الأزمة الأوكرانية.. هل يقدم الغاز القطري طوق نجاة لأوروبا؟

الجمعة 28 يناير 2022 11:01 م

مع احتمالات اندلاع الحرب في أوكرانيا، تواجه أوروبا اختبارا حاسما حيث تعتمد بشكل مفرط على مصادر الطاقة الروسية لذلك تواجه صعوبة في تطوير رد متماسك على العدوان الروسي. وفي الوقت نفسه، تواصلت إدارة "بايدن" مع قطر (أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم) للنقاش حول إمكانية التقدم لإنقاذ قارة تعصف بها أزمة طاقة بالفعل.

وهددت واشنطن بفرض عقوبات صارمة على روسيا في حال تدخلت عسكريا في أوكرانيا، ومع ذلك قد يكون لهذه العقوبات تداعيات سلبية على دول أخرى مثل ألمانيا أو إيطاليا أو بولندا، حتى لو لم تقرر روسيا استخدام صادرات الغاز كوسيلة ضغط لإظهار قدراتها الجيوسياسية.

ومع توسع قدرات قطر في الغاز الطبيعي المسال خلال السنوات القادمة، يمكن أن تصبح مصدرا أكثر موثوقية للطاقة بالنسبة لأوروبا.

ومن المحتمل أن يزداد طلب أوروبا على واردات الغاز الطبيعي، بالنظر إلى انخفاض بصمته الكربونية مقارنة بالنفط أو الفحم، مما يساعد الأوروبيين على خفض انبعاثاتهم لتحقيق أهدافهم المناخية قصيرة الأجل.

وفي الوقت نفسه، فإن حقول الغاز الأوروبية في هولندا والنرويج إما ثابتة دون تطور أو تتراجع، ما يعني أنهما ستعتمدان على المزيد من واردات الغاز.

ويمثل الغاز الروسي أكثر من 30% من واردات الغاز إلى لاتحاد الأوروبي. وتعد ألمانيا العميل الأكثر اعتمادية على موسكو حيث تستورد 40% من احتياحاتها من الغاز من روسيا. ويمكن أن تزداد هذه الحصة في حال تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2" المثير للجدل والتابع لشركة "غازبروم".

المعضلات الجيوسياسية

وتخلق هذه الحقائق معضلات جيوسياسية في أوروبا وتختبر تماسك نهج القارة إزاء الانتهاكات الروسية المستمرة للقانون الدولي في أوكرانيا، والانتهاكات بحق الناشطين في روسيا، والعمليات الإعلامية ضد المجتمع المدني الأوروبي.

وقد أصبح نفوذ الطاقة أداة أخرى تتيح لموسكو الاستمرار في عنادها وتقويض العمل الجماعي في أوروبا، في وقت يبدو فيه أن ألمانيا على وجه الخصوص تنحرف عن نهج موحد عبر الأطلسي.

وفيما تعتمد دول مثل ألمانيا بشدة على الغاز الروسي، فإن دولًا أخرى مثل المملكة المتحدة وإسبانيا نجحت في تنويع مصادرها من الطاقة من خلال الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال من قطر أو أمريكا الشمالية.

ويوفر الغاز الطبيعي المسال درجة من المرونة مع إمكانية نقله عبر ناقلات النفط. وعلى عكس الغاز الطبيعي الذي يتم نقله عبر خطوط الأنابيب، فإن الغاز الطبيعي المسال يمكن إعادة توجيهه بشكل سريع لتنويع الواردات والتعامل مع نقص المعروض من الغاز.

ومع أن سوق الغاز الطبيعي المسال أصبح أكثر تنافسية (مع دخول المزيد من الموردين) فلا تزال قطر القوة العالمية الرائدة في قطاع الغاز الطبيعي المسال.

وخلال العام الماضي، كشفت قطر عن خطط للحفاظ على موقعها المركزي في الصناعة من خلال توسيع قدرتها الإنتاجية بنحو 60% بحلول عام 2027، حيث قالت الدوحة إنها تهدف إلى زيادة الإنتاج من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن سنويا. ومن شأن ذلك أن يتيح حوالي 75 مليون طن إضافية سنويا مما يفتح الباب لبيعه لعملاء حاليين أو جدد، ويعزز نفوذ قطر في مجال الطاقة.

