أردوغان في الإمارات.. 12 اتفاقية مرتقبة وتعاون اقتصادي ودفاعي يتصدر المحادثات

الاثنين 14 فبراير 2022 09:09 ص

"صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية".. هكذا وصف المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات "أنور قرقاش"، زيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إلى بلاده والتي تحمل عنوان "التعاون الاقتصادي بدلاً من الخلافات السياسية".

ويصل "أردوغان" إلى الإمارات، الإثنين، في أول زيارة له للبلد الخليجي الثري، منذ نحو 9 سنوات، بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الإقليميتين، اللتين وقفتا على النقيض في العديد من ملفات المنطقة، خلال السنوات الماضية.

وتأتي زيارة "أردوغان"، التي تستمر يومين، وهي الأولى له منذ فبراير/شباط 2013، حين كان رئيسا للوزراء، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة، فيما تواجه الإمارات خطرا أمنيا متزايدا من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن.

كما تستكمل الزيارة، فصلا جديدا في علاقات البلدين، بدأ بزيارة الشيخ "محمد بن زايد" ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات إلى تركيا، خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وحينها لفتَتَ أنظارَ المراقبين مشاهد استقبال "أردوغان" لـ"بن زايد".

والشهر الماضي، قال الرئيس التركي إن زيارته المقررة لدولة الإمارات، ستؤسس لحقبة جديدة من العلاقات مع دول الخليج، فيما سبقه وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" إلى الإمارات، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وخلال زيارة "أردوغان" المرتقبة للإمارات، من المقرر أن يجري محادثات ثنائية في أبوظبي ودبي، ويفتتح "اليوم الوطني التركي" في معرض "إكسبو دبي"، ويلتقي عدداً من رجال الأعمال.

كما سيتخلل الزيارة توقيع الجانبين على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية، في تأكيد واضح على عودة العلاقات بين البلدين، إلى مسارها التعاوني الصحيح.

وحسب وكالة الأنباء التركية "الأناضول" (رسمية)، يشهد "أردوغان" و"بن زايد"، توقيع 12 اتفاقية.

هذه الاتفاقيات تشمل، مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال الاستثمار، وبروتوكول تعاون في مجالي الإعلام والاتصال، وخطاب نوايا بشأن بدء اجتماعات التعاون في الصناعات الدفاعية.

وتضم أيضا، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجالات النقل البري والبحري، وبيانا مشتركا حول بدء المفاوضات بخصوص اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.

ومن ضمن الاتفاقيات كذلك، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال التعاون الزراعي، ومذكرة تفاهم حول التعاون في الصناعة والتقنيات المتقدمة.

وتتضمن أيضا مذكرات تفاهم بشأن التعاون في مجال الصحة، وفي المجال الثقافي، وفي مجال الشباب، وفي مجال إدارة الكوارث والطوارئ، وفي مجال الأرصاد الجوية.

ووفق رئيس مجلس الأعمال التركي الإماراتي "توفيق أوز"، فإن زيارة "أردوغان" سوف تساهم في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لافتا إلى أن التطورات الإيجابية في العلاقات بين البلدين انعكست بسرعة على العلاقات التجارية والاقتصادية.

وبينما يسارع الإماراتيون والأتراك، لطي صفحة الخلاف، سواء بتخفيف حدة الخطاب الإعلامي بينهما، أو رفع القيود المفروضة على المواقع الإخبارية والتي كان يحظر الوصول إليها عبر شبكات الإنترنت، قال بنكا الإمارات وتركيا المركزيان في بيانين منفصلين إنهما أبرما اتفاقا لتبادل العملات تبلغ قيمته قرابة 5 مليارات دولار بالعملتين المحليتين، مما يوفر مصدرا محتملا للدعم في ظل التقلبات الاقتصادية التي تواجهها أنقرة.

وحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، فقد انخفض العام الماضي، حجم التبادل التجاري بين تركيا والإمارات بنحو 9% مقارنة بعام 2020، وبلغ 7.5 مليار دولار.

