استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

يجب العمل لفلسطين لكن دون انتظار النتائج

الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 04:23 ص

يجب العمل لفلسطين ولكن ينبغي عدم انتظار النتائج

من يناصر قضية نبيلة وتحررية وأخلاقية، إنما يهدف إلى إرضاء ضميره أولاً، واحترام ذاته وإنسانيته.

المشروع الوطني الفلسطيني أشبه ببناء ضخم وكل من يناضل من أجله يضع لبنة أو حجراً إضافياً في هذا البناء.

تمكن الأسرى من تحقيق ما أرادوا، عبر حفر النفق والهروب من السجن الإسرائيلي، وتقدموا خطوة في مشروعهم النضالي، ويكفيهم ذلك.

على العاملين لفلسطين عدم انتظار نتائج ولا ترقّب انتصارات أو توقع أن تتحرر فلسطين العام المقبل، ولا توقع أن زوال الاحتلال سيكون في 2022.

انتظار النتائج واستعجالها قد يكون طريقاً ليأس وإحباط لا إنجاز وعمل المطلوبُ من كل العاملين مواصلة النضال حتى تسليم الراية لمن بعدهم ولا شيء غير ذلك.

كل من يعمل من أجل فلسطين ويؤمن بأنها قضية مركزية وكبرى فعليه أن يعمل ما يستطيع في مشواره، دون التفكير في النتائج، ولا التفكير في سؤال: متى الوصول؟

*     *     *

من المهم أن يتذكر العاملون من أجل فلسطين، سواءً من كانوا داخلها أو في الخارج، أنهم يعملون من أجل قضية مركزية كبرى، وأن هذا يعني بالضرورة أن الإنجاز فيها يتحقق ببطء، ويعتمد على النضال التراكمي الذي يُساهم فيه الجميع، وليس على العمل الفردي أو المتقطع، وعليه فيتوجب عدم انتظار النتائج، لأن كثيرين من هؤلاء العاملين لن يدركوا أو يتلمسوا أي نتائج.

ربما ينتهي جيل أو اثنين من المناضلين من أجل فلسطين، من دون أن يتلمسوا أي نتائج، ومن دون أن يتحرر شبر واحد من أرض فلسطين، وهذا ليس معناه أن الإنجاز توقف، أو أن هذه الأجيال تعيش وتناضل وتموت من دون جدوى، وإنما الصواب هو أن ما تحقق لم يكن ليتحقق لولا تضحيات السابقين ونضالهم من أجل القضية ذاتها.

المشروع الوطني الفلسطيني أشبه ببناء ضخم وكل من يناضل من أجله يضع لبنة أو حجراً إضافياً في هذا البناء، لكنَّ الكثير من البناة قد يُفارقون الحياة قبل أن يكتمل البناء ويذوقوا طعم العيش في ما عملوا من أجله، وهذه سنة الحياة التي لا تتبدل ولا تتغير، إذ يعمل الآباء ليهنأ الأبناء، ومن ثم يتولى الأبناءُ إكمال المسير حتى تسليم الراية لمن يأتي بعدهم من أجيال، وهكذا دواليك.

في قضية كبرى مثل فلسطين ليس مهماً النظر إلى النتائج، بل يتوجب عدم انتظار النتائج، فقد لا تُدركها في حياتك، لأنها قضية أكبر من جميع العاملين من أجلها، كما أن انتظار النتائج واستعجالها هو الطريق نحو اليأس والقنوط والتراجع، وليس الطريق تحقيق النتائج.

في قضية مثل فلسطين يتوجب التأكد من صحة المسارات فقط، لا انتظار النتائج واستعجالها، أي ينبغي التأكد من تبني الطريق الصحيح وليس مهماً معرفة متى الوصول. وينسحب هذا التنظير المهم على عملية "نفق الحرية" التي انشغل بعض اليائسين والمحبطين إلى مناقشة إن كانت قد شكلت إنجازاً أم لا!

خاصة بعد أن أعادت قوات الاحتلال اعتقال الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم من سجن جلبوع عبر النفق في عملية أبهرت العالم. وواقع الحال أن هذه العملية لم يكن أصلاً من المنتظر أن تنتهي إلى تحقيق الحرية للأسرى الستة أو لغيرهم.

بل كانت بمثابة تحصيل حاصل أن يتم اعتقالهم أو اغتيالهم، ذلك أن فلسطين كلها تحت الاحتلال، أي في سجن كبير، ولا ملجأ أو مهرب لهم الى مكان آخر، ما يؤكد في نهاية المطاف أنهم كانوا أول المدركين بأن النفق الذي استمر حفره عاماً كاملاً لم يكن طريقهم نحو الحرية وإنما كان عملاً نضالياً يُضاف الى غيره من نضالات الحركة الأسيرة.

في المفهوم النضالي فقد تمكن الأسرى من تحقيق ما أرادوا، عبر حفر النفق والهروب من السجن الإسرائيلي، وتقدموا خطوة في مشروعهم النضالي، ويكفيهم ذلك.

وفي المفهوم ذاته فكل من يعمل من أجل فلسطين ويؤمن بأنها قضية مركزية وكبرى فعليه أن يعمل ما يستطيع في مشواره، دون التفكير في النتائج، ولا التفكير في سؤال: متى الوصول؟

ثمة مسألة أخرى يتوجب ذكرها في هذا السياق، وهي أنَّ من يناصر قضية نبيلة وتحررية وأخلاقية، إنما يهدف إلى إرضاء ضميره أولاً، واحترام ذاته وإنسانيته، فبعضُ العاملين الصغار من أجل قضية فلسطين أو غيرها لا يُمكن أن يتلمسوا أي تأثير.

بل في كثير من الأحيان يذهبُ ما فعلوه هباءً منثوراً، ومع ذلك فإن ثمة ضرورة لما فعلوا، وهي ضرورة إشعارهم بأنهم أدوا واجبهم وفعلوا ما ينبغي فعله.

والخلاصة الأهم هنا هي أنَّ على العاملين من أجل فلسطين عدم انتظار النتائج ولا ترقّب الانتصارات، ولا توقع أن فلسطين على موعد مع الحرية العام المقبل، ولا توقع أن زوال الاحتلال سيكون في 2022!

إذ رغم أن كل ذلك يمكن أن يحدث، لكن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بموعده، وعليه فإن انتظار النتائج واستعجالها قد يكون طريقاً لليأس والإحباط، لا الإنجاز والعمل. المطلوبُ من كل العاملين أن يواصلوا نضالهم حتى تسليم الراية لمن بعدهم ولا شيء غير ذلك.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الإنجاز، التضحيات، النضال، فلسطين، زوال الاحتلال، نفق الحرية،