سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكي، الضوء على ما وصفته بالتغلغل التركي المتواصل منذ سنوات في القارة الأفريقية والذي يتخذ أشكالا متعددة، مشيرة إلي أنه يأتي في إطار مساعي الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لسد الفراغ الأمريكي بالقارة السمراء.

واستشهدت المجلة بحضور قادة أكثر من اثني عشر دولة أفريقية لقمة الشراكة بين تركيا وأفريقيا في إسطنبول الأسبوع الماضي، معتبرة أن ذلك يعكس النفوذ المتزايد لتركيا في القارة التي كانت ضحية للاستعمار الغربي لعقود.

وذكرت المجلة أن الرئيس التركي سعى إلى سد الفراغ الأمريكي في أفريقيا والتي تأتي في مرتبة متأخرة على أجندة "جو بايدن"، من خلال توسيع بصمة أنقرة في القارة السمراء بشكل مطرد منذ تدخلها عام 2019 في الصراع الليبي. 

وأوضحت أن تركيا قامت ببناء مسجد في غانا، ومسبح أولمبي في السنغال، وقاعدة عسكرية في الصومال لتدريب 10000 جندي محلي.

ويتطلع الرئيس التركي في الوقت الحالي إلى إقامة علاقات أوثق مع نيجيريا، وسيلتقي فريق دفاعي تركي مع مسؤولين نيجيريين في العاصمة النيجيرية أبوجا في يناير/كانون الثاني.

وذكر بيان صادر عن المساعد الإعلامي للرئيس النيجيري "محمد بخاري" أن التكنولوجيا التركية "ستسرع بالتأكيد العملية والجهود المبذولة لتخليص البلاد من جيوب الإرهابيين".

وفي غضون ذلك، تسلم كل من المغرب وتونس أول شحنة مسيرات مسلحة تركية (طائرات بدون طيار) في سبتمبر/أيلول، في إطار عقود تشمل تدريبات عسكرية.

يأتي ذلك وسط جدل بشأن تسليم تركيا صفقة مسيرات مسلحة لإثيوبيا خلال الأشهر الأربعة الماضية، وتسبب ذلك فى قلب موازين الحرب الأهلية الدائرة في البلاد لصالح القوات الحكومية بقيادة الرئيس "آبي أحمد" بعد أن كادت أن تحسم لصالح قوات تيجراي.

ورأت المجلة أن يمكن القول إن كلمة السر فى تزايد النفوذ التركي هو الرئيس "أردوغان" الذي يصور نفسه "كصديق ونصير لأفريقيا المظلومة".

ومنذ وصول "أردوغان" إلى السلطة على الصعيد الوطني قبل ما يقرب من عقدين من الزمن، ارتفعت تجارة تركيا مع أفريقيا إلى 25.3 مليار دولار في عام 2020، مقارنة بـ 5.4 مليارات دولار فقط في 2003.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، قام بجولة دبلوماسية لمدة أربعة أيام عبر أنجولا ونيجيريا وتوجو، وبلغت قيمة المشاريع الممنوحة لشركات المقاولات التركية في أفريقيا 71.1 مليار دولار في عام 2021. 

وذكرت المجلة أن "أردوغان" نوه إلى المظالم العميقة الواقعة على أفريقيا وكيفية تعامل المؤسسات الدولية مع القادة الأفارقة.

وقال أردوغان إنه "يعيش 1.3 مليار شخص في القارة الأفريقية وهي غير ممثلة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هذا ظلم هائل وصارخ". 

كما أعلن الرئيس التركي مؤخرا أن بلاده سوف تشارك 15 مليون جرعة لقاح كورونا مع الدول الأفريقية في الأشهر القليلة المقبلة.

ونقلت المجلة تعليقات للسفير التركي لدى جنوب أفريقيا "إليف كوم أوغلو أولجن"  في مارس/آذار حول علاقة بلاده مع القارة السمراء خلال مقابلة مع مجلة "أفريكان بيزنس".

 وقال السفير التركي: "الأفارقة يرون أن تركيا دولة لا تأتي إلى القارة بأي عبء استعماري.. نحن هنا في القارة مع استراتيجية مربحة للجانبين".

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه من بعض النواحي، تعكس استراتيجية تركيا في أفريقيا صدى الصين، بما في ذلك الخطاب المألوف حول الجدارة السياسية والشراكات المتبادلة على النقيض من النهج الأمريكي والأوروبي، الذي يميل إلى التركيز على الانتهاكات الديمقراطية. 

وقالت  "تبنى القادة الصينيون تجربة الإمبريالية الغربية مع أفريقيا، وبالمثل، أكدت تركيا على الإحسان في علاقاتها مع الدول الأفريقية".