عندما بدأ تدفق اللاجئين الأوكرانيين على دول أوروبية منذ بدء الغزو الروسي لبلادهم قبل أيام، كان من الطبيعي أن يكون رد الفعل الأوروبي مرحبا، غير أن هذا الترحيب اختلط بنكهة عنصرية نفاذة طالت لاجئي منطقة الشرق الأوسط القادمين من نفس البلد، حيث ظهرت تصريحات أوروبية تقارن بين اللاجئين الأوكران، الذين هم "أذكياء ومتعلمون وماضيهم معروف"، والشرق أوسطيين "أصحاب الماضي غير المعروف وغير المتحضرين والإرهابيين"، والعبارات السابقة التي وضعت بين الأقواس قيلت من قبل مسؤولين وإعلاميين أوروبيين، خلال الساعات الماضية، إما نصا أو ضمنيا.
وفي وقت سابق، هذا الأسبوع، أثار رئيس الوزراء البلغاري "كيريل بيتكوف" جدلا، بعد تصريحات عنصرية، حيث قال عن اللاجئين الأوكران: "هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم... هؤلاء أوروبيون، أذكياء ومتعلمون، ليسوا أشخاصا لم نكن متأكدين من هويتهم، أو لديهم ماض غير واضح، والذين يمكن أن يكونوا حتى إرهابيين".
وأضاف: "بعبارة أخرى، لا توجد دولة أوروبية واحدة الآن تخشى الموجة الحالية من اللاجئين".
واعتبر ناشطون ومراقبون أن هذه التصريحات تمزج بين العنصرية والإسلاموفوبيا.
"إنهم متحضرون وأوروبيون"
— The Lens - العدسة (@TheLensPost) February 28, 2022
تصريحات عنصرية لرئيس وزراء #بلغاريا 🇧🇬 تكشف الجوانب المظلمة لعنصرية الغرب!#اوكرانيا_روسيا#روسيا_اوكرانيا#روسيا_واوكرانيا#الحرب_العالمية_الثالثة #الحرب_الروسية_الاوكرانية pic.twitter.com/k7VJft5yoC
وعلى نفس المنوال العنصري، قال "ديفيد ساكفارليدزي"، وهو سياسي أوكراني خلال مقابلة تلفزيونية: "أعتذر هذا مؤثر للغاية بالنسبة لي لأنني أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يقتلون، الأطفال يقتلون يوميا بصواريخ بوتين وطائرته وقذائفه".
وتابع: "الضحايا أوكرانيون ليسوا عراقيين ولا أفغان"، الأوروبيون بعيون زرقاء وشعر أشقر.
مراسل شبكة "سي بي إس" الأمريكية في لندن، "تشارلي داجاتا"، كان من أبرز الذين أثاروا الغضب كذلك، حينما قال، خلال بث مباشر من كييف: "لا تتوقع أن ترى في أوكرانيا نوع الصراع العسكري الذي ابتُلي به الشرق الأوسط".
وأضاف: "هذا ليس مكانا -مع كل الاحترام الواجب- مثل العراق أو أفغانستان، حيث يدور صراع محتدم منذ عقود.. كما تعلمون هذه مدينة متحضرة نسبيا، حيث يعد حدوث ذلك أمرا مستبعدا".
“Civilized”
— Imraan Siddiqi (@imraansiddiqi) February 26, 2022
pic.twitter.com/AiU7uVmjMr
حديث مراسل الشبكة الأمريكية حقق أكثر من 1.5 مليون مشاهدة في "تويتر"، وترافق مع ردود فعل غاضبة من نشطاء اعتبروا هذه التصريحات تعبر عن "عنصرية مقيتة ومخزية" تجاه الشرق وكل ما هو غير أوروبي، مؤكدين أن بلاد ما بين النهرين القديمة -العراق حاليا- هي مهد الحضارات الإنسانية، ويجب على المراسل دراسة التاريخ جيدا من جديد.
ما سبق، أجبر "داجاتا" على تقديم اعتذارا قال فيه: "أعرب عن أسفي على الطريقة التي تحدثت بها، ولهذا أنا آسف"، مبيناً أنه "كان يحاول إيصال فكرة أن أوكرانيا لم تشهد هذا الحجم من الحرب في السنوات الأخيرة، على عكس الدول الأخرى".
The reporter issued an apology - so hopefully this serves as a reminder to war correspondents to not fall into the historical tropes that corporate media have perpetuated for generations.https://t.co/JXjs52mX6Q pic.twitter.com/T6ZmzVox6K
— Imraan Siddiqi (@imraansiddiqi) February 27, 2022
وفي موقف آخر، اضطرت شبكة "الجزيرة" القطرية للاعتذار، بعد تصريحات عنصرية من مراسل قناتها الإنجليزية حول اللاجئين من الشرق الأوسط، بمقارنتهم بالنازحين الأوكران.
وأجرى المذيع مقارنات غير عادلة بين الأوكران الفارين من الحرب واللاجئين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالقول: "ما يلفت النظر إليهم، كيف يرتدون ملابسهم. هؤلاء أناس حضاريون من الطبقة الوسطى".
وأضاف: "هؤلاء ليسوا من الواضح لاجئين يحاولون الهروب من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. إنهم مثل أي عائلة أوروبية تعيش بجوارها".
وجاء في بيان اعتذار الشبكة: "كانت تعليقات المذيع غير حساسة وغير مسؤولة. نعتذر لجمهورنا في جميع أنحاء العالم، ويتم التعامل مع هذا الخرق بشكل احترافي".
3. Al-Jazeera
— Alan MacLeod (@AlanRMacLeod) February 27, 2022
"What's compelling is looking at them, the way they are dressed. These are prosperous, middle-class people. These are not obviously refugees trying to get away from the Middle East...or North Africa. They look like any European family that you'd live next door to." pic.twitter.com/LnopOTaDrA
An @AJEnglish presenter made unfair comparisons between Ukrainians fleeing the war and refugees from the MENA region. The presenter’s comments were insensitive and irresponsible. We apologize to our audiences worldwide and the breach of professionalism is being dealt with.
— Al Jazeera PR (@AlJazeera) February 27, 2022