حليف خارج الناتو.. كيف تحولت قطر إلى لاعب محوري في الصراعات العالمية؟

الأحد 6 فبراير 2022 08:12 م

قبل لقاء الرئيس الأمريكي "جو بايدن" مباشرة بأمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" في المكتب البيضاوي، الثلاثاء الماضي، نشر البيت الأبيض منشورًا على "تويتر" يسرد أجندة الزيارة، والتي تضمنت "الأمن والازدهار في الشرق الأوسط وإمدادات الطاقة العالمية وأفغانستان وأكثر".

وكان من الواضح أن زيارة الشيخ "تميم" لم تكن مجرد زيارة رمزية، وفق دورية "جلوبال سنتنيال".

ويعد الشيخ "تميم" أول زعيم إقليمي يلتقي "بايدن" منذ أن أصبح رئيساً، في إشارة إلى أن واشنطن تنظر إلى الدوحة كعنصر مهم في مواجهة الأولويات الأمريكية العاجلة.

وفيما بدا تأكيدًا على هذه النقطة، أعلن "بايدن" هذا الأسبوع أنه صنف قطر "حليفًا من خارج الناتو"، وهو وضع يمهد الطريق لمزيد من التعاون في التجارة الدفاعية والأمن.

سياسات غير خاضعة

من الصعب فهم صعود هذه الإمارة الصغيرة إلى لاعب محوري في صراعات عالمية متعددة، وعلى الرغم من أنها تعج بالعمال الأجانب، إلا أن عدد مواطنيها لا يتجاوز 300 ألف مواطن، وفيما تخضع عادة الدول الصغيرة المماثلة المحاطة بجيران أقوياء، إلا إن قطر فعلت العكس.

ففي عام 2017، تسببت سياسة الدوحة في قيام جيرانها بمجلس التعاون الخليجي بفرض حصار قاسٍ لمدة 43 شهرًا - فشل في نهاية المطاف - بهدف فرض تغيير في السياسة الخارجية لقطر.

وفضلت إدارة "ترامب" منافسي قطر - السعودية والإمارات - دون قطع العلاقات مع الدوحة، لكن هذا الصدع انتهى في يناير/كانون الثاني 2021.

ولطالما استقطبت قطر إدانات شديدة من اليسار واليمين في الولايات المتحدة، بما في ذلك انتقادات على انتهاكاتها المزعومة لحقوق الإنسان والادعاءات بأنها راعية للإرهاب.

ما الذي تنتظره واشنطن؟

على الرغم من كونها حليفًا رسميًا للولايات المتحدة الآن، فمن غير المرجح أن تؤيد الدوحة الولايات المتحدة بشكل كامل في كل قضية، وإنما من المرجح أن يستفيد قادتها من توثيق العلاقات لتعزيز مكانتها كوسيط بين واشنطن وخصومها، وهو نهج محفوف بالمخاطر دفعت قطر ثمنه بالفعل، كما رأينا في حصار عام 2017.

لكن هذه الاستراتيجية، بالإضافة إلى ملكيتها لشبكة أخبار "الجزيرة" المؤثرة، سمحت للدولة الغنية بالغاز بأن تتخطى المتوقع منها بكثير.

أكثر الأدوار إلحاحًا الذي تتطلع واشنطن لأن تلعبه قطر حاليًا يتعلق بالمواجهة المستمرة مع روسيا بشأن أوكرانيا، والمشاركة في هذه القضية ستأخذ قطر إلى ما هو أبعد من وساطتها في النزاعات الإقليمية نحو مستوى أعلى بكثير.

وفي حالة نشوب حرب أو مزيد من التصعيد والعقوبات، يأمل "بايدن" أن تساعد قطر في تخفيف حدة أي تحرك من جانب روسيا لقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا الغربية، من خلال منح الدول المتضررة مصدرًا بديلاً للوقود، حيث إن احتمال فقدان الإمدادات الروسية - التي تمثل ثلث الغاز الأوروبي - يجعل القارة عرضة لنفوذ روسيا.

لاعب في الصراعات العالمية

وفي الوقت نفسه في الخليج، تبذل قطر جهودًا لتكون بمثابة جسر بين واشنطن وطهران، مع دخول مفاوضات إحياء الاتفاقية النووية الإيرانية لعام 2015 مراحلها النهائية.

وقبل أيام من سفر الأمير إلى واشنطن، زار وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" إيران، ولم يكن التوقيت مصادفة.

وأخبر "آل ثاني" قناة "الجزيرة"، في وقت لاحق، أن الإمارة تأمل في استخدام علاقتها مع كل من إيران والولايات المتحدة لتقريب الجانبين.

كما استخدمت قطر علاقتها مع حركة "طالبان" (وهي خصم آخر للولايات المتحدة) لترسيخ نفسها كحلقة وصل بين واشنطن وكابول.

