استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لبنان والإصلاح المستحيل

السبت 25 سبتمبر 2021 03:51 م

لبنان والإصلاح المستحيل

بداية الحل تبدأ بإلغاء الطائفية. وهذا يدخل وللأسف في باب التخيلات والأوهام.

تكفي أرقام هجرة الأدمغة المخيفة لكي نعرف أن لبنان لن يبقى فيه سوى المعوزين والفقراء والسارقين.

قدر لبنان أن يكون أسير المحبسين: منظومة الفساد والطائفية في الداخل، ومنظومة الحصار والتجويع من الخارج.

في كل الاشتباك السياسي والاقتصادي للقوى الإقليمية والدولية على لبنان كان مستقبل المواطن اللبناني آخر ما يهمّ لدى هذه القوى.

اللبنانيون أمام حكومة جديدة ومرحلة جديدة تبدو استمراراً لمراحل سابقة حيث يمعن الداخل والخارج في نهشه وسرقته وتجويعه وتعطيشه.

*     *     *

لا يختلف اثنان على ان الأزمات في لبنان، ومنذ عقود، هي نتاج عوامل داخلية وخارجية. وحلها إنما يكون أيضاً بتضافر عوامل داخلية وخارجية.

بقي سعد الحريري أكثر من عشرة أشهر من دون أن ينجح في تشكيل حكومته. والسبب المعلن أنه يرفض إعطاء رئيس الجمهورية، الشريك في التشكيل، الثلث المعطل من عدد أعضاء الحكومة، فيما يتهمه الخصوم بأنه عاجز عن تشكيل الحكومة من دون ضوء أخضر من إحدى الدول العربية الرئيسية.

ومع أن نجيب ميقاتي عضو في «نادي» رؤساء الحكومة السابقين، ومنهم سعد الحريري، فقد نجح في تشكيل الحكومة بعد نحو الشهر على تكليفه. وهذا يعني في المبدأ أن عوامل العرقلة قد زالت. وهي بالفعل كذلك. فرئيس الجمهورية ميشال عون قد نال الثلث المعطل وأكثر، والفيتو على سعد الحريري من قبل جهات عربية غير موجود على نجيب ميقاتي. لكن أيضاً فإن الاعتراضات الأمريكية قد اختفت وتم التوافق، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقبل الأزمة الفرنسية مع أستراليا، على تسهيل ولادة الحكومة وتم التنسيق على ذلك، تالياً، بين ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

ولادة الحكومة كانت مؤشراً على أن الضغوط الأمريكية على لبنان قد فشلت في تعديل الموازين الداخلية. وكان لا بد من حكومة تعتبر في جميع الأحوال «مؤقتة» في انتظار إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، وإجراء بعض الإصلاحات الترقيعية وبعدها لكل حادث حديث.

وفي كل هذا الاشتباك السياسي والاقتصادي الإقليمي والدولي على لبنان، كان مستقبل المواطن اللبناني هو آخر همّ لدى هذه القوى.

فالانهيار الذي تسارع منذ سنتين، قد أحرق الأخضر واليابس. وجعل معظم المواطنين متسوّلين، وقد سرقت أموالهم أوحجزت في المصارف، وارتفعت الأسعار اكثر من 800 في المئة، ما جعل ما يختزنه اللبنانيون في بيوتهم من «قرش أبيض» يتبخر ويذوب في اليوم الأسود. ووصل لبنان إلى مرحلة لم تشهدها أكثر القبائل الإفريقية تخلفاً في التاريخ. لا كهرباء، ولا مازوت، ولا بنزين، ولا دواء. وهذا أمر لم يعرفه اللبناني منذ تأسيس لبنان الكبير قبل مئة عام، ويجعل المنظومة الحاكمة في لبنان تدخل مجموعة جينيس لجهة أكثر منظومة لا تشبع من أكل المال الحرام وتقول، مثل النار، هل من مزيد؟

الحكومة الحالية التي نالت ثقة وازنة قبل أيام، تعيد الانتظام الإداري وآلية صوغ القرار، لكن لا تعيد مالاً سرق، ولا تخفض سلعة ارتفع سعرها، ولا كهرباء ذهبت ولم تعد. مع ذلك فهي جرعة أوكسجين تجعل المتسابق المسكين يأخذ نفساً مع جرعة ماء. لكنها لا توفر له مقومات الحياة الكريمة.

إن الآمال المعقودة على الحكومة الحالية قليلة جداً. لسبب بسيط ولا يحتاج إلى كثير عناء لمعرفته، وهو أن المنظومة التي كانت السبب في الانهيار الشامل هي نفسها موجودة في الحكومة الحالية، وكانت موجودة في كل الحكومات السابقة.

وإذا كان للحكومة الجديدة أن تحقق بعض الإنجازات المتواضعة بضغط من جهات خارجية وليس لقناعة ذاتية، فإن الإصلاح الجذري ووضع لبنان على سكة الإصلاح والتصحيح بعيد المنال، بل مستحيل.

وهذا هدف مشترك للداخل والخارج. فالقوى الداخلية تعيش من خزينة الدولة. فتغرف منها كل هذه القوى ما تيسر لها من مال. وهذا ما حصل. أما القوى الخارجية، ونظراً للصراعات بين القوى الإقليمية والدولية على لبنان فهي لا تريد من هذا البلد أن يعيش مرتاحاً وفي بحبوحة، بل في الحد الأدنى الذي يجعله لا يموت.

اللبنانيون اليوم، مبدئياً، أمام حكومة جديدة ومرحلة جديدة. ولكنها تبدو استمراراً لمراحل سابقة، حيث يمعن الداخل والخارج في نهشه وسرقته وتجويعه وتعطيشه. وتكفي أرقام هجرة الأدمغة المخيفة لكي نعرف أن لبنان لن يبقى فيه سوى المعوزين والفقراء والسارقين.

قدر لبنان أن يكون أسير المحبسين: منظومة الفساد والطائفية في الداخل، ومنظومة الحصار والتجويع من الخارج. وبداية الحل تبدأ بإلغاء الطائفية. وهذا يدخل وللأسف في باب التخيلات والأوهام.

* محمد نور الدين كاتب سياسي لبناني

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

لبنان، الفساد، الطائفية، الحصار، التجويع، الإصلاح،