ن. تايمز: البرهان لم يكن ليتحرك دون دعم تكتيكي من مصر والإمارات

السبت 30 أكتوبر 2021 03:20 م

اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن قائد الجيش السوداني "عبدالفتاح البرهان" لم يكن ليتحرك ويقوم بالانقلاب الأخير دون دعم تكتيكي من مصر والإمارات اللتين لم تشجبا انقلابه، بينما السعودية شجبته.

وقالت الصحيفة في تقرير أعده "ديكلان وولش" و"عبدي ضاهر" إن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي "جيفري فيلتمان" عمل ولأيام للتوسط والتحاور بين قائد الجيش السوداني ورئيس الوزراء "عبدالله حمدوك" من أجل منع انهيار عملية الانتقال الديمقراطي الضعيفة والتي مضى عليها عامان.

وفي سلسلة من اللقاءات المحمومة في العاصمة السودانية الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي، حاول "فيلتمان" تقريب وجهات النظر بين "البرهان" و"حمدوك" اللذين يتقاسمان السلطة منذ سقوط نظام "عمر البشير".

وفي آخر لقاء عقد بوقت متأخر من ليلة الأحد، طالب "البرهان" بحل الحكومة واستبدالها بحكومة تكنوقراط، لكنه لم يعط أية أدلة عن نيته السيطرة على السلطة بالقوة.

وقال السفير السوداني في الولايات المتحدة "نورالدين ساتي" "لقد كذبوا عليه" و"هذا خطير جدا لأنك عندما تكذب على الولايات المتحدة فيجب أن تتحمل النتائج".

ولم يظهر أي سبب دفع "البرهان" لوقف عملية الانتقال الديمقراطي ولا توجد ضمانات عن نجاح حركته.

وفي سلسلة من اللقاءات مع المحللين وعدد من المسؤولين الأمريكيين والسودانيين والأوروبيين، ظهرت صورة عن جيش بات محبطا من شركائه المدنيين ويريد الحفاظ على ميزاته بأي ثمن وتجنب التحقيق في شؤون المالية وانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت خلال عقود من حكم "البشير".

روسيا شجعت الانقلاب

وحمل البعض الحكومة المدنية الفشل في تخفيف مخاوف الجنرالات من المحاكمة أثناء عملية التحول الديمقراطي، في وقت قال مسؤول أمريكي إن روسيا شجعت الانقلاب على أمل تأمين عقود تجارية وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة المدنية تعيش في خوف من انقلاب عسكري منذ 18 شهرا، ففي الأسبوع الماضي قام محتجون بالاعتصام أمام القصر الجمهوري وأغلقت ميليشيا مسلحة ميناء بورتسودان، مما منح صورة عن قرب الانقلاب.

والإثنين الماضي؛ حل "البرهان" المجلس السيادي واعتقل رئيس الوزراء وحل اللجان التي تدير نقابات العمال، واعتقلت قوات الأمن قادة مدنيين بارزين ضرب أحدهم بشدة، حسب مسؤول غربي. وأدى تحركه إلى موجة من الاحتجاج المميت والتوقف عن العمل وأثار شجبا دوليا وإقليميا ومطالب بعودة القيادة المدنية، لكن هذا لم يخفف من عزيمة "البرهان" وجماعته.

وقال الباحث السوداني "جهاد مشمون":"عدنا للمربع الأول.. يريد الجنرال البرهان تأكيد سيادة الجيش على الشؤون السودانية وسيخرج الناس لمواجهته".

ويعرف القليل عن "البرهان" (61 عاما) قبل صعوده للسلطة في الأيام المضطربة التي أعقبت تحرك الجيش ضد "البشير".

فقد كان المفتش العام للجيش السوداني، ولعب دورا في إرسال الجنود السودانيين بمن فيهم أطفال للمشاركة في حرب اليمن. وعمل قائدا ميدانيا في دارفور عندما قتل 300 ألف شخص في الفترة ما بين 2003-2008، وهو مقرب من "البشير" ويؤمن بقوة أن الجيش هو أهم مؤسسة في البلد، إن لم يكن الدولة نفسها، حسبما يقول الزميل غير المقيم في المعهد الأطلنطي "كاميرون هدسون".

