زيارة جانتس إلى واشنطن.. ورقة ضغط أمريكية في سياق التصعيد ضد إيران

الأحد 12 ديسمبر 2021 01:06 م

تشير زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس" إلى واشنطن إلى تصعيد في النهج الأمريكي تجاه المفاوضات مع إيران. ويبدو أن الإدارة الأمريكية استخدمت زيارة "جانتس" كتكتيك تهديدي لتحذير إيران من أن برنامجها النووي لن يكون محصنا من الهجوم إلى الأبد.

وبالرغم أن "جانتس" كان يعرف أنه يجرى استخدامه من قبل إدارة "بايدن"، إلا أنه بدا سعيدا جدا عندما أنهى اجتماعاته مع وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" ووزير الدفاع "لويد أوستن" وغيرهما من كبار المسؤولين في واشنطن، وبدا أن إسرائيل ترى الزيارة ناجحة.

تصعيد النبرة التهديدية

وصل "جانتس" إلى واشنطن يوم 8 ديسمبر/كانون الأول في لحظة دراماتيكية بعد فشل الجولة الأولى من محادثات فيينا وتسارع الجهود لاستئنافها.

وأثناء وجود "جانتس" في واشنطن، تم إبلاغه بأن اجتماع فيينا في 9 ديسمبر/كانون الأول انتهى أيضا بشكل غير حاسم. وبدا أن الإيرانيين جاؤوا إلى فيينا ليأخذوا فقط لا ليعطوا، ولكن يبدو أن الدراما الحقيقية كانت تجري في واشنطن حيث أخبر مسؤول أمريكي كبير "رويترز" قبل وصول "جانتس" أن وزيري الدفاع "سيناقشان التدريبات العسكرية المحتملة استعدادا للسيناريو الأسوأ لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية".

ووفق التقارير، لم يتم استخدام هذه اللغة الصريحة من قبل أي مسؤول أمريكي كبير منذ تولي إدارة "بايدن" في 20 يناير/كانون الثاني، لا علنا ​​ولا وراء الأبواب المغلقة.

وقال مصدر دفاعي إسرائيلي كبير لموقع "المونيتور"، بشرط عدم الكشف عن هويته: "بدأ الأمريكيون في فهم الوضع، إنهم يفهمون الآن أن إيران تحاول أن تهزأ بالعالم.. وتعد ممارسة الضغط الأقصى الآن أمرا حيويا لأنه بمجرد أن يصل الإيرانيون إلى تخصيب بنسبة 90% (الدرجة المطلوبة عسكريًا) سيكون كل ذلك بلا جدوى".

ظلال المفاوضات النووية

ألقت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بظلال مظلمة على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية. ولعب رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت" دور "الشرطي السئ" في الأسابيع الأخيرة حيث أعرب بوضوح عن مخاوف إسرائيل العميقة وانتقد نهج القوى العالمية تجاه إيران والمفاوضات وهدد بضربة عسكرية. أما "جانتس" وووزير الخارجية "يائير لابيد" فقد قدموا أنفسهم في صورة "الشرطي الطيب"، حيث واصلوا تجنب التعبير العلني عن الخلافات العميقة مع واشنطن.

ووفق التقارير، فقد كشف "جانتس" للأمريكيين عن كميات هائلة من المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى ما كشفه رئيس الموساد "ديفيد بارنيا" لنظرائه قبل أيام في واشنطن، ويقال إن "جانتس" أخبر "أوستن" و"بلينكن" أنه "إما تنفيذ ضربة عسكرية الآن وإلا فلن يتم ذلك أبدًا"، مشيرًا إلى أنه إذا حقق الإيرانيون 90% من التخصيب، فلن يكون هناك أحد ليتحدثوا إليه.

