على مواقع التواصل... مسلمو تيجراي يخوضون المعركة ضد أديس أبابا

الأربعاء 29 ديسمبر 2021 02:57 م

يسعى نشطاء مسلمون من إقليم تيجراي الإثيوبي كسب الجمهور العربي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى صفهم في نزاعهم مع الحكومة الإثيوبية، مستفيدين من ثقافتهم العربيّة والإسلاميّة، ومن رمزيّة منطقتهم التي حمت أصحاب النبيّ "محمد" من الاضطهاد قبل خمسة عشر قرناً.

ومن الواضح أن النزاع الإثيوبي يثير اهتمام العرب، لأسباب تاريخية وجيوسياسية، بعد أن كانت المنشورات العربيّة عن إثيوبيا تكاد تنحصر في السنوات الماضية بحسابات وصفحات مصريّة وسودانيّة، مدفوعة بالقلق الذي يشكّله مشروع سدّ النهضة الإثيوبي في هذين البلدين.

وساهمت صفحات وحسابات باللغة العربية لناشطين مؤيدين لـ"جبهة تحرير شعب تيجراي" التي تخوض حرباً ضد قوات رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"، في توسيع دائرة هذا الاهتمام، وفي جعل عشرات آلاف العرب يتابعون الصراع الإفريقيّ الدائر على بعد آلاف الكيلومترات عنهم، في أعماق الهضبة الحبشيّة.

ويقول "مصطفى حبشي" (اسم مستعار)، وهو ناشط من إقليم تيجراي يُحسن اللغة العربية، لوكالة فرانس برس في اتصال عبر الإنترنت، "معرفتنا باللغة العربية وثقافتنا الإسلاميّة تساعداننا على مخاطبة العالم العربي والإسلامي حول قضيّة شعبنا".

لذا، ينشر هذا الناشط الثلاثينيّ على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" أخباراً وصوراً ومقاطع مصوّرة عن سير المعارك أو عن الحالة الإنسانيّة المتردّية في الإقليم. وتستضيفه أحياناً محطّات تلفزيونية عربيّة أو دوليّة ناطقة بالعربيّة ليتحدث عن النزاع.

حملة واسعة

في الرابع من نوفمبر /تشرين ثاني 2020، شنّ "آبي أحمد" حملة عسكريّة واسعة النطاق على إقليم تيجراي ردّاً على هجمات على ثكنات للجيش، وفق ما أعلن رسميا، وتمكّنت قواته من دخول عاصمة الإقليم، قبل أن تأخذ الحرب منعطفات جديدة مع استعادة "جبهة تحرير شعب تيجراي" السيطرة على الإقليم.

وعلى وقع المعارك الضارية، حصدت منشورات تتضمّن كلمة "إثيوبيا" باللغة العربية على موقع "فيسبوك" نحو سبعين مليون تفاعل، بحسب ما تُظهر بيانات موقع "كراود تانغل" المتخصص في تحليل شبكات التواصل.

وللمقارنة، بلغ عدد التفاعلات في العام السابق أقلّ من أربعين مليوناً (نوفمبر/تشرين ثاني 2019- نوفمبر/تشرين ثاني 2020) كان معظمها في يوليو/تموز 2020، أي بالتزامن مع إعلان أديس أبابا إنهاء المرحلة الأولى من ملء سدّ النهضة وما أثاره من ردود فعل.

وتندّد حسابات تيجراويّة مثلاً بما تقول إنه تدخّل لدول عربية وإسلاميّة وإفريقية إلى جانب حكومة "أبي أحمد"، وتدعو العرب والمسلمين لنصرة الإقليم، مستخدمة آية أوردها القرآن على لسان أصحاب الملك داوود، النبيّ في الإسلام، أثناء حربهم ضدّ عدوّ يفوقهم عدداً وفيها "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".

انسحاب تكتيكي

وتعليقاً على انسحاب "جبهة تحرير شعب تيجراي" من إقليم أمهرة المجاور لتيجراي في الأسابيع الماضية تحت وطأة هجوم القوات الإثيوبية، أيّد حساب "تيجراي بالعربي" الرواية الرسميّة لقادة الإقليم حول الانسحاب "التكتيكي"، قائلاً "الانسحاب التكتيكي ليس هزيمة وليس نهاية الحرب. إن كنت لا تعلم ذلك، ننصحك أن تقرأ عن الصحابي خالد بن الوليد"، مشيراً إلى خلفيّة تاريخيّة مترسّخة في الثقافة العربيّة عن حنكة أشهر القادة العسكريّين في تاريخ الإسلام.

وجذب هذا الحساب نحو أربعين ألف متابع على تويتر في الأِشهر الماضية. ويقّدم المقيّمون عليه أنفسهم على أنهم "تيجراويون مسلمون مقيمون في الخارج".

وهم يتولّون نشر ترجمات لتصريحات قادة الإقليم وأخبار ميدانية وردود على الإعلام الرسميّ أو على نشطاء مؤيدين لآبي أحمد. ويدعمون منشوراتهم باقتباسات عربية مختلفة، بينها مثلا للكاتب المصري الراحل مصطفى محمود عن "الصراع بين أهل الحقّ وأهل الباطل".

لماذا المسلمون؟

ولا يشكّل المسلمون أكثر من 5 في المئة من عموم التيجراويين البالغ عددهم في إثيوبيا نحو سبعة ملايين والذين يدين معظمهم بالمسيحيّة الأرثوذكسيّة.

وتقول الناشطة سعاد عبده محمد "هناك من يقول إن معظم التيجراويين مسيحيون، فلِمَ نحمل نحن التيجراويين المسلمين، قضيّتهم للعالم؟".

وتجيب الناشطة المتخصّصة في التربية وفي الشريعة الإسلاميّة "التيجراي هم أهلي وعشيرتي، أما الدين فحسابه عند الله".

ويروي تاريخ الإسلام أن النبيّ بعث جماعات من المسلمين إلى بلاد الحبشة هرباً من الاضطهاد الوثنيّ، قائلاً لهم إن فيها "ملكاً لا يُظلم عنده أحد".

 وبحسب المراجع الإسلاميّة الأولى، تعاطف هذا الملك المسيحي "النجاشي" مع اللاجئين المسلمين فحماهم وأسكنهم في مملكته إلى أن اشتدّ عود الإسلام.

ولما توفّي النجاشي، أمر النبيّ أن يُصلى عليه.

في بلدة نجاش الواقعة في إقليم تيجراي، ينتصب مسجد يُعتقد أنه بُني في ذلك الزمن على أيدي أصحاب النبيّ المهاجرين. وتعرض المسجد، مع اندلاع النزاع العام الماضي، للقصف. 


 

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

تيجراي أديس أبابا

جبهة تيجراي تدعو لمفاوضات مع الحكومة الإثيوبية برعاية دولية

الحكومة الإثيوبية: قواتها لن تتقدم في تيجراي إلا في هذه الحالة

إثيوبيا تعلن إجراء حوار وطني يشمل استفتاء لانفصال تيجراي

رايتس ووتش: إثيوبيا احتجزت آلافا من التيجرانيين بعد ترحيلهم من السعودية

إيكونوميست: آبي أحمد يسعى لتحديث أديس أبابا بدعم صيني إماراتي