وفي الفترة المذكورة، زادت صادرات تركيا إلى الإمارات بنسبة 91%، وبلغت قرابة 5.2 مليار دولار، فيما تراجعت الواردات الإماراتية لتركيا بنسبة 58% وبلغت 2.4 مليارات دولار.

وفي السنوات العشر الماضية، تم تحقيق أعلى حجم للتجارة الثنائية في عام 2017، حيث بلغ 14.7 مليارات دولار.

وفقًا لحسابات مركز التجارة الدولية، فإن الإمكانات غير المستغلة في صادرات تركيا إلى الإمارات تبلغ مستوى 1.8 مليارات دولار.

وحسب "أوز"، فإن زيارة "أردوغان"، سوف تساهم في تسريع الزخم الإيجابي الذي اكتسبته العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية الأخيرة بين البلدين.

واستطرد: "سيتم خلق فرص جديدة للقطاع الخاص التركي من خلال زيادة تعزيز العلاقات القائمة وتوسيع التعاون الحالي ليشمل مجالات جديدة".

وأضاف: "سيتم وضع خارطة الطريق للأنشطة التجارية والاقتصادية والتي تم رسمها خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، موضع التنفيذ، بهدف رفع حجم التجارة الثنائية بين البلدين".

وسبق أن أعلنت الإمارات، قبل أشهر، عن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، ولتعزيز دعم الاقتصاد التركي وتوثيق التعاون بين البلدين.

وسيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، فيما تمثل الأخيرة الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا، والأكبر لأنقرة على مستوى منطقة الخليج.

وتشارك تركيا في "إكسبو 2020 دبي"، ويقع جناحها بمنطقة الاستدامة، وتم تصميمه تحت شعار "صنع المستقبل من أصل الحضارات".

المتوقع من الزيارة لا يقتصر فقط على التعاون الاقتصادي، بل يتخطاه لتعاون دفاعي بين البلدين المتباينتان في النمط الأيديولوجي والسياسي، وفي القوة العسكرية التي ترجح كفتها لصالح تركيا.

فبداية الشهر الجاري، وفي إطار التحضيرات للزيارة، استقبل وزير الخارجية التركي "مولود جاوش أوغلو" السفير الإماراتي الجديد في أنقرة.

كما استقبل "محمد بن أحمد البواردي" وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع في مكتبه بوزارة الدفاع، سفير تركيا لدى بلاده "توغاي تونشير".

وإلى جانب الوفد التركي، حضر اللقاء من الجانب الإماراتي وكيل وزارة الدفاع "مطر سالم الظاهري"، وعدد من كبار ضباط ومسؤولي الوزارة، في إشارة إلى تركيز اللقاء على ملفات تتعلق بالتعاون الدفاعي المتوقع بين البلدين.

حيث يتوقع أن يتخلل زيارة "أردوغان" التوقيع على اتفاقيات دفاعية جديدة بين البلدين، لم يتم الإفصاح عنها بعد.

وتواجه الإمارات تهديد المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين شنّوا هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة غير مسبوقة ضدها، ما دفع بأبوظبي إلى زيادة تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة هذا التهديد.

وسبق أن قال "أردوغان"، في مقاله قبل يومين، لصحيفة "خليج تايمز" الإماراتية، إن "تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معًا في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي".

وأضاف: "نحن لا نفصل بين أمن واستقرار دولة الإمارات وإخواننا الآخرين في منطقة الخليج، وأمن واستقرار بلدنا.. نحن نؤمن بشدة بأهمية تعميق تعاوننا في هذا السياق في المستقبل".

إلا أن أنقرة تبدو خياراً مناسباً لأبوظبي للحصول على تقنيات دفاعية، بعد أن شهده هذه الصناعات العسكرية التركية تطوراً ملحوظاً، خلال السنوات الخمس الماضية، قبل أن ترتفع عدد الشركات التركية في قائمة "أفضل 100 شركة للصناعات الدفاعية" الأكثر شهرة عالمياً إلى المرتبة السابعة.

