لماذا لا يدعم حزب الله جبران باسيل لرئاسة لبنان؟

الخميس 27 يناير 2022 08:35 ص

قبل فترة وجيزة من عطلة عيد الميلاد في عام 2019، اتصل رئيس "التيار الوطني الحر" في لبنان "جبران باسيل" بالأمين العام لحزب الله "حسن نصرالله" لمناقشة إحياء اتفاقية "مار ميخائيل" لعام 2006.

وكان هذا الاتفاق، الذي جرى توقيعه بين "نصرالله" و"ميشال عون" (صهر "باسيل") قد شكل تحالفا بين الحزبين، وتضمن دعم الشيعة لترشح "عون" للرئاسة مقابل دعم مسيحي لترسانة "حزب الله".

والتزم "عون" بالاتفاق حيث دعم "حزب الله" طوال الحرب مع إسرائيل عام 2006. وبعد 10 أعوام، أوفى "حزب الله" بوعده بجعله رئيسا في أكتوبر/تشرين الأول 2016. ويرغب "باسيل" في تجديد الاتفاق وتعديله لتأمين دعم "حزب الله" لطموحه الرئاسي بمجرد انتهاء ولاية "عون" في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وفي يناير/كانون الثاني 2020، وعد "نصرالله" بعقد اجتماع للجنة "مار ميخائيل" الفرعية. ولكن مضى 12 شهرا ولم ينعقد الاجتماع بعد. ومع ذلك، لم يفقد "باسيل" الأمل بل أشار إلى الاتفاق في خطابه الأخير بمناسبة العام الجديد، قائلا إنه لا يزال من الممكن "تحسينه". وفي 3 يناير/كانون الثاني رد "نصرالله" بأنه ما زال ملتزما باتفاق "مار ميخائيل".

ويبدو أن "نصرالله" كان يخادع. فهو لا ينوي دعم "باسيل" لمنصب الرئيس. وفي السر، يقول أعضاء "حزب الله" إن "باسيل" غير مذكور في اتفاق 2006 الذي ينطبق بشكل صارم على "عون" وحده. وبعد دخوله القصر الرئاسي، وسع "عون" الاتفاق ليشمل صهره، حيث فرضه أولا كرئيس للتيار الوطني الحر، ثم وزيرا للخارجية، وأخيرا كزعيم للكتلة الأكبر في البرلمان.

وبسبب تقدم "عون" في السن، أصبح "باسيل" القوة الفعلية وراء رئاسة لبنان وسيطر على الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية بشكل كبير. كما يصر "باسيل" على حق تعيين رؤساء الوزراء وإقالتهم وتسمية جميع الوزراء المسيحيين في الحكومة.

ويعتبر حزب الله "باسيل" عبئا ثقيلا على رئاسة "عون"، ويتهمه الشباب اللبناني بالفساد والمحسوبية والاستبداد. وفي عام 2019، كان "باسيل"في مرمى الاحتجاجات التي عُرفت باسم "ثورة أكتوبر/تشرين الأول".

ويبدو أن "نصرالله" لم يكن جادا عندما وعد بإعادة النظر في اتفاق "مار ميخائيل"، وهو الطلب الذي جاء بعد أسابيع فقط من فرض إدارة "ترامب" عقوبات على "باسيل" بسبب علاقته بـ"حزب الله".

وبغض النظر عن المجاملات، يريد "حزب الله" التهرب من أي التزام تجاه "باسيل"، وذلك لسببين أساسيين.

1. العلاقات المتوترة مع حلفاء حزب الله

يقبع "باسيل" في وضع حرج بين اثنين من حلفاء "حزب الله" الرئيسيين في لبنان وهما: "حركة أمل" بزعامة رئيس مجلس النواب "نبيه بري" و"تيار المردة" بزعامة الماروني "سليمان فرنجية". والأولى شيعية بالكامل، والثاني موارنة بالكامل.

واشتهر "باسيل" بالدخول في خلافات مع "بري" حول توزيع المناصب داخل السلطة التنفيذية. وفي المقابل، استخدم "بري" وزارة المالية التي يسيطر عليها لعرقلة ترقية المعينين من قبل "باسيل".

ومنذ عام 2016، لم يكن "بري" متحمسا لتعيين "عون" رئيسا، والآن يصر على عدم وصول "باسيل" إلى منصب الرئاسة. وحاول "باسيل"، دون جدوى، دق إسفين بين "حزب الله" و"حركة أمل" ما دفع نائب الأمين العام للحزب "نعيم قاسم" للرد مطلع الشهر الجاري، قائلا إن "العلاقة بين حزب الله وحركة أمل استراتيجية.. ومن لا يفهم ذلك فليضرب رأسه بالحائط".

