التناقض.. كيف يثير إبراهيم عيسى الجدل ويحرف في الدين؟

السبت 19 فبراير 2022 06:33 م

يثق بالأزهر كمؤسسة دينية وسطية، لكنه يعاتب عليه ويعلن أهمية تطهيره، ويكتب للسينما عدة سيناريوهات، ثم يسبها ويصفها بـ"العرجاء"، ويسب الحزب الوطني الذي هو عضو فيه.

يشيد بالثورة وكأنه مفجّرها ثم يهاجم الرئيس السابق "حسني مبارك" ويكتب فيه 4 من الكتب، ثم يشهد لصالحه وينفي عنه تهم قتل الثوار، ويزعم أنه أول مَن قدّم شباب 6 أبريل إلى سلطة المجلس العسكري، ثم يسب ويشتم 6 أبريل وكوادرها.

مع الإخوان ويقبل إعلاناتهم في صحفه، ثم يعتبرهم عملاء وخونة، ويدعو للديموقراطية ثم يقول: "تغور الديموقراطية لو هتجيب الإسلاميين للحكم".

يظهر على فضائية "الجزيرة" ويعد برنامجا خاصا ثم يتهمها بـ"العمالة وعدم المهنية"، ويحب الجماهير ومعها ووسطها وفي القلب منها، ثم يقول إن "المجتمع أهبل ومتخلّف".

من المقربين للرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" وأول من أجرى معه لقاء عقب إعلان ترشحه للرئاسة، ثم يهاجمه ويتهمه بالفشل في إدارة البلاد وتحويلها لما هو أسوأ من سوريا والعراق، ويقود "ثورة الدينية" الجديدة لـ"السيسي" ثم يفاجئ بوقف برنامجه ومنعه من الظهور الإعلامي.

هذا هو ملخص سنوات الكاتب المصري المثير للجدل "إبراهيم عيسى"، الذي بات الآن مصدرا للتندر والسخرية مع كل ظهور إعلامي، خاصة عندما يتحدث في الأمور الدينية.

وبعيدا عن الحياة المهنية لـ"عيسى" التي شهدت الكثير من الأزمات على رأسها إقالته من رئاسة تحرير صحيفة "الدستور" ووقف برامجه في عدة فضائيات.

فهو يساري بطبعه، يجلس دائماً في صفوف "المعارضة المترددة"، يساريته ليست "لينينية الهوى"، أو "ماركسية المحتوى"، بقدر ما هي حالة رفض تامة للواقع المعاصر، تحت مسمى "خالف تعرف".

ولعل حديثه عن "مايوه" سيدات الصعيد، ودعمه للحرية الفنية حتى وإن خالفت القيم المجتمعية، وإثارته الفتنة بين جماهير الكرة المصرية، دليل على توجهاته التي دائما ما يريد أن تكون مصدرا لجعله في قلب الأحداث.

إلا أن حديثه عن الدين و"تحريفه" لثوابت في العقيدة الإسلامية، هو أبرز ما يمكن رصده منه خلال الفترة الأخيرة.

ويعرف عن "عيسى" هجومه على "الثوابت الإسلامية"، وكثيرًا ما سخر ممن يعدون رموزًا لدى "المسلمين السنة"، وهو ما يربطه البعض بميله الواضح لصالح المشروع الإيراني و"حزب الله" اللبناني، المتأثر بزعيمه "حسن نصر الله" إلى حد كبير.

ولعل فيلم "الضيف" (2019) الذي كتبه "عيسى"، خير تجسيد لشخصية الكاتب المثير للجدل، حيث تدور قصته حول "مفكر ديني" يتعرض للكثير من المشكلات بسبب أفكاره "العلمانية"، التي يتخللها نوع من ازدراء الأديان والأفكار الدينية الشاذة، كالاعتقاد بعدم فرضية الحجاب، وغيرها من الأمور الأخرى المثيرة للجدل كعادة كتابات "عيسى".

