ساسة الغرب حين يعودون لبيوتهم

ينسحب تشبثنا بالسلطة والمسؤولية على كل المستويات حتى على إدارة جمعية أو ناد مغمور أو ديوان عشيرة.

إنها ظاهرة غربية بامتياز، وغريبة جدا على مجتمعاتنا العربية فقرار ترك المسؤولية في بلادنا يشابه قرار الانتحار!! وربما أصعب.

قررت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أنها خدمت بلدها وشعبها ولم يعد لديها ما تقدمه أكثر فقررت ترك رئاسة حزبها وعدم خوض الانتخابات.

في أميركا أقوى دولة في بالعالم يقبع 5 رؤساء في الظل بعد أن خدموا بلادهم لم يحاول أي منهم التدخل بشؤون الحكم أو تعديل الدستور ليتسنى له الحكم ولاية ثالثة.

للغرب سياستان: داخلية يطبقها على شعوبه، وخارجية يطبقها على الشعوب الأخرى تناقض للأولى! لماذا لا نتبع أثرهم بما هو نافع فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

*     *     *

بعد 16 عاما من كونها المسؤول الأول في ألمانيا، تقرر المرأة "الأقوى في العالم" -وفق تقييم إحدى المجلات- العودة إلى بيتها.

هكذا ببساطة قررت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أنها خدمت بلدها وشعبها بما يكفي، وأنه لم يعد لديها ما تقدمه أكثر، فقررت المرأة ذات السبعة والستين عاما ترك رئاسة حزبها، وعدم خوض الانتخابات.

بالفعل فقد خدمت ميركل ألمانيا، ولم تخدمها ألمانيا كما في عالمنا الثالث، فهي عادت مواطنة عادية تقطن في شقتها في الطابق الرابع في بناية تفتقر إلى سور أو حتى فناء صغير، يقف أمامها شرطي واحد، وفي مكان قريب سيارة دورية.

لا بد من الاعتراف أنها ظاهرة غربية بامتياز، وغريبة جدا على مجتمعاتنا العربية، فقرار ترك المسؤولية في بلادنا يشابه قرار الانتحار!! وربما أصعب.

ينسحب تشبثنا بالسلطة والمسؤولية على كل المستويات، حتى على إدارة جمعية أو ناد مغمور أو ديوان عشيرة.

في أميركا أقوى دولة في العالم، يقبع خمسة رؤساء في الظل بعد أن خدموا بلادهم بما يكفي، لا أحد يعرف عنهم شيئًا إلا بمقدار ثرثرته، ولم يحاول أي منهم التدخل في شؤون الحكم، ولم يحاول أحدهم تعديل الدستور ليتسنى له الحكم لولاية ثالثة.

في بريطانيا العظمى يقبع خمسة وزراء سابقين في الظل، وفي فرنسا رئيسان، وفي كندا واستراليا والسويد والدنمارك وهولندا والنمسا رؤساء سابقون يعيشون حياتهم الطبيعية بعد أن خدموا بلادهم أو خسروا ثقة شعبهم.

لا شك أن هذا الغرب الذي نتغنى به له دور كبير في مآسينا التي نعيش، حتى تلك المتعلقة بالتشبث بالسلطة، ولا بد من الاعترف أن للغرب سياستين؛ سياسة داخلية يطبقها على شعوبه، وسياسة خارجية يطبقها على الشعوب الأخرى مناقضة تمامًا للأولى، ومع ذلك فلم لا نتبع أثرهم بما هو نافع، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

* عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني