استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

خراف جورجية وأدوية: الدروس المستقاة

الجمعة 10 ديسمبر 2021 07:17 ص

خراف جورجية وأدوية: الدروس المستقاة

ما تداعيات ضعف المنافسة على أسعار سلعتين أساسيتين هما الأدوية واللحوم الحية؟ وكيف تم علاج الاختلال الهيكلي بعد تأخير طويل؟

مهما كانت مسوغات الحماية قوية يجب أن تكون مؤقتة ومشروطة وألا تكون على حساب المستهلك ولصالح المستورد أو المنتج المحلي دائما.

عندما تكون السلعة الأساسية مستوردة كان لتوسيع السوق وإيجاد بدائل عالمية وتقوية المنافسة مساهمة جوهرية في تخفيض السعر وتحسين الجودة.

ضعف تنفيذ قانون المنافسة لقلة موارده والسلطات الممنوحة والمتابعة ونقص بمعلومات السوق العالمية أو لمصالح نافذة أو اختناقات جوهرية في العرض.

اقتصاد السوق الحر لا يعمل بكفاءة دون منافسة مفتوحة عادلة مما يتطلب تدخل الدولة بأجهزتها في الأسواق لدعم المنافسة بالمدى الطويل ولو كان الاقتصاد صغيرا ومفتوحا.

*      *      *

في مرحلة معينة من حياة هذا الكاتب الأكاديمية والمهنية، تم التعمق في سياسة المنافسة وتشريعاتها في علمي الاقتصاد والقانون.

وأدرك الكاتب حينها ان اقتصاد السوق الحر لا يمكن أن يعمل بكفاءة وعدالة دون منافسة مفتوحة وعادلة. هذا يتطلب تدخل الدولة بأجهزتها التشريعية والرقابية والمالية والمصرفية في الأسواق الحرة لدعم عملية المنافسة في الأجل الطويل بشتى السبل، حتى ولو كان الاقتصاد صغيراً ومفتوحاً.

في المقابل، لم تولِ برامج صندوق النقد والبنك الدوليين– تابعتها أيضاً في اطار مهنتي– اهتماماً كافياً لهذا الإصلاح الجوهري، رغم ان هذه البرامج أصرت على نظام السوق الحر منذ عام 1989 وحتى بعد الأزمات العالمية المتتابعة!

بل كان بعض المانحين الدوليين هم الداعم الأكبر للسير في اصدار قانون المنافسة في الأردن عام 2002، أي بعد نحو عقد ونصف من بدء برامج "الإصلاح" الاقتصادي.

القانون الأردني للمنافسة مطلع الألفية الثالثة كان مميزاً وريادياً في المنطقة باستثناء بعض الأحكام التي تحول دون استقلال هيئة المنافسة ومبادراتها التنافسية، لكن التنفيذ كان المعوق الأول.

إذ تعرّض التنفيذ الفعال للضعف التدريجي بسبب قلة الموارد البشرية والمالية وحجم السلطات الممنوحة والمقدرة على المتابعة، مقابل نقص في معلومات السوق العالمية أو مصالح نافذة أو اختناقات جوهرية في جانب العرض.

في هذا المقال، سأستعرض بإيجاز حالتين من ضعف المنافسة في الاقتصاد الاردني وتداعياتها على أسعار سلعتين أساسيتين هما الأدوية واللحوم الحية، وكيف تم علاج الاختلال الهيكلي بعد فترة تأخير طويلة.

في قطاع الأدوية، وسواء أكان الارتفاع في الأسعار المحلية للأدوية قبل عام 2020 مبررا أم غيرذلك، فقد تمكنت اللجنة المشكلة لمراجعة اسعار الادوية مشكورة، وبأساليب متعددة، من خفض أسعار مئات الأدوية (1127 أو يزيد) بنسب كبيرة ومتفاوتة.

وتستخدم لعلاج أمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز الهضمي، والسكري، والأورام، والمضادات الحيوية والأمراض النفسية والعصبية وأمراض الجهاز التنفسي والعضلات والأمراض العصبية. وكانت اللجنة أعلاه هي جهد مشترك من الحكومة والبرلمان والعاملين في قطاع الصحة والادوية.

هذا الإجراء المؤسسي المنسق ساهم، وسيساهم، في تخفيض تكاليف بند الأدوية في الموازنة العائلية لما يفوق 2 مليون أسرة في الأردن، وفي تحجيم الإنفاق المتزايد لوزارة الصحة في آن واحد.

الحالة الثانية هي قطاع اللحوم الحية، وتحديداً لحم الخراف. هنا سيكون لتوسيع خيارات الاستيراد وتوسيع السوق العالمي وتسهيل رخص الاستيراد لتشمل دولة جورجيا سيساهم في تخفيض أسعار اللحوم الطازجة وتحسين تنافسية الصناعات الغذائية المرتبطة.

ماذا عن أبرز الدروس المستفادة؟

أولاً: في حالتي الأدوية والخراف، كانت السلعة الأساسية مستوردة من الخارج، وكان لتوسيع السوق وإيجاد البدائل العالمية وتقوية المنافسة مساهمة جوهرية في تخفيض السعر وتحسين الجودة وتحقيق الوفورات على المواطن والخزينة معاً بما ينعكس مباشرة على معيشة المواطن وعجز الموازنة العامة.

فمهما كانت مسوغات الحماية قوية (مثال: زيت الزيتون المحلي)، فإنها يجب:

- أن تكون مؤقتة ومشروطة

- ألا تكون على حساب المستهلك ولصالح المستورد أو المنتج المحلي بصورة دائمة.

ثانيًا: مدعوماً بجهازه التنفيذي وبتشريعات المنافسة والرقابة المطورة، ينبغي أن يكون القطاع العام– بما فيه وزارة الصناعة والتجارة– مبادراً وفاعلاً في دراسة المنافسة في أسواق السلع والخدمات والنقد والعمل ضمن تقرير سنوي مستقل، وفي مراجعة ظروف الأسواق وتقوية حوكمتها وانضباطها تبعاً لتغير عوامل العرض والطلب المحلي والإقليمي والعالمي، وليس الانتظار طويلاً، سنوات وعقود، لشكاوى رسمية محدودة (عددها سبعة فقط في عام 2020) ومبادرات فردية من هنا وهناك.

* د. جمال الحمصي خبير اقتصادي ومالي

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

خراف، أدوية، صندوق النقد الدولي، اقتصاد، السوق الحر، لمنافسة، أجهزة الدولة، الحماية، توسيع السوق، اللحوم الحية،