استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في مسألة العرب والابتكار

الأحد 24 أكتوبر 2021 02:03 م

في مسألة العرب والابتكار

أغلب الدول العربية في وسط مؤشّر الابتكار العالمي لسنة 2021 الذي يُبنى على 81 مقياسا.

ثمة عوامل أساسية ثلاثة للابتكار: تطوّر البنى التحتية وتطور السوق وتطور مناخ الأعمال.

سيبرز الإبداع العربي عندما يتحرّر العقل العربي، ولن يتحرر إلا بتحرير الإنسان من القهر والظلم والفساد والاستبداد.

شروطٌ الابتكار لا تتعلق فقط بالإمكانات المادية بل بالعيش في أجواء الحرية والكرامة، والتقدير المرتبط بالكفاءة لا بالقرابة مع فتح المجال بقدر الاستحقاق.

يحقّ لأي عربي التساؤل عن مدى انخراط العرب في مسلسل الثورة الرقمية التي يعيشها العالم منذ عقدين وعندما نتحدّث عن الانخراط لا نقصد الاستهلاك.

غدت التكنولوجيا الحديثة مقياسا للتطور العلمي والتفوق الاقتصادي بل والقوة العسكرية فحروب الجيوش ميدانيا أصبحت تخاض الآن، أولا بميدان العالم الرقمي.

*     *     *

أعلنت شركة فيسبوك عن حاجتها لتوظيف أكثر من عشرة آلاف شخصٍ من ذوي المهارات العالية لتطوير شبكة "ميتافيرس"، وهو العالم الرقمي الافتراضي الموازي الذي يحلم به عمالقة التكنولوجيا الحديثة.

وهنا يحقّ لأي عربي التساؤل عن مدى انخراط الأمة العربية في مسلسل الثورة الرقمية التي يعيشها العالم منذ عقدين. وعندما نتحدّث عن الانخراط لا نقصد الاستهلاك، فالعرب لا يغلبهم أحد في هذا الباب، والتفاخر بذلك أصبح سمة مجتمعات عربية عديدة، شأنهم في ذلك شأن خطيب وداعية معروف في باريس، طلع إلى المنبر يوما، وخاطب المصلّين قائلا

"أتدرون كيف وصلت أميركا إلى صناعة الطائرات؟ طبعا لا، لكن هذا لا يهمنا، فها نحن نركبها الآن وأصبحنا نحلق في السماء بفضل الله تعالى". .. لا يرى فائدة في الابتكار ما دامت نتيجته ستصل إليه يوما وسيستعملها.

منذ إنشائه سنة 2007، يقدّم مؤشّر الابتكار العالمي، الذي يصدر سنويًا عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، تقييمًا للأداء وترتيبًا لـ132 اقتصادًا عالميا، بناء على منظومتها في تطوير الابتكار، ويعطي دليلا علميا واضحا على مدى انخراط الدول في مجال الابتكار، حيث يعتمد على معطيات ومؤشّرات يستقيها من مصادر دولية عامة وخاصة.

وهو يتجاوز المعايير التقليدية للابتكار، باعتماد تعريف أوسع، ما حدا بدول عديدة متقدمة للتنافس فيما بينها لتحسين ترتيبها الدولي، باعتماد سياسات اقتصادية تحفيزية لكل من أراد الولوج في هذا المجال والاستثمار فيه.

أيضا بدعم المختبرات العلمية ومراكز الأبحاث، خصوصا في مجال التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت مقياسا ليس للتطور العلمي والتفوق الاقتصادي فحسب، بل للقوة العسكرية كذلك، فالحروب التي كانت تخوضها الجيوش ميدانيا أصبحت تخاض الآن، أولا وقبل كل شيء، في ميدان العالم الرقمي.

لننظر الآن في تصنيفات مؤشّر الابتكار العالمي لسنة 2021، حيث نجد سويسرا في المرتبة الأولى، تليها السويد ثم الولايات المتحدة، فبريطانيا ثم كوريا، تحتل ألمانيا المرتبة العاشرة تتبعها فرنسا ثم الصين واليابان، وتحتل إسرائيل المرتبة الخامسة عشرة.