ويكفي 75 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال لتغطية الاحتياجات التي يغطيها 100 مليار متر مكعب من الغاز، فيما يعد مثيرًا للإعجاب عندما نأخذ في الاعتبار أن الاحتياجات الأوروبية مجتمعة تتراوح حول 240 مليار متر مكعب سنويا.

القوة الناعمة القطرية

على عكس روسيا، لم تستخدم قطر الطاقة كأداة في إطار القوة الخشنة، بل قدمت قطر عقودا موثوقة طويلة الأجل مما ساهم في الاستدامة بعيدًا عن تقلب أسعار السوق.

وفي لفتة إنسانية، زودت الدوحة اليابان بـ4 ملايين طن إضافي من الغاز الطبيعي المسال في أعقاب تسونامي الذي دمر عدة مفاعلات نووية في عام 2011. وأعادت قطر توجيه 4 ناقلات غاز طبيعي مسال إلى بريطانيا في أواخر عام 2021 لتخفيف تأثير أزمة الطاقة الناجمة عن الانتعاش الاقتصادي العالمي ما بعد "كوفيد-19".

وبالنسبة لقطر، فإن أفضليتها في الطاقة تعد وسيلة للقوة الناعمة حيث يتناسب ذلك مع صورتها كوسيط إقليمي وراع للسلام.

وباعتبارها دولة صغيرة في بيئة غير مستقرة، تحاول قطر خلق أدوار جيوسياسية تجعل الدول الأخرى تعتمد عليها مما يساعدها على توفير الأمن في نهاية المطاف، لذلك لا تهتم قطر باستغلال هذه الميزة كأداة في سياسة القوة الخشنة، على عكس روسيا.

وخلال حصار قطر بين عامي 2017 و2021، ظلت الدوحة ملتزمة بتشغيل خط أنابيب "دولفين" وأمدت أبوظبي ودبي بإمدادات الغاز الحيوية، ما يعني أنها غير مهتمة بتسييس ملف الطاقة.

وتواجه أوروبا حاليا أزمة طاقة خانقة حيث ارتفعت أسعار الغاز 5 أضعاف على أساس سنوي، لذلك حان الوقت لتوسيع البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال داخل القارة كخطوة أولى نحو تخفيف الاعتماد على خطوط الأنابيب.

وفي حين تبدو قطر مستعدة لدعم شركائها الغربيين في حال اندلاع الحرب في أوكرانيا، ينبغي على الأوروبيين اغتنام الفرص التي تقدمها الدولة الخليجية لتنويع استراتيجية الطاقة في القارة.

المصدر | أندرياس كريج | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر روسيا أزمة أوكرانيا صراع أوكرانيا الغاز الطبيعي الغاز الطبيعي المسال القوة الناعمة القطرية أزمة الطاقة

أمريكا تتباحث مع قطر لإمداد أوروبا بالغاز في حال غزت روسيا أوكرانيا

أوكرانيا تبحث استيراد الغاز القطري عبر بولندا

أوكرانيا تتعاون مع قطر في قطاع الغاز.. هل ستسهل تركيا الأمر؟

الغاز مربط الفرس.. لماذا تتردد الدول الغربية في فرض عقوبات على روسيا؟

هل تملك قطر العصا السحرية لتعويض الغاز الروسي؟

التايمز: عراقيل تقف أمام وصول الغاز القطري إلى أوروبا

تصنيف قطر حليفا استراتيجيا لأمريكا.. مكاسب وامتيازات منتظرة

قطر ترد على مطالب تعويض الغاز الروسي: ملتزمون بتعاقدات ولن نخل بها

بين الفرص والمخاطر.. كيف ستؤثر أزمة أوكرانيا على دول الخليج؟

أول زعيم عربي يهاتفه.. رئيس أوكرانيا يطلع أمير قطر على مستجدات الغزو الروسي

تقرير دولي يتنبأ بمستقبل واعد لقطر في تجارة الغاز