ليس هذا إلا أول ملامح التشابه مع "عيسى"، إذ حول المؤلف الفيلم إلى مناقشات عدة عن الدين كالتي نشاهدها في برامجه أو نقرؤها في مقالاته.

ويأتي فيلم الضيف" بعد آخر كتبه "عيسى" بعنوان "مولانا" (2016) لم يبتعد فيه عن المضمون نفسه وهو النقاشات الدينية ومحاولات فتح موضوعات مسكوت عنها، خاصة أنه اقترن بدعوة عدد من نواب البرلمان المصري والأئمة في وزارة الأوقاف إلى منع عرضه لما يتضمنه من تشويه متعمد لصورة الأئمة.

ورغم الدعوة لأسلوب التفكير المنطقي في فيلم "الضيف"، خرج "عيسى" بفيلم جديد بعنوان "صاحب المقام" (2020)، ليعيد فكرة أولياء الله الصالحين، والشفاعة التي سيطرت قرونا على المصريين، حيث عاد حنين بعض المشاهدين لمثل هذا التدين الزائف.

وبذلك فإن "عيسى" التنويري العلماني المتحضر، الذي يحاكم النص الإسلامي وتاريخ الأمة وتراثها، يقوم بإحياء وتعزيز الخرافة الدينية التي ينسفها الشرع والعقل معًا.

فقد أوغل "عيسى" في التكلم في غير مهنة الصحافة والإعلام، وأتى بالعجائب عندما خاض في أصول الدين وفروعه، وشتى علومه، وجعل من نفسه بوابة للتاريخ الإسلامي.

مع أنه من زمرة الصارخين بعدم التصدّر في الخطاب الديني لغير العلماء الرسميين في الدولة، فلا بأس عنده بهذا التناقض، طالما أنه سينال من خصومه الإسلاميين ويقصيهم من الساحة.

وأمام ذلك، لم يكن مستغربا أن يدعو "عيسى" إلى إلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية، ووقف تدريس النصوص الدينية في المناهج الدراسية، باستثناء مادة الدين، والدعوة إلى إضافة النصوص المسيحية وحتى اليهودية إلى المناهج.

كما أنه من لا يرى في الجهر بالإفطار في رمضان أزمة، ويؤمن بأن السلفيين هم أول من أدخل الذبح في الثقافة المصرية، ويرى بأن الكليات العلمية هي بيئة خصبة للتطرف، ويؤكد أن مهرجان الرياض للترفيه من أهم خطوات محاربة التطرف في المنطقة.

هاجم الخليفتين "عمر بن الخطاب" و"عثمان بن عفان" وصحابة وتابعين آخرين، وخاض في عرض السيدة "زينب" بنت النبي "محمد صلى الله عيله وسلم".

استنكر أن يدخل صيدلية فيجد الطبيب يقرأ القرآن بدلا من قراءة مرجع علمي، على حد قوله.

أساء إلى فريضة الصوم، وقال إنه بحث كثيرًا في حكمة صيام رمضان، ولم يجد له هدفا إلا أنه "قرار سيادي من الله"، زاعما أن العلم أثبت أن الصيام متعب للصحة، وكاشف لفروق اجتماعية وطبقية هائلة".

اعتبر الرسوم الغربية المسيئة لنبي الإسلام "أمورا شكلية لا تستوجب الانفعال".

ادعى أن عذاب القبر "أكذوبة" اخترعها المسلمون للتخويف من الآخرة، على الرغم من ثبوته بالكتاب والسنة والإجماع، بل أمعن في ذلك التدليس عندما تقوّل على الإمام "ابن حزم" مدعيا أنه أنكر عذاب القبر.

استفز مشاعر المسلمين واستهزئ بالآية الكريمة "هَلَكَ عَنِّى سُلْطَٰنِيَهْ"، وجعل يشير إلى رأسه، وهو يقول سلطانية سلطانية (ويعني بها وعاء نصف كروي من الخزف يوضع فيه الطعام)".

