كشف تحقيق استقصائي جديد، بثَّته قناة "سكاي نيوز" البريطانية، الأربعاء، أن الإمارات تسهل احتجاز وترحيل الإيجور الذين يعيشون فيها، وتوفر "مواقع سوداء" سرية على أراضيها، تسمح فيها لمسؤولين صينيين رفيعي المستوى باستجواب المحتجزين.
وأورد التحقيق أن عملاء الحكومة الصينية يعملون في الخارج على رصد الإيجور الذين فروا من الصين وتحديد هوياتهم لإجبارهم على التجسس لمصلحة الحكومة، أو إخفائهم وترحيلهم.
وخلص فريق التحقيق، بناءً على الشهادات التي جمعها، إلى أن الإمارات هي أكثر الدول التي شهدت نشاطاً لأجهزة الأمن الصينية المكلفة بملاحقة الإيجور.
وعن أسباب هذا التعاون الوثيق، قالت الناشطة "رادها ستيرلنج"، التي أسَّست منظمة "محتجزون في دبي"، المعنية بمساعدة الضحايا الأجانب في الإمارات، وتتخذ من لندن مقراً لها، إن "الإمارات والصين بينهما شراكة تجارية قوية".
وأوضحت أن "الصين لديها أكثر من 6000 شركة تعمل في الإمارات وهي أقوى حليف للإمارات من الناحية المالية وليس هذا فحسب، فالدولتان من نوع الدول السلطوية، وتتشاركان فرض الرقابة، وتتبادلان التعاون الأمني بينهما".
ونقل التحقيق عن "جسور بورونقي"، وهو إيجوري من مدينة أورومتشي في شينجيانج، غادر الصين ليستقر في هولندا عام 2009، أن صديقاً اتصل به من شينجيانج وأراد مقابلته لمناقشة "أمر مهم" في دبي، وعندما ذهب إلى هناك التقاه مسؤولو أمن صينيون، وطلبوا منه أن يستخرج وثائق مهمة عن معسكر لاحتجاز الإيجور في كاشجر بتركستان الشرقية من جهاز الكمبيوتر الخاص بزوجته السابقة، مقابل "عمولة جيدة" لا يحتاج بعدها إلى "إنهاك نفسه بالعمل الشاق في المستقبل".
وتحوي الوثائق أسماء وتواريخ ميلاد وعناوين أكثر من 800 شخص محتجزين في المعسكر، بحسب التحقيق.
وأشار "بورونقي"، في شهادته، إلى أن العميل الصيني "أخبره لاحقاً أنه سيُمنح بطاقة (يو إس بي) وكل ما عليه هو إدخالها إلى كمبيوتر زوجته السابقة، ليمكنهم القبض على (المخبِر الداخلي) الذي سرَّب الوثائق".
وأضاف: "عندما هممت بمغادرة دبي، سألتهم: هل أواجه أي مشكلة عند المرور ببوابات الفحص والتفتيش ومعي بطاقة اليو إس بي؟ قالوا لي: (لن تواجه أي مشكلة، لقد فعلنا ذلك كثيراً)".
قرر "بورونقي" الاحتفاظ بالبطاقة وسلَّمها لاحقاً إلى أجهزة الأمن الهولندية، ثم توقَّف عن الرد على مكالمات العملاء الصينيين، لكنه فوجئ بهم يرسلون مقطع فيديو لوالدته التي لا تزال في الصين.
ويتذكر "بورونقي" أن العميل الصيني قال له: "والدتك ليست في صحة جيدة، إذا تعاونت معنا، يمكنك مقابلتها قريباً"، مشيرا، في خوف، إلى أن أخته وأخيه وأمه في يد السلطات الصينية.
وأورد التحقيق شهادة أخرى لـ "وانج جينجيو"، ذكر فيها أن والديه اعتقلا بعد أن أعرب عن دعمه للاحتجاجات التي شهدتها هونج كونج عام 2019، وانتقد الجيش الصيني.
ويروي "جينجيو" أنه كان في طريقه من تركيا إلى الولايات المتحدة، وتوقَّف في دبي، وبينما كان على وشك الصعود على متن الطائرة إلى أمريكا، أوقفه ضابطان واحتجزاه.
واستطاع "جينجيو" الاتصال بصديقته "وو هوان"، وطلب منها الحضور لكفالته وإطلاق سراحه، غير أنها اعتقلت أيضاً لدى وصولها إلى دبي، واقتيدت إلى فيلا بها غرف صغيرة منفصلة ومقفلة بأبواب حديدية، وتبدو كما "السجن"، وهناك رأت إيجوريين آخرين محتجزين.
وقال "جينجيو" وصديقته "هوان" إن مسؤولين صينيين استجوبوهما على الأراضي الإماراتية.
وأشارت "هوان" إلى أن معظم المسؤولين جاءوا من القنصلية الصينية، وكانت تعرف واحداً منهم، هو القنصل العام "لي زوهانج".