وعندما دفع إلى الحياة العامة بعد ثورة شعبية ضد حاكم قوي، أثبت أنه زعيم متردد وغير متعود على المسرح الدولي. وفي ظل العزلة الدولية أثناء حكم "البشير" فقد كان مجال سفره محدودا في عدد من الدول العربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة.

وبالمقارنة قضى "حمدوك" (65 عاما) المختص بالاقتصاد معظم حياته المهنية عاملا في المؤسسات المالية الدولية ومستشارا للشركات.

واتسمت العلاقة بينهما بالمودة بداية الفترة الانتقالية، حيث أشرف "حمدوك" على سلسلة من الإصلاحات التي أدت إلى شطب السودان عن قائمة الدولة الراعية للإرهاب ومنع الختان وألغى قانون الردة ووقع اتفاقية سلام مع قادة التمرد، لكن العلاقات توترت حول مسألة إدارة البلد واقتصاده، وتعمقت الخلافات بعد المحاولة الانقلابية.

الجيش ومصالحه

وتصاعد التوتر أكثر في الأشهر الأخيرة بعد الضغوط التي مارستها الجماعات المدافعة عن الديمقراطية للجيش بتسليم السلطة والحكومة المدنية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد في عهد "البشير"، ورفض الجيش حيث خشي قادته من أن يكشف أي تحقيق عن مصالحهم الشخصية والمالية وجماعاتهم.

ومن القضايا الخلافية الأخرى كان موضوع تسليم "البشير" للجنائية الدولية، حيث يتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى. ومع أن "البرهان" والجنرال "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بالعنف الإبادي في دارفور لم توجه إليهما اتهامات إلا أنها كانا يريدان الحفاظ على الوضع الراهن.

وقال "مشمون" إن الجنرالين على علاقة قريبة منذ دارفور ولديهما خوف كبير لو سلم "البشير" للجنائية الدولية، و"يريدان نوعا من الحصانة".

وحاولت القوات العسكرية والأمن منع أي محاولات تطال مصالحهما المالية الواسعة، فهما معا يديران عددا من الشركات المملوكة للدولة، في مجال الإنشاء وبيع المعادن، وبخاصة الذهب والاستيراد والتصدير في مجال المواشي ومواد البناء والأدوية، وهي تعاني من فساد واسع ومن النادر مساهمتها في ميزانية الدولة، كما يقول سليمان بالدو، المستشار البارز في مركز "سينتري" بواشنطن.

ويترأس "البرهان" مجلس أمناء "أنظمة التصنيع الدفاعية" وهي أكبر الشركات التابعة للجيش، ويزيد ذلك من مصالحه التجارية بالإضافة لقيادته الجيش والزعيم الفعلي للبلاد.

لكن القادة المدنيين في العملية الانتقالية يتحملون بعض اللوم في انهيار العلاقة، كما يقول ساتي، السفير السوداني في واشنطن والذي عزله الجيش الخميس مع عدد من السفراء لشجبهم الانقلاب.

وأكد "ساتي" أنه لا يزال على رأس عمله. وقال "هناك شد وجذب بين الطرفين" ولم يفهم المدنيون أهمية تخفيف مخاوف الجيش.

ومع زيادة التضخم ونقص المواد الغذائية لم يكن "حمدوك" التكنوقراط بالتدريب والمزاج قادرا على إدارة الأمور نظرا لافتقاره للمهارات السياسية.

وقبل أيام، انتقد "فيلتمان" دعم مصر والإمارات والسعودية الضمني لإجراءات "البرهان" الأخيرة، مؤكدا أنه لن يفيد الخرطوم في مواجهة المشاكل الاقتصادية.

كما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الانقلابين اللذين جريا في السودان وتونس تقف وراءهما مصر ودول خليجية، داعية أمريكا والأطراف الأخرى في الغرب إلى الضغط على هذه الدول.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان انقلاب البرهان مصر السعودية الإمارات حمدوك حميدتي

انقلاب السودان.. السعودية والإمارات تدعوان للتهدئة ومصر: نراقب الوضع

من الإطاحة بالبشير إلى انقلاب البرهان.. كيف تتلاعب الإمارات بالعسكر في السودان؟

عبدالله بن زايد وشكري يبحثان الأوضاع بليبيا وسوريا والسودان واليمن