معهد أمريكي: تصنيف قطر الأخير ينسف نظرية انسحاب واشنطن من المنطقة

الأحد 6 فبراير 2022 03:00 م

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تصنيف قطر كـ"حليف رئيسي من خارج الناتو"، ما يجعلها ثالث دولة في الخليج العربي تحصل على هذا التصنيف بعد البحرين والكويت.

ولا يتضمن الوضع الجديد أي التزامات دفاعية من الولايات المتحدة تجاه قطر، لكن ذلك يسهل تعاونا أمنيا أوثق ويمنح تلك الدول وصولا إلى الأسلحة والبحوث والتكنولوجيا الأمريكية أكثر من الحلفاء الآخرين.

وأثبتت قطر أنها مفيدة للولايات المتحدة في أفغانستان، خاصة أثناء عمليات الإجلاء بعد سيطرة حركة "طالبان" على كابل، ويبدو هذا التصنيف مكافأة على هذا الدور.

ويُظهر التصنيف أن الدوحة استعادت مكانتها بالكامل في واشنطن بعد أقل من 5 أعوام من إعطاء "ترامب" الضوء الأخضر للحصار الذي قادته السعودية. ولكن تُظهر العلاقة الجديدة مع قطر أيضا أن الولايات المتحدة تنخرط بشكل أكبر في شؤون الشرق الأوسط في وقت تتضاءل فيه أهمية المنطقة بالنسبة للمصالح الأمريكية.

ومع الدعم المتزايد الذي أعلنه البنتاجون للإمارات بما في ذلك النشر الإضافي للطائرات والسفن الحربية، يُلزم "بايدن" الجيش الأمريكي بشكل أوثق بالحلفاء في الشرق الأوسط بدلا من إيجاد طرق لتقليل بصمة الجيش الأمريكي هناك.

ونظرا لمحدودية الموارد والاهتمام، فإن المشاركة الأعمق في الشرق الأوسط لا بد أن تأتي على حساب التركيز على مناطق أكثر حيوية.

وكان التحول في نفوذ قطر في واشنطن ملحوظا في الأعوام الأخيرة، وفي عام 2017، كانت إدارة "ترامب" راضية في البداية عن السماح لجيران قطر بمحاولة تجويعها وإجبارها على الخضوع بعد أن أقنعت السعودية والإمارات "ترامب" بأن الدوحة راعية للإرهاب.

وقدمت دول الحصار قائمة مطالب سخيفة لقطر تتضمن التخلي عن السياسة الخارجية المستقلة وجزء كبير من سيادتها. وأثبتت قطر مرونتها، واعتمدت على ثروتها الكبيرة، وعززت العلاقات مع إيران وتركيا للتغلب على آثار الحصار.

وفي غضون أعوام قليلة، حيدت قطر عملية الضغط وتفوقت على منافستيها، الإمارات والسعودية. وانهار الحصار أخيرا بعد قمة مجلس التعاون الخليجي في العلا العام الماضي.

وتميز قطر نفسها عمليا على أنها الحليف الإقليمي الوحيد الذي ساعد في إخراج الولايات المتحدة من إحدى حروبها بدلا من توريطها في حرب جديدة.

وعلى المدى القريب، قد يكون لعلاقة أوثق مع قطر بعض الفوائد لأمريكا لأن سياستها الخارجية الأكثر استقلالية وعلاقاتها الأفضل مع إيران قد تسمح لها بالعمل كوسيط وميسر في دعم المشاركة الدبلوماسية مع طهران.

كما يمكن تصور أن تلعب قطر دورا مماثلا في إقامة علاقة عمل مع "طالبان" من أجل معالجة الأزمة الإنسانية الحادة في أفغانستان. وفضلا عن ذلك، هناك مصلحة في تأمين الإمدادات القطرية من الغاز الطبيعي المسال لأوروبا في حال التصعيد في أوكرانيا.

ولكن تعميق العلاقة قد يعرقل خطط تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وقد يكون تكلفة ذلك أعلى بكثير من العائد بالنسبة للولايات المتحدة على المدى الطويل.

وتعكس العلاقات الوثيقة مع الحلفاء في الخليج العربي عدم وجود استراتيجية متماسكة لإدارة "بايدن". وبالرغم من التأكيد على أهمية شرق آسيا و"المحيطين الهندي والهادئ" بالنسبة للولايات المتحدة، إلا أن الإدارة لا تزال ملتزمة بالمناطق الأخرى ويبدو أنها مصممة على زيادة الالتزامات تجاه كل من أوروبا والشرق الأوسط.

