دول الخليج تستخدم سحب الجنسية كأداة للقمع السياسي

الثلاثاء 19 أغسطس 2014 07:08 ص

أنس محمود

في الحادي عشر من أغسطس 2014 قرر مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه الأسبوعي الذي عقد برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، سحب الجنسية الكويتية من 10 أشخاص، من بينهم الداعية المعروف الدكتور نبيل العوضي.

وقد أصدر رئيس الإمارات  الشيخ خليفة بن زايد قرارا في ديسمبر 2012 بسحب الجنسية الإماراتية عن سبعة معارضين لاتهامهم بالقيام «بأعمال تهدد الأمن الوطني لدولة الإمارات من خلال ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة».

وقامت وزارة الداخلية البحرينية العام الماضي بسحب الجنسية من 31 شخصا بينهم نائبان سابقان استنادا إلى قانون الجنسية الذي يجيز إسقاط الجنسية عمن يتمتع بها إذا تسبب في «الإضرار بأمن الدولة».

وكانت السعودية قد اتخذت القرار الشهير بسحب الجنسية من زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في عام 1994 عقب اغتيال السفير السعودي في باكستان.

وفي حادثة شهيرة أيضا سحبت قطر الجنسية من عشيرة ال غفران بداعي ازدواجية الجنسية مع السعودية، وبالرغم من أن السلطات في قطر قالت أن هذا الاجراء قانوني لا علاقة له بالسياسة إلا أن صحفا سعودية آنذاك أشارت إلى أن القرار تم بسبب دعم القبيلة للأمير الأسبق خليفة بن حمد على حساب ابنه الأمير السابق حمد بن خليفة.

ولا يحتاج الأمر في دول الخليج اليوم  إلى اجراءات قانونية معقدة فاجتماع مجلس الوزراء أو تعديل مرسوم ملكي أو أميري أو سلطاني كفيل بتنفيذ القرار. حيث كشفت الجريدة العمانية الرسمية عن تفاصيل التعديلات على المرسوم السلطاني الخاص بإصدار قانون الجنسية العمانية والذي تضمن عقوبة تسقط الجنسية العمانية عن المعتنقين لافكار “مضرة” والمحكومين في قضايا تمس أمن الدولة، كما شمل اجراء السحب الرافضين لتلبية مطالب الحكومة بالتوقف عن العمل لحساب دول أجنبية او العمل لصالح دول معادية.

بهذا القرار تكون عمان  آخر المنضمين إلى قطار سحب الجنسيات في الخليج بعد الإمارات والبحرين الكويت بإصدارها قانونا جديدا للجنسية، لتصبح بذلك رابع دولة خليجية تقنن سحب جنسية المحرضين على الإرهاب.

وترى كل من  الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت ضرورة اسقاط جنسيات مواطنيها الذين ينخرطون في “أعمال معادية لمصالح دولهم”.

وتنص المادة 16 من قانون الجنسية الاماراتي رقم 17 للعام 1972 والقانون المعدل في وقت لاحق على أنه تسحب الجنسية عن المتجنس «إذا أتى عملا يعد خطرا على أمن الدولة وسلامتها أو شرع في ذلك».

وورد في قانون الجنسية الكويتي المادة 13 أنه يجوز بمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية، سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي حصل عليها في حالات عديدة منها «إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك».

وقد صادق العاهل البحريني الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» على القانون رقم 21 للعام 2014 والقاضي بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية للعام 1963، وجاء في مادته العاشرة أنه يجوز بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية وبعد موافقة مجلس الوزراء إسقاط الجنسية البحرينية عمن يتمتع بها إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية او إذا تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفا يناقض واجب الولاء لها.

وبالرغم من أن مثل هذه القرارات ينبغي أن تصدر عن مؤسسات قضائية متخصصة وضرورة إعطاء المتهمين الفرصة في الدفاع عن حقوققهم وفق الأنظمة القضائية إلا أن القرار جاء عبر مجلس الوزراء ليخرج في  صورة سياسية واضحة.

وتعتبر هذه الوسيلة سلاحا تستخدمه حاليا الدول الخليجية تجاه معارضيها والرافضين لسياساتها الداخلية والخارجية تحت حجج ومبررات واهية حيث تتخلص هذه الدول من كل من يعارض سياساتها أو يحتج على قراراتها. والواقع يشهد أن الواقعين تحت رحمة وتهديد هذه القوانين هم المطالبون بالإصلاح والديمقراطية ودعاة حقوق الانسان.

وتزيد الدول في قمع معارضيها  باتهامهم بالإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد أو التعامل مع جهات وأجهزة مخابرات معادية أو تعتبرهم متمردين على القوانين في أخف الأحوال.

تداعيات اجتماعية

ويرتبط بقرار سحب الجنسية تداعيات خطيرة على المستوى الاجتماعي حيث يترك  المواطن الذي تتم سحب جنسيته بلا أي حقوق مدنية، كالتعليم، والصحة، والوظيفة، أو السفر والتنقل بحرية. كما تنسحب تبعات القرار على عائلات الأشخاص وأبنائهم. فالمواطن الذي سحبت جنسيته لا يقف في العراء، بل له أسرة وشبكة علاقات اجتماعية، وأحيانا قبيلة، ليس من السهل انتزاعه منها بقرار إداري.

كما أن السؤال عن معنى الانتماء والمواطنة يصبح ملحا إذا كان قرارها بيد السلطة السياسية دون أي معايير تتسم بالعدالة والتجرد.

وليس بخاف على أحد أن قسما كبيرا من أنظمة دول الخليج يستشعر خطرا كبيرا بعد انطلاق موجات الربيع العربي وتتخذ بعض هذه الدول ردود أفعال وقرارات ومواقف متخبطة من أجل المحافظة على بقائها واستقرار سلطاتها.

وترى دول الخليج التي تستخدم سلاح سحب الجنسيات في هذا السلوك اجراءا وقائيا للحفاظ على طبيعة تركيبتها السياسية الحالية غير أن هذا السلوك لا يقود إلا لمزيد من الاحتقان الداخلي وتأجيج صفوف المعارضة لها على المدى القريب والبعيد.

 

(المصدر: الخليج الجديد)

  كلمات مفتاحية

الأصولية السلطوية وانهيار «الدولة» العربية