استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أجراس «الهاوية»

الخميس 13 يناير 2022 02:45 م

أجراس «الهاوية»

الحزب الجمهوري تحول بعدئذ إلى كيان يهدف فقط إلى البقاء فى السلطة بأى ثمن والصدام فى المطلق مع الديمقراطيين.

الخطر المحدق بالديمقراطية الأمريكية ليس جديدًا، فأحداث 6 يناير الماضى تمثل، فى تقديرى، آخر تجليات أزمتها!

كان وصول ترامب إلى الحكم امتدادا لتحولات عميقة بالحزب الجمهورى غيّرت وجهه تمامًا عما كان عليه فيما سبق.

أجراس إنذار مدهشة تقرعها رموز أمريكيةرفيعة محذرين من أخطار تحدق بالديمقراطية الأمريكية فى حين يتجاوز عمر أزمتها العميقة على عقدين.

رفض ترامب الانتقال السلمي للسلطة بعد هزيمته في 2020 فكانت أحداث 6 يناير، التى أيقظت أمة غفلت عن أزمة متفاقمة، وإن استيقظت إزاء آخر تجلياتها.

جذب ترامب إلى الحزب الجمهوري والحياة السياسية تيار تفوق العرق الأبيض ومثّل ذلك رادعًا لأعضاء الحزب المنتخبين فابتلعوا ألسنتهم إزاء إجراءات تعادي الديمقراطية.

*      *      *

مدهشة أجراس الإنذار التى تدقها اليوم الكثير من الرموز الأمريكية، بل مَن تولوا أعلى المناصب السياسية، محذرين من الأخطار التى تحدق بالديمقراطية الأمريكية، فى حين أن أزمتها العميقة يزيد عمرها على العقدين.

فمن الرئيس الأسبق جيمى كارتر، الذى كتب للنيويورك تايمز عن «الهاوية»، التى تقف بلاده على حافتها، والنائب الأسبق للرئيس آل غور، الذى كتب على «تويتر»، عن بلده «المكلوم»، إلى السيناتور الجمهورى، المرشح السابق للرئاسة، ميت رومنى، الذى قال إن الأمل الوحيد هو فى بزوغ رموز سياسية تضع مصلحة الأمة فوق السعى للوصول إلى الحكم.

بدَت أمريكا، فى ذكرى 6 يناير، وكأنها على شفا حرب وجودية، ففى ذلك اليوم من العام الماضى، اقتحم الكونغرس أنصار ترامب لمنع أعضائه من التصديق على انتخاب بايدن رئيسًا، مُصدِّقين مزاعم الأول بأن الانتخابات زُورت، ورافعين أعلامًا ولافتات ذات دلالات عنصرية فجّة لأن سود أمريكا ومعهم أقليات أخرى كانوا قد خرجوا بأعداد غفيرة للتصويت فحققوا الفوز لبايدن.

والحقيقة أن الخطر المحدق بالديمقراطية الأمريكية ليس جديدًا، فأحداث 6 يناير الماضى تمثل، فى تقديرى، آخر تجليات أزمتها!

فعلى مدار عقدين، كنت أقول فى محاضرتى الأولى لدارسي النظام السياسى الأمريكى إننا سندرس الموضوعات المختلفة فى إطار أطروحة حاكمة سنختبرها معًا، وهى أزمة الديمقراطية الأمريكية ومستقبلها. وكان الطلاب، بعد دهشتهم أول الأمر، يكتشفون خلال الفصل الدراسى مدى عمق تلك الأزمة، ويقومون بأنفسهم ببحث مؤشراتها وأبعادها.

وبدايات الأزمة ترجع إلى منتصف التسعينيات، التى بدأ خلالها التحول الجوهرى الراهن للحزب الجمهورى. ففى السابق كان، كأى حزب سياسى، نعم ينافس على السلطة، ولكنه يخوض أيضًا معترك العمل السياسى عبر التفاوض مع الحزب المنافس للتوصل إلى توافقات تنتج سياسات عامة لحكم البلاد.

لكن الحزب تحول بعدئذ إلى كيان يهدف فقط إلى البقاء فى السلطة بأى ثمن والصدام فى المطلق مع الديمقراطيين.

وتحول من حزب يسعى لاجتذاب قطاعات متنوعة من الناخبين إلى حزب يسعى لإثارة النعرات العرقية والإثنية لاستقطاب مَن لا تروقهم مساواة الأقليات بالبِيض البروتستانت، الذين هيمنوا على المجتمع والسياسة قرونًا طويلة.

وقد نتج عن ذلك انحراف متزايد للحزب نحو اليمين. ثم جاءت انتخابات 2000 لتعمق الأزمة، فقد حسمتها المحكمة العليا التى لم يمنحها الدستور أى صلاحية فى ذلك الصدد.

وقد تلت ذلك أحداث سبتمبر التى استغلتها إدارة بوش لتمرير سلسلة إجراءات وقوانين مثّلت افتئاتًا صريحًا على الحريات والحقوق الدستورية، ومنها على سبيل المثال التجسس على ملايين الأمريكيين دون إذن قضائى.

وبوصول أوباما، كأول رئيس أسود، إلى الرئاسة، راح الجمهوريون يرفعون من حدة الاستقطاب عبر عرقلة سياساته بالمطلق وتأجيج النعرات العنصرية، فتصاعد بداخله دور أقصى اليمين بتنويعاته العنصرية حتى صار يهيمن على مقدرات الحزب.

ومن هنا، كان وصول ترامب إلى الحكم بمثابة امتداد لتحولات عميقة بالحزب الجمهورى غيّرت وجهه تمامًا عما كان عليه فيما سبق. ولأن ترامب جذب إلى الحزب وإلى قلب الحياة السياسية تيارًا يؤمن علنًا بتفوق البِيض، فقد مثّل ذلك التحول، فى ذاته، رادعًا لأعضاء الحزب المنتخبين، فابتلعوا ألسنتهم إزاء المزيد من الإجراءات المعادية للديمقراطية.

وكانت آخر تجلياتها رفض ترامب الانتقال السلمى للسلطة بعد هزيمته فى 2020، فكانت النتيجة هى أحداث 6 يناير، التى أيقظت أمة غفلت عن أزمة متفاقمة، وإن استيقظت إزاء آخر تجلياتها.

تلك هى حكاية أمريكا، التى قد يتغير وجهها تمامًا فى العقود القادمة.

* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعدة، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمريكا، الولايات المتحدة، ترامب، الأقليات، البيض البروتستانت، الحزب الجمهوري، الديمقراطية الأمريكية، الكونغرس، تفوق العرق الأبيض،