أما الدول العربية فأغلبها في وسط الترتيب، مع مفاجأة وجود الجزائر في مؤخرة التصنيف في المرتبة العشرين بعد المائة، أما وجود اليمن في المرتبة ما قبل الأخيرة أي 131 فمفهوم، نظرا إلى أوضاع هذا البلد المزرية.

يُبنى الترتيب على 81 مقياسا يعتمدها مؤشّر الابتكار، موزعة على سبعة مؤشّرات رئيسية: المؤسسات، والرأسمال البشري والأبحاث، والبنية التحتية، وتطوّر السوق، وتطور بيئة الأعمال، ومخرجات المعرفة والتكنولوجيا، ومخرجات الإبداع.

لكن لننتبه إلى جزئياتٍ مهمة، فعند التدقيق في التقارير المتعلقة بكل دولة على حدة، يلاحظ أن بعض الدول العربية احتلت مراكز متقدّمة لا لتقدّمها في مجال الإبداع والابتكار.

لكن نظرا إلى عوامل أساسية ثلاثة، تطوّر البنى التحتية وتطور السوق وتطور مناخ الأعمال، بينما نجد مخرجات المعرفة والتكنولوجيا والإبداع لا تحتل المراتب نفسها.

يجرّنا هذا كله إلى الحديث عن المهارات العربية والخبراء العرب والمسلمين الذين يساهمون في تطور البلدان الغربية، وينالون أعلى المراتب العلمية، أولئك المهاجرون الذين قليلا ما يُتحدّث عنهم في الإعلام الغربي، ويعملون بصمت، واستطاعوا فرض وجودهم في مجتمعاتٍ غربيةٍ لا تسمح ببروز المؤهلين الأجانب إلا قليلا، وقد رأينا عينة منهم خلال جائحة كورونا من خلال علماء عديدين في شتى المجالات العلمية.

وليس الحديث هنا عن أبناء الجيل الثاني أو الثالث ممن ولدوا في الغرب، وإنما عن الذين درسوا في بلدانهم الأصلية، وهاجروا إما لإتمام دراستهم العليا أو لنيل فرص عمل جذّابة، فوجدوا في الغرب ما يشفي غليلهم فأبدعوا وابتكروا، ليستفيد الغرب من كفاءاتهم، من دون أن يصرف درهما واحدا على تكوين أغلبهم، فيما كان في وسع هذه الأدمغة المهاجرة العطاء في بلدانها، وربما بطريقة أفضل، لو توفرت لها الشروط والإمكانات.

وهي شروطٌ لا تتعلق فقط بالإمكانات المادية، بقدر ما ترتبط أيضا بالعيش في أجواء الحرية والكرامة، والتقدير المرتبط بالكفاءة لا بالقرابة، مع فتح المجال وإعطاء المكانة اللازمة بقدر الاستحقاق، لا بقدر الرشوة أو التملق.

سيبرز الإبداع العربي عندما يتحرّر العقل العربي، ولن يتحرر إلا بتحرير الإنسان من القهر والظلم والفساد والاستبداد. وستزدهر العلوم ويظهر الابتكار، عندما يتحوّل إبداع الحكام وهمهم من إحكام قبضتهم على المحكومين إلى إرساء العدالة والديمقراطية، ثم تحقيق الرفاهية والازدهار لمواطنيهم. حينها سيشعر المواطن بالثقة والاطمئنان، فيقل الإبداع في النصب والاحتيال لصالح الإبداع لخدمة الصالح العام، لتشرق شمس الله على الشرق، كما أشرقت على الغرب.

* عمر المرابط باحث في الشؤون السياسية، نائب عمدة سابقا، مهندس معلوماتيات مختص بالتحول الرقمي.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

العرب، الابتكار، كورونا، البنية التحتية، المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مؤشر الابتكار العالمي، العالم الرقمي الافتراضي،

تونسي يحصل على جائزة البحث والابتكار من بوردو الفرنسية لعام 2021