استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العالم أمام تحول كبير

الثلاثاء 1 مارس 2022 03:02 م

العالم أمام تحول كبير

الحرب الروسية الأوكرانية هي لحظة تاريخية فاصلة ومهمة على مستوى العالم، إذ إنها إيذانٌ بميلاد نظام دولي جديد.

يشهد العالم تحولاً مهماً وكبيراً فالامبراطورية الأمريكية لم تعد اللاعب الوحيد على الساحة الدولية، ولا هي المتحكم الأوحد بالعالم.

الغزو الروسي لأوكرانيا وجرأة بوتين على خوض حرب بهذا الحجم، مع حليف للغرب مؤشر جديد على تحول مهم يشهده العالم.

مواقف مترددة لدول عربية، إذ رغم أنها حليفة للأمريكيين إلا أنها تخشى من إغضاب روسيا والمعسكر الشرقي المساند لها.

انكفاء أمريكا وتراجعها دوليا والاجتياح الروسي لأراضي أوكرانيا ليس سوى أحد إفرازات الانكفاء الأمريكي والفشل الكبير على الساحة الدولية.

لا يتوقع انهيار أمريكا بل تراجع هيمنتها الدولية وظهور أقطاب أخرى تلعب على الساحة الدولية وتتقاسم المنافع وتتصارع على المصالح مع الأمريكيين.

* * *

الغزو الروسي لأوكرانيا وجرأة بوتين على خوض حرب بهذا الحجم، مع حليف للغرب، ليس سوى مؤشر جديد على التحول المهم الذي يشهده العالم، والذي يتمثل في انكفاء الولايات المتحدة وتراجعها على المستوى الدولي، والاجتياح الروسي الذي نشاهده للأراضي الأوكرانية، ليس سوى أحد إفرازات هذا الانكفاء الأمريكي والفشل الكبير على الساحة الدولية.

يشهد العالم اليوم تحولاً مهماً وكبيراً، إذ أن الامبراطورية الأمريكية لم تعد اللاعب الوحيد على الساحة الدولية، ولا هي المتحكم الأوحد بالعالم.

فيما بدأت القوى الكبرى المنافسة وذات الأطماع تدرك ذلك وتحل مكان الولايات المتحدة، حيثما تقهقرت وتراجعت، وبطبيعة الحال فهذا ليس معناه توقع انهيار واشنطن، وإنما تراجع هيمنتها الدولية، وظهور أقطاب أخرى تلعب على الساحة الدولية، وتتقاسم المنافع وتتصارع على المصالح مع الأمريكيين.

ما يحدث في العالم هو أن الولايات المتحدة في حالة انكفاء وتراجع، منذ أكثر من عشر سنوات، وثمة العديد من الأدلة والأحداث والتجليات التي تؤكد أن الأمريكيين لم يعودوا اللاعب الأوحد والأكبر في العالم كما كانوا في أعقاب انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، وأن تأثيرهم في الساحة الدولية يتراجع، والكثير من مشاريعهم الخارجية تواجه الفشل.

غادر الأمريكيون العراق في عام 2011 بعد أن فشل مشروعهم هناك، وتكبدوا خسائر كبيرة، إذ دخلوا العراق في عام 2003 والمديونية العامة للولايات المتحدة عند نحو 5.1 تريليونات دولار، بينما خرجوا من هناك وقد تجاوز هذا الرقم 17 تريليوناً.

لكن الأهم من ذلك أن مشروعهم السياسي فشل وسرعان ما أصبح العراق ملعباً لإيران، التي طالما كانت خصماً للأمريكيين في هذه المنطقة.

وفي صيف عام 2021 انسحب الأمريكيون بشكل مفاجئ من أفغانستان، وتركوا وراءهم فشلاً غير مسبوق، عندما احتاجت حركة طالبان لعدة أيام، وربما لعدة ساعات فقط، حتى تعود الى حُكم البلاد والعباد، وانتهى المشروع الأمريكي الى الفشل بعد مغامرة استمرت عشرين عاماً.

وبين تجربتين فاشلتين في العراق وأفغانستان، غاب الدور الأمريكي عن الكثير من أزمات العالم والمنطقة العربية، ففي سوريا تدخلت موسكو وغابت واشنطن، وكذا الحال في ليبيا وأماكن أخرى، إذ سارعت روسيا وتركيا وإيران لملء الفراغات، التي خلفها الغياب الأمريكي، واللعب في الأزمات التي نشأت في ظل الانكفاء الأمريكي على الساحة الدولية.

الحرب الروسية في أوكرانيا هي أحد إفرازات الانكفاء الأمريكي الذي أغرى روسيا بأن تبدأ التوسع، وأن تلعب دوراً أكبر على الساحة الدولية، وهذا يعني بالضرورة أن عصر "القطب الأوحد" يتجه إلى الانتهاء، وأن العالم يتجه إلى أن يُصبح "متعدد الأقطاب" ولو بصورة أقل حدة مما كان عليه الحال خلال فترة الحرب الباردة، وخلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، عندما كان الاتحاد السوفييتي لاعباً مهماً على الساحة الدولية.

ستنتهي الحرب الروسية على أوكرانيا عاجلاً أم آجلاً، وقد يفشل بوتين في تحقيق أهدافه، لكن ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها، ولو نجح بوتين فهذا يعني أنه انتزع حليفاً مهماً من حلفاء الغرب، وتوسع على حساب الولايات المتحدة ومصالحها.

أما إذا فشل فسوف يكون قد بعث برسالة مهمة إلى الأمريكيين مفادها أن روسيا على استعداد لدخول الحرب وخوض المغامرات العسكرية، وأن من حاول التوسع هذه المرة سيحاول مرات أخرى مقبلة، ما يعني في نهاية المطاف أن العالم على أبواب “حرب باردة” جديدة قد تستمر لسنوات وربما لعقود.

والخلاصة هي أن الحرب الروسية الأوكرانية هي لحظة تاريخية فاصلة ومهمة على مستوى العالم، إذ إنها إيذانٌ بميلاد نظام دولي جديد، وهذا النظام أصبح فيه لاعبون جدد ولم تعد واشنطن وحدها المتحكم به، وهذا ربما ما يُفسر المواقف المترددة لبعض الدول العربية، إذ رغم أنها حليفة للأمريكيين إلا أنها تخشى من إغضاب روسيا والمعسكر الشرقي المساند لها.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأقطاب، أوكرانيا، بوتين، روسيا، التحول، العالم، الغزو الروسي، الحرب الروسية الأوكرانية، الانكفاء الأمريكي، القطب الأوحد،