وبالنسبة لـ "نصرالله"، فإن دعم "باسيل" لا يعني فقط إغضاب حلفائه الشيعة، ولكن ما تبقى من أنصاره المسيحيين، الذين حشدهم "سليمان فرنجية". ويتنافس "فرنجية" و"باسيل" على منصب الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ويبدو أن "نصرالله" يفضل "فرنجية" على "باسيل".

وصمد تحالف "فرنجية" مع "حزب الله" أمام اختبار الزمن منذ الثمانينيات، وقد ولد هذا التحالف عن قناعة، وليس من خلال مذكرة أو اتفاقية مثل اتفاق "مار ميخائيل".

علاوة على ذلك، حصل "فرنجية" على وعد بالرئاسة في عام 2016، لكن اضطر "نصرالله" لدعم "عون" لالتزامه باتفاق "مار ميخائيل". وحينها كان "فرنجية"، البالغ من العمر 51 عاما، صغيرا مقارنة بـ "عون" الذي كان يبلغ من العمر 84 عاما. ورأى "نصرالله" أن "فرنجية" يمكن أن ينتظر حتى عام 2022 ليصبح رئيسا. وحاليا، لا يستطيع "نصرالله" أن يطلب من "فرنجية" الانتظار 6 أعوام أخرى من أجل "باسيل".

2. موقف "باسيل" التصالحي تجاه إسرائيل

وأثار "باسيل" حفيظة "حزب الله" بمحاولة التحالف مع "سعد الحريري" خلال انتخابات 2018 خلف ظهر "نصرالله". ثم أثار المزيد من الجدل من خلال مساواة الوجود العسكري السوري في لبنان في الفترة (1976-2005) بالاحتلال الفرنسي في الفترة (1920-1946). 

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لـ"نصرالله" كان توجهات "باسيل" الواضحة نحو السلام مع إسرائيل. وعندما كان وزيرا للخارجية عام 2017، قال "باسيل": "خلافنا مع إسرائيل ليس أيديولوجيا"، مضيفا: "نحن لا ننكر حق إسرائيل في الوجود والأمان".

وبعد ذلك، لم يعلن "باسيل" أي إدانة لـ"اتفاقات أبراهام" بين إسرائيل والإمارات، عكس ما فعل "نصرالله" الذي انتقد التطبيع بقوة. ثم جاءت المحادثات البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي كان المتوقع أن تخفف من مشاكل لبنان الاقتصادية بمجرد بدء التنقيب البحري نظرا للتوقعات بشأن احتياطيات ضخمة من الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.

وكانت شروط "حزب الله" ألا يكون هناك مدنيون، وبالتأكيد سياسيون، في لجنة التفاوض من أجل إبقائها على المستوى الفني والعسكري. وأوضح "نصرالله" أنه لا يريد بأي حال تطبيع العلاقة بين لبنان وإسرائيل. كما رفض "حزب الله" أي اتصال وجها لوجه بين المفاوضين اللبنانيين والإسرائيليين.

ومع ذلك، حاول "باسيل" الضغط من أجل وفد موسع يضم وزراء خارجية سابقين (ما يجعله عضوا تلقائيا) وموظفين من القصر الرئاسي. ثم ذهب إلى أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن لبنان قد يكون على استعداد لمشاركة احتياطيات الغاز مع إسرائيل، الأمر الذي ضرب وترا حساسا لدى "نصرالله" بشكل خاص.

ولكل الأسباب المذكورة أعلاه، لم يراجع "نصرالله" اتفاق "مار ميخائيل"، ولم يعطِ أدنى إشارة على أنه قد يدعم "باسيل" لمنصب الرئيس. ويترك هذا صهر الرئيس اللبناني بمفرده قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليخوض معركة شاقة ضد خصومه المسيحيين دون دعم من القوى الشيعية.

المصدر | سامي مبيض - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جبران باسيل سليمان فرنجية انتخابات الرئاسة اللبنانية ميشال عون حسن نصر الله حزب الله حسن نصرالله لبنان حسن نصرالله لبنان

جبران باسيل: تحالفنا مع حزب الله في خطر ويحتاج لإعادة نظر

شبح الفراغ الرئاسي يقترب من لبنان.. ما القصة؟