هكذا قد تؤدي خسائر الحوثيين إلى زيادة النفوذ الإيراني في اليمن

الأحد 16 يناير 2022 12:51 ص

في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، قدم الحوثيون طلبًا غير عادي للسعودية حيث طلبوا من المملكة السماح بعودة سفير إيران لدى الحوثيين إلى وطنه جوًا، مما جعل المسؤولين السعوديين الذين يسيطرون على المجال الجوي لليمن، ينظرون إلى هذا الطلب في البداية كمحاولة من الحوثيين للنأي بأنفسهم عن إيران.

انقسامات بعد تقارب

تزايد التعاون بين الحوثيين وإيران على مدار الحرب التي استمرت 7 سنوات، حيث قدمت إيران الأسلحة إلى الحوثيين وزودتهم بالمستشارين العسكريين، في حين هاجم الحوثيون السعودية ووفروا في بعض الأحيان غطاء للعمليات الإيرانية. وكان أكثر مثال بارز على ذلك ما قام به الحوثيون حين نسبوا لأنفسهم الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآت أرامكو في سبتمبر/أيلول 2019 لكن الولايات المتحدة أصدرت لاحقًا تقريرًا يشير إلى مسؤولية إيران عن الهجمات.

وكانت إيران هي أول دولة تعترف بالحوثيين كحكومة في شمال اليمن. وفي أغسطس/آب 2019، عين الحوثيون سفيرًا لهم في طهران، وردت إيران على ذلك بعد أشهر حين عينت "حسن إيرلو" سفيرًا لها لدى اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون. وتم تهريب "إيرلو" (وهو عضو في الحرس الثوري) إلى اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات ضده لاحقا.

وخلال الفترة التي قضاها في صنعاء، حافظ "إيرلو" على الظهور العلني وغالبا ما ظهر جنبا إلى جنب مع قادة الحوثيين في الأحداث الرئيسية. وبحسب ما أوردت التقارير، لعب "إيرلو" أيضا دورا في تشكيل الاستراتيجية العسكرية للحوثيين داخل اليمن. لكن يبدو أن هذا بدأ يمثل مشكلة للحوثيين. فبالرغم أن العديد من المحللين، خاصة الغربيين، يرون الحوثيين كوكيل لإيران، إلا أن الحوثيين لا يرون أنفسهم بهذه الطريقة بل يرون أنفسهم كدولة ذات سيادة، أي كحليف لإيران وليس وكيلًا لها.

كما أن دور "إيرلو" في صنع القرار خلق صعوبات داخلية لدى الحوثيين، حيث لا يوجد إجماع بشأن إيران لدى قيادة الحوثيين (وهم من الشيعة الزيديين المتمايزين عن الشيعة الإثنا عشريين في إيران)، وفيما يوجد أعضاء مؤيدون لإيران بشدة، إلا إن هناك آخرين مترددين بشأنها ويحذرون من تكلفة الدعم الإيراني.

أزمة سياسية للحوثيين

تم تشكيل حركة الحوثيين في ​​الأصل للحفاظ على المذهب الزيدي التقليدي في اليمن، لكن هناك بالفعل علامات على أن الزيدية التقليدية تآكلت في المناطق الموجودة تحت سيطرة الحوثيين. فعلى سبيل المثال، في سبتمبر/أيلول 2019 -بعد فترة وجيزة من تعيين الحوثيين سفيرا في إيران- أنشؤوا احتفالًا عامًا بمهرجان عاشوراء الخاص بالشيعة الإثنا عشرية، رغم أن عاشوراء لم يكن يُحتفل به ابدًا في ظل أئمة الزيدية.

وصرح أحد المسؤولين الإقليميين لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن "إيرلو" أصبح "مشكلة سياسية" للحوثيين، ولكن فيما كان السعوديون يتناقشون في إمكانية تلبية طلب الحوثيين، أبلغهم الحوثيون أن "إيرلو" يعاني من فيروس "كورونا"، وأنه إذا سمحت له السعودية بمغادرة البلاد فلن يستبدله الحوثيون بـ"دبلوماسي إيراني جدي".

