حلقة مفرغة.. ليبيا تدخل مرحلة جديدة من الغموض السياسي

السبت 12 فبراير 2022 10:49 م

يبدو أن ما يسمى بالانتقال السياسي في ليبيا ليس له نهاية تلوح في الأفق، ويبدو أن المرحلة السياسية المؤقتة ابتعدت تمامًا عن خارطة الطريق التي رعتها الأمم المتحدة، والتي كان من المقرر أن تتوج بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وفشلت المرحلة الانتقالية بسبب الخلافات الحادة حول أهلية العديد من المرشحين الرئيسيين. ورداً على ذلك، أعلن برلمان طبرق في 31 يناير/كانون الثاني أنه سيقبل قائمة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء الجديد اعتباراً من 8 فبراير/شباط بموجب آلية الترشيح المعتمدة مؤخراً.

وقال مسؤولون بحكومة طرابلس إن رئيس الوزراء الحالي "عبد الحميد الدبيبة" لن يسلم الحكومة إلا إلى سلطة منتخبة أخرى. ويخشى مراقبون من أن المواجهة بين الشرق والغرب حول هذه القضية قد تعيد البلاد إلى حالة الاستقطاب التي سادت قبل تشكيل الحكومة الحالية مما يهدد بانهيار عملية السلام.

وقد ركزت مليشيات مصراتة والزاوية قواتها حول العاصمة طرابلس تحسبا لتصاعد التوترات. ولكن العديد من المحللين يرون أن الوضع لن يتصاعد إلى حرب مرة أخرى لأن المشكلة هذه المرة ليست مرتبطة بصدام بين رؤساء الأركان المتنافسين في طرابلس وبنغازي.

ومع ذلك، فإن الانتهاكات الأمنية قد تتزايد نظرًا للازدواجية المؤسسية بين الشرق والغرب. وقد ازداد الوضع تعقيدا مع انتخاب برلمان طبرق رئيس وزراء من الغرب. وبصرف النظر عن الحكومات المتنافسة في الشرق والغرب، أصبح هناك رؤساء وزراء متنافسون في الغرب.

واقترح رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح" أن تصبح سرت العاصمة الإدارية الجديدة، وبالتالي إبقاء الحكومة الجديدة بعيدة عن القتال في طرابلس. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوى السياسية ستدعم الحكومة الجديدة، وبالتالي أسس شرعيتها. 

وكان هناك تقارب خلال الفترة الماضية بين الجنرال "خليفة حفتر" ووزير الداخلية السابق "فتحي باشاغا" ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق "أحمد معيتيق". وفي الوقت نفسه، ظلت العلاقة متوترة بين "حفتر" و"الدبيبة"، لكن لم يتم قطعها حتى الآن من قبل أي من الطرفين.

وقبل وقت قصير من إعلان مجلس النواب عن فتح باب الترشيحات لمنصب رئيس الوزراء الجديد، التقى "الدبيبة" بمحافظ البنك المركزي الليبي "الصديق الكبير" ورئيس المجلس الرئاسي "محمد المنفي" لمناقشة إعادة توحيد البنوك. ويشير ذلك إلى البنك المركزي سيستمر في العمل مع الحكومة المؤقتة الحالية ولن يكون له علاقة رسمية مع الحكومة الجديدة.

ومن المشكوك فيه أن تحصل الحكومة الجديدة على دعم من الخارج. وقد أعربت الأمم المتحدة بالفعل عن قلقها بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وتعتقد المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا "ستيفاني ويليامز"، التي تعكس بوضوح موقف واشنطن، أن الخطوات في هذا الاتجاه تتعارض مع أولويات ليبيا، والتي تتمثل في تشكيل حكومة مستقرة وخاضعة للمساءلة. وقالت إنه لا يزال من الممكن إجراء انتخابات عامة في يونيو/حزيران 2022 بموجب خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة معتبرة أن تشكيل حكومة جديدة سيمنع ذلك.

وتعتقد "ويليامز" أن بعض المسؤولين الليبيين يناورون للبقاء في السلطة، وبالتالي يسعون بشكل مشترك لعرقلة العملية السياسية من خلال تنظيم "لعبة الكراسي".

