استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن التراث والعنف .. هل نحرقه لكي ترضوا؟!

الاثنين 7 ديسمبر 2015 03:12 ص

مع كل عملية هنا أو هناك تبدأ الأصوات إياها في اهتبال الفرصة من أجل الهجوم على التراث الإسلامي، وهو ما تابعناه في محطات عديدة آخرها هجمات باريس. والغريب أن مشايخ من كل لون ما لبثوا يشاركون في الزفة أيضا، مشيرين إلى الأفكار المنحرفة، في تأكيد للنظرية التي يتبناها خصوم الإسلام وكارهي الصحوة الإسلامية من أن ما جرى ويجري هو نتاج تلك الأفكار.

في ضوء هذه الحملة، وكما في كل مرة، نجد أنفسنا مضطرين لاستعادة ذات السؤال الذي نكرره دائما، ممثلا فيما إذا كان العنف المسلح هو نتاج الأفكار والأديان من حيث المبدأ، أم نتاج ظروف موضوعية تتيح له النشوء والنمو، وإذا كان الإسلام هو الدين الذي يفرِّخ العنف كما يزعم أولئك، فلماذا لم يعرف تاريخه الحديث منذ انطلاق الصحوة الإسلامية مطلع الثمانينات هذا المستوى من العنف الذي نتابعه هذه الأيام، والذي جاء في موجته الأولى ردا على الغزو الأميركي للعراق، وفي موجته الثانية بعد انحسار الأولى إثر الربيع العربي، ردا على طائفية المالكي وبعدها دموية بشار الأسد، ومن ثم جنون الحوثي، وكله بدعم إيران؟

ونعني هنا العنف «المعولم»، أما العنف المحلي، فمرده الاستبداد والفساد.

هل كان تلك النصوص التي يستخدمها تنظيم الدولة ضائعة، بل هل كان أسامة بن لادن نفسه غافلا عنها حين كان ينتقد في رسائله بعض تلك الممارسات، كما عكست ذلك رسائله التي نشرت ضمن ما عُرف بـ«وثائق أبوت أباد» أو «وست بوينت» التي نشرها الأميركان أنفسهم؟!

الحق أن الأفكار ليست هي المنتج الأساسي للعنف، وإن استخدمت (إن كانت أرضية أم سماوية) لتبريره ضد الآخر «الكافر» أو غير ذلك بحسب الأيديولوجيا، وما ينتجه بالفعل هي الظروف الموضوعية، ولذلك لم يكن ثمة دين ولا مذهب إلا وخرج من بين أبنائه من يتبنون نهج العنف المسلح في لحظة من اللحظات، وليس ثمة أيديولوجيا إلا واستخدمت العنف، بدليل أن عنف النصف الأول من القرن العشرين كان في معظم تجلياته يساريا، وخرج من اليسار يسار متطرف أكثر عنفا؛ وهكذا.

حين تتهيأ الظروف؛ يأخذ بعضهم نصوصا من هنا وهناك لتبرير ألوان من العنف أنتجتها الظروف الموضوعية، ثم ما أن يتراجعوا عنها أو يراجعوها حين تتغير الظروف، كما حصل في مراجعات عدد من الجماعات المسلحة في مصر وليبيا وغيرها نهاية القرن الماضي.

خذ مثلا أصل فكرة القتال، منذ زمن بعيد لم يقل أحد إن الكفر هو مبرر القتال، وفي التراث لم يقل بذلك من الأئمة الأربعة سوى الشافعي، ولو عاش إلى زمننا هذا لغيّر رأيه، وكان الثلاثة الآخرون على غير ذلك، وحين توفرت الظروف الموضوعية استعاد تنظيم الدولة هذا الرأي الذي لا يأخذ به حتى أحد، بما في ذلك منظرو السلفية الجهادية مثل المقدسي وسواه.

من جهة أخرى، فإن من يقرأ العهد القديم، سيجد أنه الأكثر وضوحا في تبرير العنف ضد الآخر، لأن الأصل أن هناك «أبناء» للرب لهم خصوصيتهم، و«الرب» هنا يتحوّل عمليا إلى جندي في خدمة أبنائه، وفي منحهم الأوامر لكي يشنوا حروب إبادة ضد أعدائهم!!