وعملت السعودية في نهاية المطاف على حل وسط حيث سمحت بعودة "إيرلو" إلى طهران عبر رحلة إخلاء طبي عراقية. وبعد بضعة أيام في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، توفي "إيرلو" بمضاعفات فيروس "كورونا" وفق ما قاله المسؤولون الإيرانيون.

وبالرغم أن إيران قالت في البداية إنها ستعين دبلوماسيا آخر كسفير لها في اليمن، فإنها عينت فيما بعد "عبدالرضا شهلائي" (وهو مسؤول آخر في الحرس الثوري كان موجودًا بالفعل في اليمن) كبديل لـ"إيرلو".

ومثل "إيرلو"؛ فإن العقوبات الأمريكي مفروضة على "شهلائي" وهو يرتبط أيضًا بمؤامرة اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في 2011. ونجا "شهلائي" من ضربة طائرة أمريكية مسيرة في يناير/كانون الثاني 2020 والتي استهدفته في اليمن في نفس اليوم الذي قتلت فيه الولايات المتحدة رئيس فيلق القدس الجنرال "قاسم سليماني" في العراق.

وهناك طريقتان لقراءة تعيين "شهلائي"؛ فإذا كانت سردية الانقسام بين الحوثيين وإيران صحيحة، فمن الملاحظ أن "شهلائي" لن يحصل على لقب دبلوماسي، كما إن اختيار إيران لمسؤول موجود بالفعل في اليمن يعد انسجاما مع التزام الحوثيين أمام السعودية بعدم إحضار "دبلوماسي جديد".

 أما القراءة الأخرى فهي أن التحول في المشهد العسكري في اليمن منذ وفاة "إيرلو" ربما أقنع إيران بقيمة وجود قائد محنك في الميدان.

العودة لأحضان إيران

في الوقت الذي احتفت فيه إيران بذكرى "إيرلو" في أوائل يناير/كانون الثاني، انتقلت وحدات من "ألوية العمالقة" المدعومة من الإمارات إلى محافظة شبوة اليمنية الجنوبية، وكانت "ألوية العمالقة"، التي أنشئت في عام 2016، متمركزة على ساحل البحر الأحمر في معظم فترة الحرب، ولكن مع تقدم الحوثيين في ​محافظة ​شبوة الشمالية في أواخر 2021، هدد ذلك بتقسيم الجنوب وفصل عدن عن حضرموت وإعطاء الحوثيين منفذًا آخر على البحر، مما جعل "ألوية العمالقة" تعيد انتشارها.

وفي غضون أيام، طردت "ألوية العمالقة" الحوثيين من المناطق الثلاثة التي استولت عليها في شمال شبوة وكذلك مناطق من محافظة مأرب الجنوبية. ويتخذ الحوثيون حاليا وضعًا دفاعيًا في مأرب، بشكل لم يتعرضوا له منذ نحو سنة. وإذا نجحت "ألوية العمالقة" في إبعاد الحوثيين عن مأرب، فسيغير ذلك من اتجاه الحرب ويعطي المفاوضين فرصة للضغط على الحوثيين للتنازل.

وتعتبر مأرب مهمة بالنسبة للحوثيين. فمن أجل الحصول على قاعدة اقتصادية لدولة مستقلة في المستقبل، يحتاج الحوثيون إلى السيطرة على مأرب على الأقل وحقول النفط والغاز في شبوة وحضرموت إن أمكن.

وإذا رأى الحوثيون أن هجومهم العسكري في مأرب مهدد، فمن المرجح أن يلجؤوا إلى حليفهم الحقيقي الوحيد وهو إيران. وكلما شعر الحوثيون بالتهديد أكثر في ساحة المعركة، فإن نفوذ إيران عليهم سيزيد، بغض النظر عن الانقسامات التي كانت موجودة قبل شهر.

المصدر | جريجوري جونسون - معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحوثيون مأرب شبوة حسن إيرلو الحرس الثوري إيران السعودي ألوية العمالقة حضرموت الإنقسامات بين الحوثيين وإيران حرب اليمن

طهران تنفي تورطها في هجوم الحوثيين الأخير على الإمارات

ماكينزي: الحوثيون الأكثر زعزعة للاستقرار بين أذرع إيران

اليمن.. خسائر بمليار دولار جراء استهداف الحوثيين موانئ النفط