دروس الأزمة الخليجية.. هذا ما لم يتعلمه بوتين من حصار قطر

الأحد 20 مارس 2022 09:19 ص

ربما تشكل أزمة أوكرانيا نقطة تحول تاريخية أكثر تأثيرًا من سقوط جدار برلين عام 1989 كما قال وزير خارجية سنغافورة "فيفيان بالاكريشنان" الذي انضمت بلاده إلى الدول الغربية في معاقبة روسيا، وهي أول دولة في جنوب شرق آسيا تفعل ذلك في غياب قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وبينما حفز جدار برلين نهاية أيديولوجية الشيوعية أكثر من النظام السياسي الذي يدعمها، تبدو أزمة أوكرانيا قادرة على إخراج روسيا من السباق على القوة في النظام العالمي الذي يجري تشكيله.

تهديد القانون الدولي 

بالرغم أن الأزمة الأوكرانية تبدو بين الديمقراطية والاستبداد كما أن الغالبية العظمى من الدول التي اتخذت إجراءات ضد روسيا تصادف أنها دول ديمقراطية، فإن التهديد الحقيقي يتعلق بمستقبل الالتزام بالقانون الدولي.

يتجلى ذلك في تذبذب دول مثل الصين والهند والإمارات التي حاولت الوقوف على أرض وسط دون القيام بدور حقيقي لحل الأزمة كما فعلت إسرائيل وتركيا اللتان حاولتا التوسط لإنهاء الحرب.

وكافحت الصين للتمسك بمبدئها القديم المتمثل في رفض التدخل في شؤون الآخرين خاصة مع شراكتها الوثيقة مع روسيا والتي تعززت خلال زيارة الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى بكين في أوائل فبراير/شباط الماضي.

فيما قال ولي العهد الإماراتي "محمد بن زايد" لـ"بوتين" في مكالمة هاتفية في الأول من مارس/آذار، إن "لروسيا الحق في الدفاع عن أمنها القومي"، في إشارة لغزو روسيا لأوكرانيا، ويأتي هذا في سياق التدخل الإماراتي في العديد من البلدان، بما في ذلك ليبيا واليمن.

تشابه أزمة الخليج وأوكرانيا

وبخلاف الحرب والدمار والخسائر الفادحة في الأرواح، فإن أوكرانيا تشترك في نواح كثيرة مع أزمة الخليج التي قادت خلالها الإمارات والسعودية مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية ضد قطر. ومثل الغزو الروسي، كانت المقاطعة مصممة لسحق سيادة دولة مجاورة.

ويشكل الغزو الروسي المرة الثالثة التي تسعى فيها دول استبدادية إلى تجاهل القانون الدولي وفرض إرادتها بوحشية على أحد الجيران خلال هذا العقد بعد أزمة الخليج 2017-2021 وضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014.

ولهذا، فإن تشبيه "بالاكريشنان" للغزو بجدار برلين دقيق للغاية، كما يشير إلى أن عدم التحرك الفوري لوقف انتهاكات القانون الدولي يفتح الباب أمام تجاوزات أفظع من أي وقت مضى.

وتتجلى أوجه التشابه بين أزمتي الخليج وأوكرانيا بشكل أكثر وضوحًا في المطالب المطروحة في كلا الحالتين. ومثل الإمارات والسعودية، وضعت روسيا مطالب متطرفة على الطاولة من شأنها أن تُخضع أوكرانيا لسياساتها الخارجية والدفاعية والداخلية وتُخضع محلف "الناتو" لإرادتها.

في ذلك الوقت، طالبت الإمارات والسعودية قطر بقطع علاقاتها مع الإسلاميين وإغلاق شبكة "الجزيرة" وطرد القوات التركية وقطع العلاقات مع إيران.

وبالمثل، تطالب روسيا الناتو بطرد الدول الأعضاء على حدود روسيا، كما تطالب أوكرانيا بالاستسلام للغزو وتغيير دستورها لضمان عدم الانضمام مستقبلا إلى الاتحاد الأوروبي أو الناتو، والاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم والجمهوريات الانفصالية التي تدعمها روسيا (دونيتسك ولوهانسك).

وأدى صمود قطر وقدرتها على التكيف مع تداعيات الأزمة إلى دفع دول الحصار في نهاية المطاف للتخلي عن مطالبها ورفع الحصار في يناير/كانون الثاني 2021.

وفيما يبدو أنه مناورة مماثلة لتأكيد الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" بأن بلاده لن تنضم إلى الناتو الذي امتنع عن فرض منطقة حظر طيران، قدمت قطر في ذلك الوقت تنازلات كانت أقل بكثير من المطالب الإماراتية السعودية دون أن تغير سياساتها بشكل جذري.

وطُلب من الإسلاميين -بمن فيهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمون- الانتقال إلى إسطنبول ولندن بينما خففت "الجزيرة" من حدة تغطيتها للإمارات والسعودية. ويمكن ملاحظة ذلك هذا الأسبوع في تغطية إعدام 81 شخصاً في المملكة.

وضع "بوتين" أعقد

ربما يكون فشل حصار قطر أظهر حدود قوة الإمارات والسعودية، لكن عدم ادعاء الدوحة أنها حققت انتصارا لم يهدد بقاء قادة الرياض وأبوظبي. في المقابل، فإن إيجاد حل يحفظ ماء الوجه لـ"بوتين" في أزمة أوكرانيا ولا يعرض موقفه للخطر في نهاية المطاف قد يكون أكثر تعقيدًا.

وكان المجتمع الدولي وقطر على استعداد للتسامح مع "بن زايد" و"بن سلمان"، لكن من غير المرجح أن يتم منح تلك الرفاهية لـ"بوتين".

المصدر | جيمس م. دورسي/ أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا لغزو الروسي الأزمة الأوكرانية حصار قطر أزمة الخليج قطر السعودية حرب أوكرانيا بوتين أوكرانيا بوتين أوكرانيا

غزو أوكرانيا يُسرع "الانجراف الجيوسياسي" في مصالح أمريكا وحلفائها الخليجيين

مباحثات قطرية مع الحجرف لتعزيز التعاون الخليجي

تنذر بصراعات جديدة.. المصالحة الخليجية تخفي توترات متصاعدة