وبصرف النظر عن معارضة الاتجاه الذي اتخذه مجلس النواب، من الواضح أن "ويليامز" لا ترحب بالتحالف السياسي الجديد بين المسؤولين السابقين في الغرب ("باشاغا" و"معيتيق") مع "حفتر" و"صالح". لكنها أيضًا لا تدعم "الدبيبة"، الذي اتهمته بـ "انتهاك واجبه الأخلاقي" عندما ترشح للرئاسة في انتهاك لخارطة الطريق والالتزامات التي قطعها عندما أصبح رئيسًا للوزراء.

وبشكل عام، تعتقد "ويليامز" أن المؤسسات الحكومية القائمة مثل مجلس النواب ونظيره في طرابلس، المجلس الأعلى للدولة، بحاجة إلى التغيير.

وسيطرح تشكيل حكومة جديدة سؤالا آخر حول ماهية عمل المجلس الرئاسي الذي تم تشكيله مع الحكومة. وبالرغم أن المجلس الرئاسي لم يتطلب تصويتًا برلمانيًا بالثقة، إلا أنه لا يزال الهيئة الحاكمة المرتبطة بخريطة الطريق الحالية. ولا شك أن التطورات السياسية المقبلة ستتأثر بردود الفعل على تشكيل الحكومة الجديدة.

لكن وفقًا للعديد من المحللين السياسيين، فإن الكثير من اللوم في حالة عدم اليقين هذه يقع على عاتق الولايات المتحدة حيث تروج "ستيفاني ويليامز" لمصالح شركات النفط الأمريكية والبنتاجون في ليبيا بدلاً من مصالح الأمم المتحدة.

ولطالما شعر جيران ليبيا بقلق عميق إزاء الوضع الخطير هناك. واتفق الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" ونظيره الجزائري "عبد المجيد تبون" على ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة، في إشارة إلى أن مواقف القاهرة والجزائر تتماشى مع سياسة الأمم المتحدة. وقال "السيسي" في مؤتمر صحفي مشترك عقب المحادثات في القاهرة، إنهما اتفقا أيضا على ضرورة سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا من أجل استعادة الاستقرار في البلاد.

وفي هذا السياق، زار "باشاغا" و"صالح" القاهرة منتصف يناير/كانون الثاني، لكن لم تظهر خطة واضحة أو مقنعة لاحتواء الأزمة التي بدأت بعد إلغاء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول. وحتى الأحداث التي أعقبت زيارة الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون" للقاهرة في 24 يناير/كانون الثاني تظهر أن الأحزاب الليبية الرئيسية غير مهتمة بإجراء انتخابات في المستقبل المنظور.

وهكذا أصبح المشهد السياسي الليبي أكثر تعقيدا. وبغض النظر عن تعيين مجلس النواب حكومة مثيرة للجدل، فإن لجنة خارطة الطريق، التي تشكلت بعد 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، تؤيد تعديل الدستور وإجراء استفتاء عليه قبل الانتخابات ما يعني تمديد المرحلة الانتقالية الحالية إلى حوالي عامين.

ويعني ذلك أن لجنة خارطة الطريق ستحل محل منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي صاغ خارطة الطريق الحالية، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من عدم اليقين والتوتر والمشاكل. باختصار، لا يوجد شيء يوحي بأن ليبيا ستعرف الاستقرار في أي وقت قريب.

المصدر | فيكتور ميخين/ نيو ايسترن أوتلوك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فتحي باشاغا عقيلة صالح السياسة الليبية مجلس طبرق طرابلس حفتر الانتقال في ليبيا برلمان طبرق المرحلة الانتقالية

ليبيا.. الدبيبة يقود مظاهرة في مصراتة ضد حكومة باشاغا ويلمح لمقاومة عسكرية

نيويورك تايمز: حكومة ليبيا الجديدة تعيد الانقسام والفوضى

ليبيا: كيف رضي حفتر عن خصمه باشاغا؟

طبول الحرب تدق في طرابلس مجددا.. كيف ستنتهي أزمة "الدبيبة – باشاغا"؟