معركة الغاز.. هل تستطيع قطر دعم أوروبا في مواجهة الابتزاز الروسي؟

الخميس 3 فبراير 2022 04:44 ص

أسهمت التوترات المستمرة بين روسيا وأوكرانيا في تفاقم أزمة الطاقة بأوروبا، حيث تستخدم موسكو ورقة الغاز الطبيعي للتأثير على القرار السياسي الأوروبي في هذا الإطار. 

وإذا انتهت التوترات بين روسيا وأوكرانيا بالحرب، فقد تهدد روسيا بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا مما يجعل هذا الأمر تهديدا مباشرا للأمن القومي لدول الاتحاد الأوروبي.

ويمكن لأوروبا أن تفعل الكثير لتقليل تأثير أزمة الطاقة المحتملة من خلال استيراد المزيد من الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال من بلدان أخرى، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

ولكن من غير المرجح أن تجد الدول الأوروبية مصدرا بديلا موثوقا للغاز الروسي بين عشية وضحاها، خاصة مع تزايد الطلب على الطاقة بعد انتهاء القيود التي فرضتها جائحة "كورونا".

واتهم بعض أعضاء البرلمان الأوروبي روسيا - التي تزود أوروبا بنحو 40% من واردات الغاز - باستخدام صادراتها من الغاز كسلاح في الأزمات.

ويعتقد بعض المسؤولين في أوروبا أن روسيا خفضت تدفق الغاز عبر خطوط أنابيب أخرى لتحفيز المشرعين الألمان على تسريع الموافقة التنظيمية على خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي سينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

ونفت روسيا هذه المزاعم، مدعية أن إطلاق خط أنابيب "نورد ستريم 2" من شأنه أن يخفض الأسعار عن طريق زيادة صادرات الغاز إلى أوروبا وإزالة أوجه القصور الحالية بما في ذلك نقل الغاز عبر دول وسيطة، مما يتطلب رسوما إضافية. 

وبغض النظر عن تصريحات موسكو، فقد حاولت الولايات المتحدة زيادة حصتها في السوق الأوروبي أيضا.

وتفيد تقارير أن حجم الغاز الطبيعي المستورد من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي خلال هذا الشهر يعد أعلى بـ 5 مرات من ورادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب.

وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تتجاوز فيها صادرات الطاقة الأمريكية إلى أوروبا تلك الخاصة بروسيا.

وفي الشهر الماضي، أبحرت 30 ناقلة غاز طبيعي مسال على الأقل من الولايات المتحدة إلى أوروبا.

وتعتبر أوروبا فرصة جديدة مربحة للمصدرين الأمريكيين، حيث أدت أزمة الطاقة إلى دفع أسعار الغاز في أوروبا أعلى بكثير من مؤشر أسعار الغاز في آسيا.

وكان انخفاض الإمدادات الروسية والطقس البارد المحركين الرئيسيين لارتفاع أسعار الغاز في أوروبا في الأسابيع الأخيرة، حيث كانت عمليات نقل الغاز الروسي عبر بولندا وأوكرانيا أقل من المعتاد.

  • دور قطر

ازداد دور قطر في أمن الطاقة في أوروبا خلال السنوات الماضية.

وسعيا لإيجاد طريقة لتقليل قوة سلاح الطاقة الذي يستخدمه الكرملين في مواجهة أوروبا، حاولت واشنطن دفع قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى زيادة صادراتها إلى القارة العجوز.

وفي يناير/كانون الثاني 2019، قال نائب وزير الطاقة الأمريكي "دان بروليت" لـ "رويترز" إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع الدوحة بشأن إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وتريد من ألمانيا ودول أوروبية أخرى استيراد الغاز من الولايات المتحدة وقطر بدلا من روسيا.

وأضاف الوزير الأمريكي أنه تحدث عن الموضوع مع وزير الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لشركة "قطر للبترول، "سعد الكعبي".

وأعلنت قطر، في سبتمبر/أيلول 2018، أنها ستستثمر 11.6 مليار دولار لتعزيز علاقاتها مع ألمانيا على مدى الأعوام الـ 5 المقبلة، بما في ذلك بناء محطة للغاز الطبيعي المسال.

وخلال زيارة أمير قطر، "تميم بن حمد آل ثاني" إلى ألمانيا عام 2018، أعلنت الدوحة عن اعتزامها بناء محطة للغاز الطبيعي المسال في ألمانيا.

وفي غضون ذلك، حرصت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" على المشاركة مع القطاع الخاص في تمويل بناء محطة الغاز الطبيعي المسال، وأكدت أن الاستثمار في قطاع الطاقة في أوروبا يوفر فرصا واعدة لتطوير العلاقات التجارية مع قطر.

