تمثيل نيابي أم صراع على الوجود؟

مجلس الشورى ليس موضوعاً للوجود المادي وإلا رشح المجتمع كل أفراده لكنه مجال للأفكار والرؤى التي يحملها أبناء المجتمع عبر ممثليهم.

التركيز على الوجود المادي لكل قبيلة وعائلة سَطَّح فكرة مجلس الشورى ونزع الاطمئنان منها واختزل المعنى في المبنى وسَلّع المرشح والناخب.

ما الذي يعمق الهشاشة وعدم الشعور بالاعتراف اللازم للوجود وللمواطن بصفته مواطناً يمارس حريته فيطغى الوجود المادي على الوجود المعنوي؟

*     *     *

أخشى ما أخشاه تركُّز فكرة أن الاعتراف بك كمواطن يستلزم بالضرورة تواجدك في مجلس الشورى، إذ يبدو أن أرضية الاطمئنان لا تزال غير صلبة، ساعد على ذلك الإعلان مسبقاً عن مكافآت أعضاء المجلس.

فمجلس الشورى ليس موضوعاً للوجود المادي وإلا رشح المجتمع كل أفراده، لكنه موضوع ومجال للأفكار والرؤى التي يحملها أبناء المجتمع عن طريق ممثليهم.

لكن التركيز على الوجود المادي لكل قبيلة وعائلة سَطَّح الفكرة ونزع الاطمئنان منها واختزل المعنى في المبنى وعمل على تسليع كل من المرشح والناخب حينما أضعف فكرة الاعتراف المسبق به قبل الانتخابات، سواء فاز أو خسر أو لم يشارك ولم يصوت.

بمعنى أنه قلل من مساحة الحرية المتاحة لدى المرشح في أن ينظر في أهليته وكفاءته للترشيح وكذلك لدى الناخب حينما وضعه بين قوسين، قبيلته وجماعته.

دخول الأيقونات الحكومية أيضاً عمل على تعميق هذه الهشاشة وعدم الشعور بالاعتراف اللازم للوجود وللمواطن بصفته مواطناً يمارس حريته، فطغى الوجود المادي على الوجود المعنوي "وجود الأفكار والرؤى" كما أشرت بسبب الخطوات المادية التي اتخذت سواء مكافآت أو أشخاصاً.

فرأينا بعض ما يمكن وصفه محاولة الفوز ببركة دعاء الوالدين أو الأمل بحصول معجزة إلهية، بينما كان المفترض لو أن قاعدة الاعتراف صلبة والمجتمع على ثقة بها كبيرة أن تكون الحسابات حساباً لفوز الفكرة قبل المرشح والرؤية قبل الترشيح والتنازل المبني على توافق الرؤى والأفكار وليس فقط على الظفر بكرسي للقبيلة أو للعائلة.

أعتقد على الحكومة مستقبلاً العمل على ترسيخ قاعدة الشعور بالاعتراف وبناء المجلس عليها لا العكس أن يكون الفوز بالمجلس مقدمة للاعتراف وذلك من خلال تجنب ما يشعر المواطن بذلك من خطوات أو قرارات القصد منها تشجيع العملية والإقبال عليها.

ولكن وقعها النفسي ينمي شعوراً مضاداً بأنها فرصة للاعتراف بوجودك وليس مناسبة لإيصال صوتك ومن يمثل توجهاتك ورؤيتك وهو ما يجب أن يترسخ بأن المجلس مجلس أفكار ورؤى يعج بها المجتمع وليس وجوداً للكرسي ولكن وجود للمعنى الذي يحمله من يجلس عليه.

* عبد العزيز الخاطر كاتب صحفي قطري