وكانت اجتماعات "بارنيا" مع نظرائه الأمريكيين مختلفة بشكل ملحوظ عن محادثات "جانتس"، حيث يدرك "بارنيا" أن إسرائيل خسرت المعركة ضد تسارع التخصيب الإيراني لليورانيوم مع حصول إيران على آلات طرد مركزي سريعة ومتطورة بالإضافة إلى المعرفة والوسائل. ويدرك "بارنيا" أن وصول إيران إلى نسبة تخصيب كافية لقنبلة (مستوى الاستعداد المعروف باسم 1SQ) يتوقف على اتخاذ إيران القرار للقيام بذلك، ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن إيران ستستغرق 4 إلى 6 أسابيع فقط لتحقيق هذا الهدف إذا تم اتخاذ القرار.

السلاح النووي الإيراني أقرب

وحاليا، يقول بعض المحللين الإسرائيليين إن الحملة ينبغي أن تستهدف وقف التسليح الإيراني النووي (أي تحويل اليورانيوم المخصب إلى رأس حربي نووي يمكن تركيبه على صاروخ باليستي)، وتعتقد إسرائيل أن إيران تبعد عن تحقيق مثل هذا الهدف 18 شهرا إلى عامين.

وقال "جانتس" لـ"بلينكن" و"أوستن" إن إيران ليست مشكلة إسرائيلية بل تهديدا عالميا وإقليميا، منوّهًا في الوقت ذاته إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدعو إلى تدمير إسرائيل ولا تستطيع إسرائيل أن تتجاهل هذا التهديد. ووفقا للتقارير، قال "جانتس" في اجتماعاته إن إسرائيل ليس لديها خيار لأنه لا يمكنها أن تدع ذلك يحدث.

وناقش "جانتس" المسائل العملياتية مع الأمريكيين، مفصّلًا الاستعدادات الإسرائيلية لما تسميه "إحياء الخيار العسكري". وعلى عكس التصورات، فإن إسرائيل لديها أكثر من خيار عسكري لا ينطوي أي منهم على هجوم شامل مرة واحدة ولا ضربة من عشرات المقاتلات النفاثة على النحو الذي اقترحته تدريبات إسرائيل في العقد السابق.

وبالمناسبة فبعد إحدى هذه التدريبات التي طارت فيها حوالي 100 مقاتلة إسرائيلية في محاكاة لضرب إيران، سأل رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأدميرال "مايكل مولين" قائد الجيش الإسرائيلي آنذاك "جابي أشكنازي" قائلا: "أنت لن تفاجئنا، أليس كذلك؟" وأجاب "أشكنازي" بغموض إن "إسرائيل تعتزم الدفاع عن أمنها القومي".

تقدم ترحب به إسرائيل

وعلى أي حال، فإن استخدام لغة صريحة حول التدريبات العسكرية المشتركة والتنسيق العملياتي مع إسرائيل، يشكل تقدما دراماتيكيا ومرحبا به للغاية بالنسبة لـ"جانتس".

وقال مصدر أمنيّ مطلع على المحادثات إن "جانتس" أخبر نظراءه الأمريكيين بأن "الردع في منطقتنا يعني الجدية.. ينسب النشاط الهجومي ضد الأهداف الإيرانية في سوريا إلى إسرائيل.. إن اتخاذ إجراءات متسقة ومستمرة بلا هوادة يوصل للجانب الآخر أن الساحة غير خالية ويخلق الردع".

كما تعامل "جانتس" أثناء وجوده في واشنطن مع قضايا أخرى، حيث التقى بزعماء لوبي "أيباك" الموالي لإسرائيل لمناقشة اعتراضات الكونجرس على تمويل للقبة الحديدية الإسرائيلية بقيمة مليار دولار. كما تم طرح القضية الفلسطينية وأشاد "بلينكن" بالتدابير التي تتخذها إسرائيل لتعزيز السلطة الفلسطينية.

ولكن إيران كانت السبب الرئيسي لزيارة "جانتس" إلى واشنطن، وقد عاد راضيًا عن رحلته رغم أن الطريق أمامه لا يزال طويلًا ووعرًا.

المصدر | بن كاسبيت - المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل جانتس إيران المفاوضات النووية الاتفاقية النووية بايدن محادثات فيينا البرنامج النووي الإيراني ضربة عسكرية

أمريكا الخاسر الأكبر.. سيناريو الحرب بين إيران وإسرائيل