وأصبحت تركيا منافساً عالمياً على صعيد قطاع الطيران بدون طيار عبر مقاتلتها "بيرقدار"، التي تستخدم حالياً في عدد من الدول مثل قطر وليبيا وأوكرانيا وبولندا.

لكن السلاح الذي قد يلفت نظر الإمارات في مواجهة صواريخ ومُسيرات مليشيا الحوثي هو منظومة (حصار أو +) بالتركية "HİSAR O+" الذي دخل فعلياً للخدمة في الجيش التركي في يوليو/تموز الماضي، وحقق نجاحاً جديداً على طريق دخوله الخدمة الفعلية لدى القوات المسلحة التركية.

وخلال السنوات العشر الأخيرة، شهدت العلاقات بين تركيا والإمارات تراجعا بشكل كبير في ظل خلافات متعددة بعدد كبير من الملفات، وبحملات إعلامية كبيرة متبادلة، وشكلت ملفات إقليمية عديدة نقطة خلاف، أبرزها التطورات في مصر وفي ليبيا، واتخاذ البلدين مواقف متباينة من تلك التطورات، حتى في المواضيع المتعلقة بالأزمة الخليجية التي انتهت.

وعلى الصعيد الدولي، كانت هناك مواجهات بشأن ملفات مختلفة بين الجانبين، إذ اتهمت تركيا الإمارات بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة في العام 2016، وفي قضايا عديدة للتأثير على الداخل التركي.

لكن مع التطورات التي حصلت في المنطقة، وخاصة مع تولي "جو بايدن" الحكم في الولايات المتحدة بداية العام الماضي، انطلقت مرحلة جديدة من الانفتاح بين بلدان المنطقة، وجرت مصالحات، ومنها مواقف تركية تجنح لفتح قنوات اتصال مع الدول الإقليمية، فبدأت مع مصر وعقدت جولتين استكشافيتين في مايو/أيار وفي سبتمبر/أيلول الماضي.

كما جرت اتصالات أخرى مع السعودية عبر وزارة الخارجية، وجولات استكشافية مع اليونان، ولقاءات مع دول الاتحاد الأوروبي، يرافق ذلك حاجة تركية داخلية مرتبطة بالانتخابات المقبلة في العام 2023، وبتأثيرات سلبية في الاقتصاد مع تراجع قيمة صرف العملة التركية أمام العملات الأجنبية.

كما تعمل الإمارات، الطامحة للعب دور دبلوماسي كبير، على إصلاح علاقاتها مع جاراتها، وخصوصا قطر وإيران.

لكن هذا يأتي بينما لم تعرف بعد طبيعة الثمن السياسي الذي سيقدمه كل طرف للآخر، فالخلافات بينهما كبيرة فيما يتعلق برؤية كل منهما لقضايا المنطقة الإقليمية، سواء في سوريا أو ليبيا أو اليمن أو إيران أو في شرق المتوسط.

لكن حديث "أردوغان" عن مبادرات سلام وتعاون ورؤية مشتركة وانطلاقة قوية يوحي بأن الزيارة ستؤسس لصفحة جديدة من التعاون، في حال حققت بالفعل ما يصبو إليه كل من "أردوغان" و"بن زايد".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان العلاقات الإماراتية التركية العلاقات الاقتصادية القوات المسلحة التركية زيارة أردوغان للإمارات

تفقد إكسبو ولقاء بن زايد وتوقيع اتفاقيات.. تفاصيل زيارة أردوغان للإمارات

أردوغان يصل إلى الإمارات في أول زيارة منذ 9 سنوات

أجريا مباحثات موسعة.. بن زايد يشكر أردوغان على إدانة هجمات الحوثيين

حسين الجسمي يغني بالتركية احتفاء بزيارة أردوغان للإمارات (شاهد)