واستضافت الدوحة مفاوضات بين "طالبان" والغرب في عام 2020 وجزء كبير من عام 2021، وبعد استيلاء "طالبان" على السلطة في الصيف الماضي ، أصبح موقف قطر أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة.

وبينما لا تمتلك إدارة "بايدن" علاقات دبلوماسية مع حكومة "طالبان" الجديدة، إلا إنها كانت مهتمة للغاية بالمساعدة في إجلاء مزدوجي المواطنة والأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية، كما تبحث عن طرق للتخفيف من الانهيار الاقتصادي في أفغانستان دون تقوية حركة "طالبان".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، بعد 3 أشهر من مغادرة الولايات المتحدة، أصبحت قطر رسميًا ممثل واشنطن في كابول. وأثناء وجود الأمير في واشنطن هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية القطري عن بعض النجاح في تمثيل مصالح واشنطن هناك؛ حيث توصل مكتبه إلى اتفاق مع "طالبان" لاستئناف عمليات إجلاء الرعايا الأجانب والأفغان المعرضين للخطر باستخدام رحلات طيران مستأجرة من مطار كابول.

اتبعت قطر هذه الاستراتيجية في محاولة الحفاظ على العلاقات مع جميع الأطراف لسنوات. وبينما صعّدت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى دفاعاتها أمام جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت تتصاعد آنذاك، احتضنت الدوحة الجماعة، وكان ذلك - بالإضافة إلى علاقات الدوحة مع طهران - هو أكثر ما أثار غضب جيرانها وحفز صدع عام 2017.

وفي مقابل رفع الحصار، طلبت السعودية والإمارات وأقرب حلفائهما أن تقطع قطر العلاقات مع إيران وتغلق قناة "الجزيرة" (من بين أمور أخرى)، لكن قطر خالفت التوقعات ونجت من الحصار دون الرضوخ لهذه المطالب.

كما عملت قطر كوسيط بين حركة "حماس" الإسلامية الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة، وإسرائيل، التي لا تملك قطر علاقات دبلوماسية بها، لكنها بينهما الكثير من التفاعل كما يبدو.

وتسمح إسرائيل لقطر بتقديم المساعدة المالية وغيرها من المساعدات المادية لشعب غزة، بما في ذلك وقود تبلغ قيمته ملايين الدولارات مؤخرًا.

قطر ترسخ مكاسبها

من الواضح أن القطريين يفهمون أن قرار "بايدن" بتعزيز العلاقات يمكن أن يكون مثيرًا للجدل سياسيًا، ويحتمل أن يكون مكلفا لإدارته، لذلك قدموا بعض الأشياء المُرضية للشعب الأمريكي التي تخفف من هذا الخطر.

ففي اليوم السابق لزيارة الأمير، أعلنت شركة "بوينج" أن شركة الطيران القطرية المملوكة للدولة قد قدمت طلبية كبيرة بحوالي 100 طائرة، مما يتيح للشركة الأمريكية أن تسجل انتصارًا هائلًا على منافستها الأوروبية "إيرباص"، وتصل القيمة الإجمالية لصفقة الطائرات إلى 27 مليار دولار.

وتحدث السناتور الديمقراطي "شيرود براون" عن الصفقة بحماس على "تويتر" واصفًا إياها بـ "فوز ضخم لعمال شركة جينرال إلكتريك أفيشن ونقابات الميكانيكيين". وهذا بالضبط ما كانت الصفقة تهدف إلى القيام به: تخفيف التكلفة التي يدفعها "بايدن" مقابل تعزيز العلاقات مع الدوحة. وكان من المقرر أن يناقش الأمير صفقات بيع أسلحة مع وزير الأمن الداخلي، على الرغم من أن نتائج هذا الاجتماع لم يتم الإعلان عنها بعد.

ومع بطولة كأس العالم المقررة لهذا العام في الدوحة، تعزز الحكومة القطرية موقفها في الوقت الذي يتركز فيه الاهتمام العالمي عليها.

وبغض النظر عن كل الاعتراضات من جميع أنحاء الطيف السياسي في الولايات المتحدة، وأوجه القصور في الالتزام بالتحالف، فإن قطر تتحول إلى لاعب لا غنى عنه.

المصدر | فريدا جيتيس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر ناتو حليف خارج الناتو الولايات المتحدة بايدن تميم بن حمد حصار قطر

حليف من خارج الناتو.. هكذا توسع أمريكا نفوذها الدبلوماسي عبر قطر

رسميا.. بايدن يعلن تصنيف قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج الناتو

قطر تبحث مع الناتو أمن الطاقة والغذاء وأزمة أفغانستان