وكما ذكرت وكالة "رويترز"، فإن "بايدن" وجه "البنتاجون لبذل كل ما في وسعه لإيصال دعم الولايات المتحدة للإمارات والسعودية وجميع أنحاء منطقة الخليج". ومن الواضح أن هذه ليست لغة تسمح بتقاسم الأعباء.

ووقع "بايدن" في نفس الفخ الذي وقع فيه "أوباما" خلال فترة ولايته الثانية، حيث قام بتدليل الدول الإقليمية الحليفة لمواجهة الهجمات المتطرفة. ولم ينجح هذا التدليل في وقف الهجمات ولم يشترِ الكثير من حسن النية من تلك الدول، بينما ورط الولايات المتحدة في حرب لا معنى لها وأزمة إنسانية كارثية.

ولن يرضى منتقدو "بايدن" من الصقور عن التصنيف الجديد الذي منحه لقطر. وبسبب علاقة الدوحة مع طهران ودعمها للإخوان المسلمين والقضية الفلسطينية، لطالما كانت قطر هدفا لانتقادات الصقور "المؤيدين لإسرائيل"، الذين رحبوا للغاية بتضخيم الانتقادات السعودية والإماراتية لقطر.

وبالفعل، دعت بعض مراكز الفكر المحافظة "بايدن" إلى إلغاء تصنيف قطر كحليف من خارج الناتو وإدراجها كدولة راعية للإرهاب بدلا من ذلك.

ونظرا لأن الإمارات لن تكون راضية عن مكانة قطر الجديدة، فمن الواضح أن إدارة "بايدن" حريصة على "طمأنة" أبوظبي بأن الولايات المتحدة تدعمها أكثر من أي وقت مضى. وقال الوزير "أوستن" إن عمليات الانتشار العسكرية الجديدة في الإمارات "بمثابة إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الإمارات كشريك استراتيجي طويل الأمد".

وبينما يتم تقديم هذا الانتشار على أنه دفاعي بحت، فإنه يأتي دعما لحكومة تواصل تأجيج الحرب في اليمن.

وأدى الفشل في إخراج الولايات المتحدة من الحرب حتى الآن إلى تزايد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة وزيادة دورها في توفير الدفاع عن دولة ليست الولايات المتحدة ملزمة بالدفاع عنها.

ويعني ما تسميه الإدارة بنهج "العودة إلى الأساسيات" في المنطقة المزيد من نفس السياسات الفاشلة التي أبقت الولايات المتحدة غارقة في الصراع لعقود.

وتقول "تريتا بارسي" من معهد "كوينسي": "إذا كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تركز على تعزيز شراكاتنا وتحالفاتنا، وليس تحديد مصلحة الولايات المتحدة بدقة، فإن ذلك يعني استمرار تورطها في مجموعة متنوعة من الصراعات الإقليمية التي تعتبر هامشية بالنسبة لأمن الولايات المتحدة".

ولطالما خلطت واشنطن في الماضي بين تفضيلات وأهداف عملائها ومصالح الولايات المتحدة، ويبدو أن تحركات إدارة "بايدن" هذا الأسبوع تتبع نفس النمط. والسؤال الرئيسي الذي يجب طرحه حول كل هذه العلاقات هو ما إذا كانت تعمل على تعزيز أمن الولايات المتحدة وكيف.

وهناك ميل داخل واشنطن للتعامل مع الشراكات والعلاقات كما لو كانت غايات في حد ذاتها وليس وسيلة لتحقيق غايات أمريكية كما يفترض أن تكون.

وقد يؤدي تقديم المزيد من الأسلحة والدعم إلى الحلفاء في الشرق الأوسط إلى إبقاء تلك الحكومات هادئة لبعض الوقت، لكن الدعم العسكري ومبيعات الأسلحة لهذه الدول لهما تأثير مزعزع للاستقرار على المدى الطويل.

ويجب أن تجد إدارة "بايدن" طرقا لتقليص الالتزامات والمسؤوليات الأمريكية في المناطق التي لا تملك فيها الولايات المتحدة سوى القليل من المصالح المقنعة، ولكن مع تصنيف قطر "حليفا رئيسيا من خارج الناتو" والمزيد من الدعم العسكري للإمارات، فإنها تسير في الاتجاه الخاطئ تماما.

المصدر | دانيل لاريسون - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حليف رئيسي من خارج الناتو تصنيف قطر إدارة بايدن العلاقات القطرية الأمريكية صراعات الشرق الأوسط قطر بايدن

كيف يؤثر التصنيف الأمريكي الأخير لقطر على التنافس الخليجي؟