ومن يتابع بعض فتاوى الحاخامات في الكيان الصهيوني يلاحظ من أي منهل ينهلون، لكن أحدا لا يجرؤ على انتقادهم، بخاصة في الغرب. ولا بد من التذكير هنا بأن من أحرق اليهود فيما عُرف بالـ«هولوكست» لم يكونوا مسلمين. وقد سبق أن هاجر اليهود إلى ديار المسلمين طلبا للأمان. ونتذكر أن تلك الفتاوى تستحضر أحيانا في سياقات معينة، مثل المعارك والمواجهات، لكن الدولة لا تسمح بتبنيها لاعتبارات سياسية.

ولا يتوقف الأمر عند العهد القديم، بل يشمل ذلك جميع الأديان الأخرى، بما فيها تلك التي يُشاع عنها الدعوة إلى التسامح مثل المسيحية والبوذية مثلا، وما جرى ويجري ضد مسلمي الروهينجا في ميانيمار، وتبرير رجال الدين البوذيين للقتل الدموي الأعمى بحق المسلمين دليل صريح.

الأسوأ في السياق الذي نتحدث عنه هو تلك الهجمة التي يشنها الإعلام الإيراني والعربي التابع، والتي تحشر العنف الأعمى في إطار سلفي أو وهابي كما يحلو له أن يسميه، فيما يعلم الجميع أن تجليات العنف الإسلامي المسلح (وإن كانت سلفية الآن)، إلا أنها لم تبدأ كذلك، وكما في سوريا مطلع الثمانينات، وكما في مصر سابقا ولاحقا، وينسى أولئك أن حزب الدعوة؛ أشهر الأحزاب الشيعية كان من بين من تبنوا العنف المسلح ضد النظام العراقي، حتى أن أول العمليات الانتحارية التي عرفها تاريخنا الحديث كانت بتوقيع الحزب، واستهدفت السفارة العراقية في بيروت عام 81.

كما يتناسون أبشع عمليات القتل التي مارستها المليشيات الشيعية في العراق منذ الغزو ولغاية الآن.

ولعلنا نسأل السادة الأشاوس من المشاركين في الزفة بكل ألوانهم: ماذا عسانا نفعل بهذا التراث الموجود في الكتب، والذي يتفوق عليه تراث أكبر بكثير يدعو إلى التسامح وينشر قيما نبيلة في الحرب؟ هل نحرقه مثلا؟ لم يعد الأمر ممكنا، بعد أن تحول إلى مواد مخزّنة في وسائط لا يمكن حرقها؟ ولماذا تتجاهلون أن هناك رأي أغلبية ورأي أقلية؟!

لن تتوقف هذه الموجة من العنف إلا بأحد احتمالين؛ الأول أن ترتطم بالجدار المسدود، لتبدأ مراجعاتها كما تجارب أخرى، والثاني أن تزول الظروف الموضوعية التي أنتجتها، والتي تتمثل في هذه الموجة بالعدوان الإيراني. وأي كلام آخر هو بلا قيمة. أما الهجوم على التراث، فهو في غالبيته جزء من الحرب على التدين برمته، وليس على العنف، حتى لو زعم أصحابه ذلك.

  كلمات مفتاحية

العنف الدين الاحتلال الأمريكي الربيع العربي الثورة المضادة الاستبداد الفساد الإرهاب التراث

«ستراتفور»: التطرف الديني الصهيوني والتراث الوحشي للحاخام «كاهانا»

فلسطينيات يتظاهرن بـ«الزي التقليدي» رفضا لسرقة (إسرائيل) تراثهم

التراث وتحيزات الاستشراق

تراث الأمة مستهدف بالحروب والجهل

تنقيح التراث ضرورة لهزيمة التطرف

جيلوجي سعودي قادته الصدفة لشراء أرض جبلية بها مقابر تاريخية

الولايات المتحدة وصناعة العنف

مراجعة التراث .. بيدي لا بيد عمرو!