كثيرا ما هاجم الإمامين "البخاري" و"ابن تيمية"، واتهمهما بأنهما من نشرا ثقافة القتل والتكفير وتشويه صورة الرسول.

كما طعن "عيسى" في كتاب "صحيح البخاري" الذي يعتبره المسلمون أصح كتاب بعد القرآن الكريم، معتبرًا إياه سبب هزيمة المصريين في مواجهة الحملة الفرنسية.

انتقد الشيخ "محمد متولي الشعراوي"، زاعما أنه "ليس له منتج ثقافي أو فكري ولم يحصل على الدكتوراة أو الماجستير" تؤهله لتقديم محاضرات لناس، كما هاجم مفتي السعودية الشيخ "عبدالعزيز آل الشيخ"، بعد وصف الأخير فيلم "محمد رسول الله" الإيراني بأنه "مجوسي مخالف للشرع ومعاد للإسلام".

وكان آخر ما ذكره "عيسى" وأثار جدلا، زعمه أن حادثة معراج النبي "محمد صلى الله عليه وسلم" إلى السماء "قصة وهمية"، على حد تعبيره، مهاجماً رجال الدين الذين يتحدثون عن المعراج على أنه "حقيقة"، زاعما أن ما يقوله "مذكور في كتب السيرة والحديث والتاريخ".

كما هاجم رجال الدين، وانتقدهم بأنهم يقدمون للناس "نصف الحقيقة"، وقال إن بعضهم "يسردون قصصاً دينيةً غير كاملة"، واعتبر أن الناس ليسوا بحاجة إلى "المشايخ" من أجل أن يعلموهم الدين.

تقول عنه الكاتبة "إحسان الفقيه": "عيسى منذ سنوات وهو يأخذ على عاتقه مهمة خلخلة التراث الإسلامي، والموروث الديني، تحت مظلة التجديد ونشر الفكر المستنير، لكنه فعل كما تقول العرب: (أبعد النجعة وأغرق في النزع)".

وتضيف: "لم يترك حدثا ولا أزمة إلا وربطها بالمنهج الإسلامي وحَمَلَتَه، مُحمِّلا المنهج والسائرين به المسؤولية عن إنتاج تلك الأزمات".

وتتابع "إحسان": "لقد أجبرنا عيسى على أن نتساءل حقًا: من يحارب؟ ومن عدوه؟ ومن يواجه؟ وما قضيته؟.. إن كانت قضيته التصدي للإرهاب، فلماذا يوسع دائرته ليشمل حتى المتبرئين منه؟، ولماذا يصر على خلط الحابل بالنابل، ووصم كل خصومه من حملة المنهج بالإرهاب؟".

وتزيد متسائلة: "لماذا يهاجم التراث الإسلامي ويهاجم الرعيل الأول؟، ولماذا ينتقي الروايات التاريخية الكاذبة، التي أريد بها تشويه الجيل القرآني الفريد، ثم يصدرها للرأي العام بعد الطنطنة حولها، بما لذ وطاب له من الافتراءات وإساءة الأدب؟، ولماذا يلوي أعناق النصوص ويقدم تفسيرها على طبق من الريبة إلى الجمهور، الذي يقع معظمه تحت طائلة الجهل بالدين؟".

وتستطرد الكاتبة بالقول: "الإصلاح المزعوم الذي أخذه عيسى على عاتقه يتضمن العبث في الثوابت وأصول الدين ونزع القداسة عن نصوص الوحيين".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إبراهيم عيسى الثورة الدينية إثارة الجدل تحريف الدين الإسلام السيسي ثورة مصر

رسميا.. وقف برنامج «إبراهيم عيسى» وتلمحيات بتعرضه لضغوط

مصر.. فتح تحقيق في مزاعم إبراهيم عيسى حول المعراج والإفتاء ترد

"ترند الإسراء والمعراج".. النائب العام المصري يحيل إبراهيم عيسى للتحقيق

علاء مبارك يوبخ إبراهيم عيسى بعد تشكيكه في معراج النبي محمد