إيكونوميست: دول الخليج فشلت في تحويل وجهة مواطنيها للقطاع الخاص

الخميس 7 أكتوبر 2021 09:14 م

سلطت مجلة " ذي إيكونوميست" الضوء على فشل عدد من الحكومات الخليجية في تحويل وجهة مواطنيها نحو وظائف القطاع الخاص، مشيرة إلى أن محاولات تلك الدول دعم أجور القطاع الخاص لإغراء المواطنين ثبت أنها عملية مكلفة وغير فعالة.

وذكرت المجلة في تقرير مطول أنه على مدار عقود، كانت الوظائف الحكومية ذات الأجر الجيد حقا مكتسبا بالنسبة للمواطن الخليجي. وشكلت هذه الميزة جوهر العقد الاجتماعي بين حكام المنطقة ومواطنيها: التوظيف المربح والميسر مقابل الحرمان من الحقوق السياسية.  

وأضافت "لكن بسبب القلق المتزايد بشأن عائدات النفط عير المستقرة، وتزايد عدد السكان، أمضت دول الخليج العقدين الماضيين في محاولة إقناع رعاياها المدللين على العمل في شركات مملوكة للقطاع الخاص".

وعقبت: "لقد كانت تجربة فعلية على أرض الواقع في الاقتصاد، ولكنها كانت تجربة فاشلة إلى حد كبير في تلك الفترة".

الإمارات

في سبتمبر/أيلول، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن أحدث محاولتها لإقناع المواطنين بالعمل في القطاع الخاص، عبر برنامج سيكلف 5 مليارات درهم (1.3 مليار دولار) سنويًا (0.3% من الناتج المحلي الإجمالي).

في جوهر هذا البرنامج، يوجد دعم للأجور يصل إلى 8 آلاف درهم شهريا للسنة الأولى وما يصل إلى 5000 درهم شهريًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، للمواطنين الذين يتولون وظائف في القطاع الخاص.

فالحكومة الإماراتية مثل نظرائها في دول الجوار الخليجي، حريصة على تقليص قوتها العاملة (في الوظائف الحكومية).

في عام 2019، كانت نسبة العاملين الإماراتيين في القطاع العام 78%، على الرغم من أن هؤلاء لا يشكلون سوى 10% من إجمالي الوظائف في الدولة. بينما كان هناك فقط 8% فقط من المواطنين يعملون في الشركات الخاصة.

لقد تغيرت هذه الأرقام قليلاً بمرور الوقت عما كان عليه الوضع في عام 2008، عندما كان هناك 80% من الإماراتيين يعملون في وظائف حكومية.

ووفق صندوق النقد الدولي فإن ثمة فجوة في الأجور بين القطاعين العام والخاص في الخليج بنسبة 30-50% للمواطنين. وهذا أمر منطقي لأن الموظفين الحكوميين يتمتعون بدوام أقل سبع ساعات يوميًا في الإمارات، مقارنة بثماني ساعات في الشركات الخاصة – إضافة إلى مزايا أخرى عديدة.

فعلى سبيل المثال، منحت حكومة دبي الموظفين مؤخرًا ستة أيام إجازة مدفوعة الأجر للاحتفال بإكسبو 2020 الذي بدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري. ولم يحصل العاملين في القطاع الخاص على تلك الميزة.

 علاوة على ذلك، لا توفر وظائف العام فرص عمل مدى الحياة فحسب، بل توفر أيضًا زيادات سنوية (ومزايا أخرى) غالبًا ما تتجاوز التضخم والزيادات في الأجور في الشركات الخاصة.

الكويت

اعتمادًا على التعليم وحجم الأسرة، يمكن لبعض الكويتيين الحصول على ما يقرب من 5000 دولار شهريًا في الرواتب التكميلية.

قدّر صندوق النقد الدولي في عام 2015 أن الإعانات تكلف الحكومة ملياري دولار سنويًا (بعضًا منه يتم اختلاسها من قبل العمال الوهميين، الذين يتواطئون مع أرباب العمل لتقاسم المبالغ المدفوعة).

لكن وفق المجلة، لم تساعد تلك الإعانات على إعادة تشكيل القوى العاملة في الكويت.