وأشارت "ميركل" إلى أن ألمانيا مرتبطة بالفعل بمحطات الغاز الطبيعي المسال في هولندا وبلجيكا وبولندا، مضيفة أن الحكومة تتطلع إلى توسيع شبكة الغاز الطبيعي المسال الخاصة بها.

  • واردات أخرى

وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للطاقة "كادري سيمسون" في 22 يناير/كانون الثاني المنصرم، بعد اجتماع غير رسمي لمجلس الطاقة التابع للاتحاد الأوروبي، إن المفوضية الأوروبية سعت أيضا إلى إقامة علاقات في مجال الطاقة مع أذربيجان، وهي مصدر مهم آخر للغاز الطبيعي.

وفي 28 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت سفيرة أذربيجان لدى المملكة المتحدة "إلين سليمانوف" عن استعداد أذربيجان لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي وتصديره إلى أوروبا إذا لزم الأمر.

ووفقا للسفيرة، يمكن لباكو أيضا أن تنقل الغاز من الحقول في بحر قزوين عبر تركمانستان.

((3))

وعزت وكالة الطاقة الدولية، الأربعاء، نقص الغاز في أوروبا، إلى حد كبير، إلى روسيا.

وأشار المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية "فاتح بيرول" إلى أن "جازبروم" خفضت الصادرات إلى أوروبا في الربع الأخير من عام 2021 عندما كان سعر الغاز مرتفعا.

ولتعويض النقص الروسي، ضخت النرويج والجزائر وأذربيجان كميات أكبر من الغاز.

وارتفع سعر النفط الخام في جميع أنحاء العالم في نهاية عام 2021، ما ساهم في زيادة الضغوط المفروضة على كل من الشركات والمستهلكين، والوصول إلى مستوى قياسي من التضخم في منطقة اليورو.

وبالرغم من الطقس المعتدل نسبيا وتدفق الغاز من الولايات المتحدة، فإن أسعار الغاز في المنطقة الشمالية الغربية من أوروبا أعلى بـ 3 مرات تقريبا مما كانت عليه في يناير/كانون الثاني 2021.

ووفقا للمحللين، فإن عودة درجات الحرارة الباردة وانخفاض مستويات تخزين الغاز قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار.

وتبذل الولايات المتحدة جهودا كبيرة لمواجهة التحدي المتمثل في اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.

وفي هذه الأثناء، يحاول الدبلوماسيون الأمريكيون إقناع قطر بالمساعدة في تلبية جزء من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، ودعم أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، حثت واشنطن أوروبا على عدم تشغيل مشروع "نورد ستريم 2"، لتفادي زيادة الاعتماد على موارد الطاقة الروسية.

وحتى إذا استجابت قطر  لطلب الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، فإن قدرتها المحدودة على تصدير المزيد من الغاز الطبيعي المسال وحصتها الصغيرة من سلة الطاقة الأوروبية، لن تقلل بشكل كبير من حصة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية على المدى القصير.

وقبل أن تحل الواردات القطرية محل الروسية بشكل كبير، تحتاج أوروبا إلى زيادة الاستثمارات بشكل كبير في البنية التحتية للطاقة ومرافق تخزين الغاز الطبيعي المسال.

ولتحفيز قطر على إمداد أوروبا بالغاز، ينبغي على الاتحاد الأوروبي النظر في تقديم أسعار أعلى للدوحة، أو ربما مطابقتها مع السعر المعروض لإمدادات الغاز الأمريكية.

وأخيرا، ن لن يقبل "بوتين" بسهولة تراجع حصة روسيا في سوق الطاقة الأوروبية، ومن المرجح أن ينتهج سياسات خاصة به لمواجهة ذلك.

المصدر | أوميد شكري/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غاز قطر الغاز الروسي الاتحاد الأوروبي أزمة الطاقة الغاز الأمريكي

هل تملك قطر العصا السحرية لتعويض الغاز الروسي؟

متجاوزة قطر.. أمريكا الأولى عالميا في تصدير الغاز المسال للشهر الثاني

قطر: لا يمكن لبلد واحد سد إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

هل تستطيع قطر إنقاذ أوروبا من شتاء بارد حال نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا؟

لأسباب فنية ودبلوماسية.. الغاز الجزائري لن يعوض الروسي

على وقع الأزمة الأوكرانية.. قطر تستضيف قمة للدول المصدرة للغاز

مع تهديد إمدادات الغاز.. قطر تلعب دور منقذة أوروبا بشروطها الخاصة