توقيف البحيري.. ترهيب للمعارضة ومغازلة لداعمي انقلاب تونس

الثلاثاء 4 يناير 2022 12:38 م

تتجه الأزمة في تونس نحو مزيد من التعقيد، مع اعتقال نائب رئيس حركة "النهضة"، وزير العدل الأسبق "نورالدين البحيري"، ووضعه قيد الإقامة الجبرية، قبل أيام.

ويفاقم الأزمة، طبيعة التهم الموجهة لـ"البحيري"، بعد إعلان وزير الداخلية "توفيق شرف الدين"، خلال مؤتمر صحفي، أن وضع "البحيري" قيد الإقامة الجبرية يتعلق بـ"شبهة إرهاب".

وتتزامن خطوة التوقيف، مع بدء تنفيذ خارطة الطريق المعلنة من قبل الرئيس "قيس سعيد"، والتي تتضمن إطلاق استشارات شعبية إلكترونية حول تعديل الدستور، وسط انتقادات لطريقة إجرائها ودعوات من المعارضة لمقاطعتها.

رسالة ترهيب

يصف مراقبون ما يحدث لنائب رئيس حركة "النهضة"، بأنه أشبه برسالة ترهيب، يبعث بها الرئيس التونسي لمعارضيه، إضافة إلى تأجيج المعركة ضد حركة النهضة، ودفعها ربما للتصعيد، بما يبرر اتخاذ إجراءات قمعية أخرى تجاهها.

وتحمل طريقة توقيف "البحيري" (63 عاما)، برفقة زوجته، من قبل قوة أمنية، ترتدي الزي المدني، وتحويل وجهته إلى مكان مجهول، بعد الاعتداء عليهما، رسالة إنذار بأن "سعيد" عازم على قمع الحركة التي يترأس زعيمها "راشد الغنوشي" رئاسة البرلمان المجمد.

الخطير أن وزير الداخلية التونسية صرح بأن هناك "شبهات إرهاب جدية" في ملف توقيف "البحيري"، مضيفا: "هناك مخاوف من عمليات إرهابية تمس بسلامة الوطن لذلك كان لزاماً علي أن أتخذ القرار".

وتابع: "الأمر يتعلق بتقديم شهادات الجنسية وبطاقات هوية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية لأشخاص لن أصفهم وسأترك الأبحاث القضائية تطلق عليهم الوصف السليم".

ولم يعرف إلى الآن، طبيعة التهم الموجهة لـ"البحيري"، وما علاقته بالإرهاب، ولماذا لم تظهر أدلة إدانة الرجل الثاني في النهضة، وسط علامات استفهام حول أهداف ومغزى وصم الحركة بالإرهاب، وهل يجري ضرب المعارضة بتلك الورقة التي استخدمت في الجارة مصر ضد جماعة "الإخوان".

وكان من اللافت مسارعة رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس "عبير موسي"، إلى المطالبة بتفكيك الحركة بعد اتهامها بالإرهاب، وأن يشمل قرار الإقامة الجبرية "النغوشي"، متسائلة "كيف لنائب رئيس حركة النهضة أن يهدّد الأمن العام والرئيس نفسه لا يهدد الأمن؟".

تدهور حاد

تطورات الأمور سارت في غير ما تشتهيه المؤسسة الرسمية في تونس، مع نقل "البحيري"، في حالة خطرة إلى المستشفى بعد يومين من توقيفه الجمعة، وإصراره على عدم تناول الطعام والدواء.

ووفق محاميه، فإن "البحيري" يعتبر نفسه في حالة اختطاف، وله طلب وحيد هو محاسبة مختطفيه، كما جرى تقديم بشكوى للنيابة العامة بحق كل من رئيس البلاد ووزير الداخلية بخصوص اختطافه.

ويدفع موقف "البحيري" في اتجاه تضامن حقوقي واسع داخليا وخارجيا، وربما اصطفاف تونسي، كون الواقعة تحمل جرس إنذار للجميع بأن "سعيد" مقبل بقوة على قمع معارضيه، وربما تلفيق التهم، كما حدث مع الرئيس الأسبق "المنصف المرزوقي"، وحبسه 4 سنوات غيابيا بتهمة الإساءة إلى مؤسسات الدولة.

وكانت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب (هيئة مستقلة تابعة للدولة)، قد أبدت قلقها حيال مصير "البحيري"، وكذلك "فتحي البلدي" الذي عمل مستشارا لوزير داخلية أسبق وأوقف أيضا الجمعة الماضي، منتقدة التكتم على مكان احتجازه وغياب توضيحات من وزارة الداخلية حول ملابسات الأمر.

ووفق هيئة الدفاع عن "البحيري" فإن تونس دخلت في مرحلة "فبركة الملفات"، وهو تصريح خطير يحمل مؤشرات باتجاه تسييس القضاء، وتوحش المؤسسة الأمنية، وتجاوز القانون، والدستور.

سيناريوهات سيئة

يرى الباحث السياسي "عادل بن عبدالله"، أنه من سوء تقدير السلطة القائمة اختيار "البحيري" ذي الوضعية الصحية الحرجة، ما يدفع إلى سيناريوهات سيئة في صورة حصول مكروه له.

وأضاف لـ"الأناضول" أن الرئيس التونسي يحاول توجيه  الصراع ليس ضد منظومة الفساد، بل ضد الإسلام السياسي، وبالتحديد حركة النهضة، إضافة إلى توجيه رسالة بأن أي شخص ليس في مأمن من اليد الطولى للدولة.

وكانت مصادر تونسية، كشفت لموقع "عربي 21"، في أغسطس/آب الماضي، عن وجود خطة يجري الترتيب لها من أجل تلفيق اتهامات بضلوع حركة النهضة في أعمال إرهاب، وذلك تمهيداً لشن حملة أمنية تستهدف قادة الحركة وعناصرها.

ويعتبر رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل التونسي "أحمد نجيب الشابي"، واقعة اختطاف "البحيري" منعطفا خطيرا في الأزمة في تونس ومحاولة لدفع أطرافها إلى المواجهة، مطالبا بالنأي بالقضاء التونسي وقوات الأمن عن التوظيف السياسي.

ويحذر بيان لـ"النهضة"، من دخول البلاد إلى نفق الاستبداد وتصفية الخصوم السياسيين خارج إطار القانون، والتعمية على الفشل السياسي والاقتصادي السائد في البلاد، منذ تجميد البرلمان، يوليو/تموز الماضي.

ويتخوف متابعون من أن تكون الخطوة، محاولة لاستقطاب أطراف في الداخل ضد "النهضة"، إضافة إلى مغازلة أطراف إقليمية، تعمل على دفع الدولة التونسية للدخول في مواجهة مفتوحة مع الحركة، والزج بقياداتها خلف القضبان على غرار النموذج المصري.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

نور الدين البحيري تونس النهضة قيس سعيد الغنوشي الداخلية التونسية نورالدين البحيري

سياسيون تونسيون يستنكرون اختطاف البحيري

نيويورك تايمز: سعيد منشغل بتعزيز سلطته عن وحش تونس المنتظر

منددة بتوقيف البحيري.. 37 منظمة تونسية ودولية تنتقد انتهاكات الرئيس التونسي

محامو نائب رئيس النهضة التونسية: البحيري بين الحياة والموت

"هو حر".. تعليق مثير لقيس سعيد على إضراب نائب رئيس النهضة عن الطعام 

رايتس ووتش تطالب السلطات التونسية بالإفراج الفوري عن البحيري