فمنذ عام 2005، انخفضت حصة التوظيف في القطاع العام بين المواطنين بنسبة 9 نقاط مئوية فقط، لتصل إلى 82%.

على مدى السنوات الخمس الماضية، تحركت الأرقام في الاتجاه الخاطئ: انخفض عدد وظائف القطاع الخاص بنسبة 3% من 2015 إلى 2020، في حين تضخمت وظائف القطاع العام بنسبة 22%، إلى 338 ألف موظف.

وذكرت "إيكونوميست" أن أحد أسباب فشل الدعم هو أنه يستهدف بشكل عام الأشخاص الخطأ.

يحصل الكويتي الحاصل على درجة تخصصية على دعم أكبر بمرتين أو ثلاث مرات من خريج المدرسة الثانوية، وما يقرب من سبع مرات أكثر من الشخص الذي لم يكمل دراسته الثانوية.

لكن فجوات الأجور في الخليج تميل إلى أن تكون في أدنى مستوياتها بالنسبة للوظائف التي تتطلب مهارات عالية.

يحتاج المهندس الحاصل على شهادة جامعية إلى حافز أقل للانضمام إلى شركة خاصة من خريج المدرسة الثانوية الذي يتنافس مع المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة.

ويشكو أرباب العمل من أن العديد من الباحثين عن عمل لديهم مهارات خاطئة. تخرج جامعات الخليج الكثير من الخريجين الحاصلين على درجات علمية في إدارة الأعمال أو العلوم الإنسانية، وكلاهما غير مطلوب في سوق العمل.

كما تضع الإعانات الحكومات في مأزق. فعلى الرغم من أنها قد تقلل من فجوة الأجور الأولية، إلا أنها من المفترض أن تكون حوافز مؤقتة. بمعني أنه في وقت مناسب، يجب على الحكومات أن تختار رفعها، مما قد يؤدي ببعض العمال إلى الاستقالة، أو الاستمرار في دفع رواتبهم، وهو أمر مكلف.

يقترح بعض الاقتصاديين بدلاً من ذلك تحديد حد أدنى للأجور للمواطنين، والذي من شأنه، في الواقع، نقل تكاليف الإعانات إلى أرباب العمل، بحصص أو رسوم باهظة لمنعهم من توظيف الأجانب.

يتساءل آخرون عن الدخل الأساسي الشامل، الذي سيظل مكلفًا ولكنه سيتجنب تشويه سوق العمل.

قيمة ضعيفة 

على الرغم من كل الأموال التي تبذرها على الموظفين العموميين، فإن الحكومات الخليجية لا تحصل على قيمة كبيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى نظام يكافئ العمال على أساس الأقدمية بدلاً من الجدارة.

تنفق المملكة العربية السعودية 6% من ناتجها المحلي الإجمالي على التعليم، وهو أعلى بكثير من معظم البلدان، لكنها تحتل مرتبة سيئة في التصنيف التعليمي الدولي.

يبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد أخذت بعض هذه القضايا بعين الاعتبار. إذ تخطط لإنفاق 1.3 مليار درهم على التدريب المهني في مجالات مثل إدارة الممتلكات والمحاسبة وتقديم منح دراسية لشهادات التمريض.

كما ستقوم الإمارات بتوجيه بعض الإعانات المالية إلى التمويل والرعاية الصحية والممتلكات، والتي لديها القدرة على توظيف الكثير من الناس. لكن هذه الوظائف لا تزال بحاجة إلى أن تكون أكثر جاذبية من نظيراتها المريحة في القطاع العام.

ربما يكون الشيء الأكثر فائدة الذي يمكن للحكومات أن تفعله هو جعل الأقلام المروجة لهم تعمل أكثر بتكلفة أقل، سيكون هذا بالتأكيد وسيلة أرخص لتقليص فجوة الأجور.

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

الإمارات الخليج الكويت التوظيف القطاع العام القطاع الخاص

صندوق النقد: انتعاش التعافي الاقتصادي في دول الخليج وشمال أفريقيا

العقد الاجتماعي القديم بالخليج يتفكك.. ما العمل للخروج بأقل الأضرار؟