استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في ذكرى الهجوم على الكونغرس

الاثنين 10 يناير 2022 07:57 ص

في ذكرى الهجوم على الكونغرس

«الديموقراطية هي أسوأ نظام للحكم باستثناء جميع الأنظمة الأخرى»!

يتعزز التساؤل حول مستقبل الديموقراطية كنظام سياسي والحل الأمثل لمن يبحث عن الحكم الرشيد وحلول لأزمات المجتمعات النامية.

كان حادث اقتحام الكونغرس بمثابة إعلان وصول الشعبوية ذروتها وتحولها لغول يهدد حتى أعتى الديموقراطيات وأكثرها استقراراً.

لن تجد في الممارسة السياسية أو الفكر السياسي نموذجاً يحتوي على ضمانات للحكم الرشيد والعدالة ويمكن تطبيقه بواقعية مثل الديموقراطية النيابية.

الشعبوية السياسية تتغذى على نظريات المؤامرة وانعدام الثقة في المؤسسات الدولية والمشاعر العدوانية تجاه الأقليات والمهاجرين آخذة في النمو من بداية هذا القرن.

استقطاب ليس حزبيا أو فكريا بل يأخذ شكل اصطفاف طبقي كبير فتنحاز الأرياف والطبقات الأدنى تعليميا واقتصاديا إلى الخطاب الشعبوي وتنحاز المدن والطبقة الوسطى والأعلى تعليماً إلى اليسار.

*      *      *

عام مضى منذ حادثة من أغرب حوادث التاريخ الأمريكي الحديث، حين اندفع متظاهرون يدعمهم الرئيس المنتهية ولايته، يرفضون الاعتراف بنتائج الانتخابات، واقتحموا رمز الديموقراطية الأمريكية وبيتها الكونغرس الأمريكي بدعم مبطن من رئيسهم الذي احتشد مع مجموعة من أنصاره يحتفلون بالمناسبة.

كان مشهداً سريالياً، خاصة لأولئك الذين كانوا يجدون في الحلم الأمريكي ونظامه السياسي نموذجاً مثالياً لا يقبل النقد، في العالم كله أطلق هذا المشهد تساؤلات عديدة حول نمط سياسي يجتاح الكثير من عواصم العالم.

الشعبوية السياسية التي تتغذى على نظريات المؤامرة وانعدام الثقة في المؤسسات الدولية والمشاعر العدوانية تجاه الأقليات والمهاجرين آخذة في النمو من بداية هذا القرن، وكان حادث اقتحام الكونغرس بمثابة إعلان وصول الشعبوية ذروتها وتحولها إلى غول يهدد حتى أعتى الديموقراطيات وأكثرها استقراراً.

بعد عام من رحيل ترامب الذي كان يطمح مناوئوه إلى أن يمثل رحيله نهاية للكابوس الشعبوي يتضح أن هذا الكابوس يستمر من خلال طبقة سياسية صلبة وإدراك لدى الانتهازيين من السياسيين عبر العالم أن الخطاب الشعبوي يجلب للسياسيين المغمورين والفاشلين من الأصوات ما تعجز عنه كل الأيديولوجيات والبرامج السياسية والاقتصادية الأخرى.

وترافق مع هذا الاتجاه الشعبوي اليميني نمو اليسار الراديكالي في دول عديدة كردة فعل، واليوم في العديد من دول العالم الديموقراطية نجد حالة عنيفة من الاستقطاب لم يشهدها العالم منذ نهاية الحرب الباردة.

هذا الاستقطاب ليس بالضرورة حزبياً أو فكرياً، بل يأخذ شكل اصطفاف طبقي إلى حد كبير، تنحاز الأرياف والطبقات الأدنى تعليمياً واقتصادياً إلى الخطاب الشعبوي وتنحاز المدن والطبقة الوسطى والأعلى تعليماً إلى اليسار، مع استثناءات هنا وهناك، وإذا ما أضفنا عامل المواجهة الروسية الغربية في شرق أوروبا ووسط آسيا نجد صورة معقدة لعالم يحكمه التطرف بغض النظر عن اتجاهه.

كل ما سبق يعزز التساؤل حول مستقبل الديموقراطية كنظام سياسي مثل الحل الأمثل والخيار الأوحد لكل من يبحث عن الحكم الرشيد وحلول لأزمات المجتمعات النامية؟!

فرغم نجاح الأنظمة الديموقراطية الغربية في تحقيق مستوى من الاستقرار والرفاه قل نظيره عالمياً، فإن العقود الأخيرة تضمنت إشارات واضحة إلى ترهل أنظمة الديموقراطية النيابية.

فتراجع الأحزاب الكبرى وصعود اليمين المتطرف وشيخوخة الطبقة السياسية وانحدار البرامج الانتخابية إلى طرح شعبوي عنصري، كل ذلك يشير إلى أن هناك مشكلة هيكلية في هذه الأنظمة تدعو إلى التفكير في احتمالية أن هذا الشكل من أنظمة الحكم لم يعد هو الأمثل اليوم أو على الأقل أن عمره الافتراضي شارف على الانتهاء في ذات المناطق التي ازدهر تطبيقه فيها في السابق.

قال أحدهم «الديموقراطية هي أسوأ نظام للحكم باستثناء جميع الأنظمة الأخرى» حتى اللحظة لن تجد في الممارسة السياسية أو الفكر السياسي نموذجاً يحتوي على ضمانات للحكم الرشيد والعدالة ويمكن تطبيقه بواقعية مثل الديموقراطية النيابية.

حتى التحورات المختلفة له مثل ديموقراطية الحزب الواحد في الصين والنظام الفيدرالي اللامركزي السويسري لم تتمكن من تقديم نموذج شامل يصلح خارج أسوار تلك البلاد.

ولا شك أن لكل سياق حلوله مختلفة، ولا يوجد حل سحري ونظام مثالي لكل زمان ومكان، ولكن كما نشر الغرب المنتصر بعد الحرب العالمية الثانية نظامه السياسي عبر العالم فربما يحمل المستقبل لنا ناشراً جديداً ومنشوراً مختلفاً.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر

المصدر | الشرق

  كلمات مفتاحية

الديمقراطية النيابية، اقتحام الكونغرس، الولايات المتحدة، الغرب، ترامب، استقطاب، الاتجاه الشعبوي اليميني، اليسار الراديكالي،