معهد واشنطن: تركيا والإمارات تتحولان من نقمة إلى نعمة في ليبيا

الخميس 17 مارس 2022 03:45 م

رأي "بن فيشمان" الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أن التدخل الإماراتي والتركي فى ليبيا الذي طالما كان ينظر إليها باعتباره نقمة للدولة التي تقع فى شمال أفريقيا، قد يتحول إلى نعمة مع تحسن العلاقات مؤخرا بين أنقرة وأبوظبي.

وتشهد ليبيا في الوقت الراهن حالة الانقسام السياسي على خلفية تنصيب مجلس النواب "فتحي باشاغا" رئيسا لحكومة جديدة بدلا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة "عبدالحميد الدبيبة" الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب.  

ووفق تقرير نشره "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، للباحث، فإن الانقسام السياسي الحالي الذي تسبب في تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة  في ديسمبر/ كانون الأول 2021 إلى أجل غير معلوم، ووجود رئيسين للحكومة يهدد بإثارة جولة أخرى من العنف في البلاد التي تشهد صراعا محتدما على السلطة منذ 11 عاما.

لكن بالرغم من ذلك هناك بعض النقاط المضيئة التي تدعو إلى الأمل. حيث يمكن لجهد متجدد من قبل المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا "ستيفاني وليامز"، وضع جدول زمني جديد للانتخابات، إذا تم دعمها بشكل مناسب من قبل غالبية الدول التي لديها مصالح في ليبيا.

وأضاف أن التحسن الأخير في العلاقات بين الإمارات وتركيا، اللتين دعمتا طرفي الحرب الأهلية الليبية الأخير 2019-2020 بين الشرق والغرب، هو أيضًا تحول كبير في الديناميكيات الإقليمية التي تؤثر على استقرار ليبيا.

ورأي أنه بالتزامن مع هذا الإجماع الإقليمي المتجدد، قد يصبح من الممكن لليبيين أنفسهم صياغة إجماع على انتخابات جديدة بناءً على أساس دستوري متفق عليه - وهي إحدى القضايا الرئيسية التي حالت دون إجراء انتخابات في عام 2021.

والجمعة قبل الماضي، أعلنت "وليامز" عبر سلسلة تغريدات في "تويتر" عن مبادرة تنص على "تشكيل لجنة مشتركة مكونة من 6 ممثلين عن كل من مجلسي النواب والدولة تجتمع في 15 مارس/آذار الجاري ولمدة أسبوعين تحت رعاية أممية لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات.

وكان من المقرر أن تجتمع اللجنة المشتركة المكونة من مجلسي النواب والدولة الثلاثاء لمباشرة أعمالها وفق التاريخ الذي نصت عليه مبادرة "وليامز"، إلا أن مجلس النواب لم يسم بعد ممثليه في اللجنة كما أنه لم يعلن بشكل رسمي موقفه من المبادرة باستثناء بيان صدر قبل أسبوع عن 93 عضوا به أعلنوا فيه رفضهم لها.

والإثنين الماضي، أعلن مجلس الدولة عن تسمية 12 عضوا لتمثيله في اللجنة المشتركة وذلك بعد ترحيبه بالمبادرة في يوم إعلانها.

والأربعاء طالبت "وليامز"  عبر "تويتر" مجلس النواب "برد سريع وإيجابي" على مقترحها، وذلك غداة لقائها مجموعة من أعضاء مجلس النواب الليبي في تونس.

وذكر الباحث أنه لحسن الحظ، لم يتسبب الانقسام السياسي الحالي فى تجدد العنف، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عودة "ويليامز" إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعد استقالة "جان كوبيس" فجأة في ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وأشار إلى أن "ويليامز" قامت برحلات مكوكية بين الأحزاب الرئيسية للتوصل إلى إجماع محدود لتجنب العنف وشجعت على استئناف المفاوضات حول جدول زمني انتخابي جديد.

ولفت الباحث إلى أن الواضح هو أن ثقة الليبيين أقل بشكل متزايد في قادتهم، وأن الهيئتين البرلمانيين اللتين نشأتا كجزء من الاتفاقية السياسية الليبية لعام 2015 مددت لفترة طويلة الجداول الزمنية المتوقعة.

ومع ذلك ، فإن المفارقة هي أن هذه المؤسسات وقادتها مكلفون باستبدال أنفسهم، وهو ما يجعلهم بدون حافز كبير للقيام بذلك ما لم يضمنوا فرصة معقولة في صناديق الاقتراع.

وذكر الباحث أن أفضل مسار للمضي قدمًا الآن هو التوسط في جدول زمني لحل وسط بأن تجرى الانتخابات في فترة بين أربعة إلى أربعة عشر شهرًا، ودون إجراء استفتاء على دستور كامل، لأن ذلك من شأنه أن يهدد بتأخير الجدول الزمني إلى أجل غير مسمى.

وعقب: "وهنا، يمكن تحقيق وساطة فعالة من خلال ذوبان الجليد الأخير في العلاقات بين أنقرة وأبوظبي، اللتين كانتا على طرفي نقيض خلال 2019-2020 ، ولكن يمكن أن تساعد الآن في تأمين عملية الانتقال السياسي في ليبيا.

وأشار إلى أن دفء العلاقات بين تركيا والإمارات، وزيارات ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" في نوفمبر/تشرين الثاني إلى أنقرة، والتي تبعها زيارة من قبل الرئيس "رجب طيب أردوغان" في فبراير/شباط إلى أبوظبي، لا تمثل فرصة للتوسع في اتفاقياتهما الاقتصادية والتجارية والدفاعية للمساعدة ولكن أيضا تسهيل عملية سلام أكثر ديمومة في ليبيا.

كما أنه سيمثل تحولًا ملحوظًا في الأحداث منذ عامين عندما كانوا يدعمون أطرافًا متعارضة في ليبيا.

ولفت إلى أن المصالح المشتركة وتأثير الإمارات وتركيا على الجهات الليبية الفاعلة داخل ليبيا وخارجها، يمكن أن تجعلهما أنقرة وأبوظبي رُسُلًا لصنع السلام إذا عملوا مع الأمم المتحدة لدعم وساطة على خارطة طريق انتقالية متفق عليها.

ووفق الباحث، يمكن أن تبدأ تركيا والإمارات بالوفاء بمطلب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وإخراج القوات التابعة لهما والقوات المرتبطة بهما من الأراضي الليبية، وفي خطوة لاحقة يمكن لأنقرة وأبوظبي الضغط أيضًا على موسكو لتحذو حذوهما لإخراج المرتزقة الروس من ليبيا. 

وخلص "بن فيشمان" إلى أنه بتلك الخطوات، من الممكن أن يتحول التدخل السابق في ليبيا، من قبل الإمارات وتركيا من نقمة إلى نعمة ويعمل على تسهيل عملية اختراق سياسي تشتد الحاجة إليها لحل الأزمة الراهنة في ليبيا.

 

المصدر | معهد واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزمة الليبية رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة فتحي باشاغا

للمرة الثانية في 3 شهور.. وزير خارجية تركيا يزور الإمارات

نمو الصادرات التركية إلى الإمارات 52.4% في فبراير

وزير إماراتي: لا وجود للمسلّمات عند التعامل مع المستقبل.. والدليل حرب أوكرانيا

ما تداعيات التقارب بين تركيا والإمارات على ليبيا والقرن الأفريقي؟

إعادة تموضع.. حسابات معقدة دفعت الإمارات لتغيير سياستها تجاه ليبيا