استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل أردوغان مطبع؟

الأربعاء 16 مارس 2022 06:11 ص

هل أردوغان مطبع؟

عودة العلاقات الدافئة بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يصب في مصلحة الفلسطينيين، ولا يخدم قضيتهم.

الحالة التركية تختلف تماماً عن نماذج التطبيع العربية، ولا يمكن مطلقاً المساواة بين لقاء أردوغان وهيرتسوغ بلقاءات التطبيع العربية مع الاحتلال!

التعامل مع كل الحالات على قدم المساواة، دون تفريق يعني التلبيس على الناس، والتمويه على مفهوم التطبيع الذي ينبغي للعرب أن يرفضوه جملة وتفصيلاً.

لا يمكن لأي مؤيد لقضية فلسطين تبرير إقامة علاقات بإسرائيل لأنها تصب لصالح الاحتلال وليس ضده وهذا ينسحب على تركيا والدول العربية، وهي قاعدة لا خلاف عليها.

* * *

لا خلاف على أن عودة العلاقات الدافئة بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يصب في مصلحة الفلسطينيين، ولا يخدم قضيتهم، وأن استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس الإسرائيلي، لا يُمكن أن يحظى بالرضا والتأييد، لا داخل تركيا ولا على المستوى العربي، خاصة في أوساط أولئك الذين كانوا ينظرون لأردوغان على أنه قائد الأمة، وأمل المستقبل وصاحب المشروع الطموح.

ولا شك في أن أي مؤيد للقضية الفلسطينية أو حريص عليها لا يُمكن أن يُبرر إقامة علاقات مع إسرائيل، بسبب أن أية علاقات دبلوماسية ودولية مع تل أبيب ستصب بالضرورة في صالح الاحتلال وليس ضده، وهذا ينسحب على تركيا والدول العربية، وهي قاعدة لا خلاف عليها.

لكن الإشارة المهمة التي ينبغي التنبه لها هي، أن الحالة التركية تختلف تماماً عن نماذج التطبيع العربية، ولا يمكن مطلقاً المساواة بين لقاء أردوغان وهيرتسوغ بلقاءات التطبيع العربية مع الاحتلال، إذ ثمة اختلافات جوهرية مهمة، كما أن التعامل مع هذه الحالات على قدم المساواة، ومن دون تفريق يعني بالضرورة التلبيس على الناس، والتمويه على مفهوم التطبيع الذي ينبغي للعرب أن يرفضوه جملة وتفصيلاً، وأن يكون واضحاً في أذهانهم.

في الحالة التركية يجب التنبه الى أن أنقرة تعترف بإسرائيل وتقيم علاقات رسمية ودبلوماسية معها منذ عام 1949، كما أن الرئيس أردوغان وصل إلى الحُكم قبل سنوات طويلة وبلاده تقيم علاقات مع الاحتلال.

ومن ثم توترت وبردت هذه العلاقات في أعقاب العدوان الاسرائيلي على سفينة «مافي مرمرة» التركية في عام 2010، عندما اغتالت القوات الإسرائيلية عدداً من الناشطين الأتراك، المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، الذين كانوا حينها في طريقهم بحراً إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليه.

ما نقصده هو أن تركيا تقيم أصلاً علاقات مع دولة الاحتلال منذ ما قبل وصول أردوغان إلى السلطة، وحتى عندما توترت العلاقات مع تل أبيب في السنوات الـ12 الماضية، كان السبب هو الهجوم الذي استهدف مواطنين أتراكا، أي كان ظرفاً داخلياً وسبباً محلياً.

وهذا يعني أن زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة (وهي مرفوضة ومدانة في كل الأحوال) لا تندرج في إطار التطبيع، ولا تتساوى مع أعمال التطبيع المعيبة والمشينة التي تقوم بها بعض الأنظمة العربية حالياً، لأن الزيارة الجديدة لم تفتح باباً جديداً كان مقفلاً أمام دولة الاحتلال.

وبالتالي فالعلاقات أصلاً بين أنقرة وتل أبيب «كانت طبيعية» وليست «تطبيعاً حديثاً طارئاً». ثمة ملاحظة ثانية مهمة، وهي أن تركيا ليست دولة عربية، ولا عضواً في الجامعة العربية، وعليه فليس مطلوباً منها الالتزام بقرارات مقاطعة إسرائيل ولا تخضع لرقابة «مكتب المقاطعة العربية».

أما الدول العربية المطبعة فهي ترتد عن التزاماتها، وتنتهك قوانين وقرارات المقاطعة التي تلتزم بها الدول العربية، وتنتهك أيضاً «المبادرة العربية» التي تشترط التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين قبل التطبيع.

ما يعني أن أي دولة عربية تقيم علاقات مع الاحتلال، فهي بالضرورة تتخلى عن قضية فلسطين التي هي قضية العرب المركزية والأولى، وهي بالضرورة تنحاز للاحتلال وترمي في أحضان من يشكلون تهديداً للأمن القومي العربي، بينما هذا كله لا يُمكن أن ينسحب على أية دولة غير عربية.

الخطورة في مساواة الفعل الذي قام به أردوغان بأعمال التطبيع التي يقوم بها بعض الحكام العرب الآخرون، هو أن الأمر يتحول تدريجياً إلى تبرير للتطبيع، وذلك عبر التلبيس على الناس بأن ما فعله أردوغان هو نفس ما فعله غيره، ليصلوا إلى نتيجة مضللة مفادها أنه حتى المتعاطف مع فلسطين هو أيضاً مطبع، وأنه لا بد من إقامة مثل هذه العلاقات، وأن لا أحد يستطيع الصمود، من دون أن يكون مطبعاً مع الاحتلال..

لذلك وجدنا أن الذين انتقدوا استقبال أردوغان لهيرتسوغ هم أنفسهم المروجون التقليديون للتطبيع، والسبب هو أنهم كالمومس التي تود إقناعك بأن كل نساء المدينة مومسات مثلها ويتساوين معها في الرذيلة!

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تركيا، أردوغان، التطبيع، إسرائيل، الجامعة العربية، الدول العربية، فلسطين، الأمن القومي العربي، مقاطعة إسرائيل، الاحتلال، العرب،