل تحولًا في التركيز، مع كون "أوكوس" علاقة أمنية في جوهرها، بينما يتخذ التحالف الرباعي نهجا أكثر تعددية يسمح في نهاية المطاف بمزيد من مشاركة القوى الإقليمية؟

ما هي الآثار المترتبة على البلدان الأخرى في المنطقة، ولا سيما تلك التي توازن بين المساعدة الأمنية الأمريكية والروابط الاقتصادية الصينية؟

يعد أحد التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في تكوين مسار استراتيجي جديد في المحيط الهادي والهندي هو الخوف المحلي من عقلية حرب باردة جديدة، وما تزال معظم دول المنطقة (وخارج المنطقة) مترددة في الانحياز، وحاولت واشنطن أن تطمئنهم بأن ذلك ليس ضروريًا.

فهل يمكن أن تهدئ "أوكوس" هذا القلق من خلال السماح للمبادرات المتعددة الأطراف الأخرى بالابتعاد عن التركيز العسكري؟

من المحتمل أن يُقابل الإعلان عن "أوكوس" بوجهات نظر مختلطة في المنطقة. فمن ناحية؛ تعد "أوكوس" خطوة ملموسة توضح أن الولايات المتحدة تقوم أخيرا بالتحول إلى إيلاء اهتمام استراتيجي أكبر تجاه منطقة المحيط الهادي والهندي، وهو شيء لم يكن مؤكدا تماما.

ومن ناحية أخرى، قد يؤدي التركيز العسكري الاستراتيجي الواضح لهذه المبادرة إلى زيادة الاحتكاك بين الولايات المتحدة والصين، وزيادة الجهود الصينية لإجبار البلدان على الابتعاد عن التعاون مع واشنطن.

كيف ستستجيب الصين؟

من المرجح أن تفسر الصين هذه الشراكة بين البلدان الأنجلوسكسونية الثلاثة كتحدٍ واضح ليس فقط لدور الصين الإقليمي ولكن للأيديولوجية الصينية في مواجهة أفكار الولايات المتحدة والمملكة المتحدة التقليدية بشأن الديمقراطية والليبرالية الاقتصادية.

ومن المرجح أن يتم التركيز على هذا العنصر الأيديولوجي للمنافسة الاستراتيجية، ليس فقط في محيط الصين ولكن في جميع أنحاء العالم.

غالبا ما كانت الصين تجابه المبادرات الاستراتيجية أو الدفاعية بأدواتها الاقتصادية، ولكن بكين استنفدت بالفعل هذه الأدوات تقريبا (على الأقل تلك التي لا تضر باقتصاد الصين أيضا مثل استيراد خام الحديد).

وفي ظل التحديات الحالية لـ"كورونا" و"بريكسيت"، فهل هناك أوراق ضغط يمكن أن تستخدمها الصين ضد المملكة المتحدة التي تعد من الناحية النظرية الأبعد مصلحة في منطقة المحيط الهادي والهندي؟ وأين هي الحلقة الضعيفة في الرابطة الثلاثية وفق منظور الصين؟

تقدمت بكين بطلب للحصول على عضوية في اتفاقية التجارة المشتركة المسماة بـ"الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادي"، والتي كانت في البداية مجموعة اقتصادية تهدف إلى فرض التغيير في الصين أو استبعاد بكين من شراكة اقتصادية أكبر.

إذن ماذا يمكن أن تفعل الصين أيضًا لتقوي علاقاتها في منطقة الهادي والهندي لحماية نفسها وتقليل المساحة المتاحة للتمدد الأمريكي الاستراتيجي؟

كيف ستشكل "أوكوس" تفاعلها مع دول جزر المحيط الهادئ خلال العقد أو العقدين القادمين؟

تعد إحدى قدرات الغواصات النووية هي القدرة على السفر لمسافات طويلة بسرعة نسبيا بينما تبقى مغمورة، مما يجعلها أقل إثارة للانتباه وأقل عرضة للخطر، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأستراليا التي تبعد عن معظم العالم ولديها مصالح ومسؤوليات محتملة تمتد من المحيط الهندي إلى شمال المحيط الهادئ وحدود بعيدة من جنوب المحيط الهادئ.

وفي المقابل، وسعت الصين تعاونها مع دول جزر المحيط الهادئ مما أعاد اهتمام واشنطن وكانبرا، بالنظر إلى مواقعهما الاستراتيجية.

فهل من المحتمل أن نرى منافسة أكثر نشاطا على النفوذ في جزر المحيط الهادئ مع ظهور "أوكوس"، وهل ستؤدي التوترات في منتدى جزر المحيط الهادئ لخلق فرص أكبر للتدخل الأجنبي؟

وبالنظر إلى تعليقات فرنسا على إلغاء صفقة الغواصات، هل ستكون هناك أي آثار على الناتو أو على علاقات الاتحاد الأوروبي بالمملكة المتحدة؟

عبر الفرنسيون علنًا إلى حد ما عن خيبة أملهم حيال إلغاء صفقة الغواصات، وألقوا باللوم على الولايات المتحدة في المقام الأول، ولكنهم اعترفوا بوضوح بدور أستراليا والمملكة المتحدة أيضًا.

فهل ستكون هذه مجرد لحظة عابرة من الغضب، أم سيؤثر ذلك على الدور الفرنسي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة (ما تزال العديد من قضايا البريكسيت بدون حل)، أم يؤثر كذلك على التوازن بين التزامات فرنسا تجاه الناتو وتركيزها على مصالحها أو على مبادرة دفاع خاصة بالاتحاد الأوروبي؟

تعد فرنسا أيضًا دولة معنية بالمحيط الهادئ، وقد أعادت الانخراط مع أراضيها في المنطقة مؤخرا، فما مدى عمق الخلاف الفرنسي الأسترالي، وهل سيزيد ذلك من الضغط على مساحة التعاون بين جزر المحيط الهادي؟

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكوس الولايات المتحدة أستراليا المملكة المتحدة المحيط الهادي والهندي

أمريكا تخطط لإنشاء وحدة مقاتلات شبح قوية في أستراليا