فرانس برس: السودان يواجه مجدداً عزلة اقتصادية بعد انقلاب العسكر

الأحد 20 مارس 2022 11:34 م

بعد حظر دام 25 عاماً، بدأ السودان بالكاد يتعافى اقتصادياً عقب اطاحة "عمر البشير" من السلطة في 2019، لكن انقلاب أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسبب في عزلة اقتصادية جديدة لواحد من أفقر بلدان العالم، حسب خبراء.

ولم يعد "بابكر محمد" المدرس الذي يعيل أسرة من 6 أفراد، يعرف كيف يوفر قوت أسرته بدخله الشهري، الذي لا يزيد عن 50 دولاراً ولم يعد يكفي لسد الاحتياجات الأساسية.

ويقول "محمد": "قبل الانقلاب بسبب وجود الخبز المدعوم كنت اشتري عشرين رغيفاً من الخبز بـ100 جنيه، والآن اختفى الخبز المدعوم، وصار سعر الرغيف الواحد 50 جنيهاً، أي أنه تضاعف 7 مرات، وحدث الشئ نفسه لخدمات الكهرباء والمياه".

ويضيف: "اليوم أنفق 27 الف جنيه، أي 90% من راتبي، لشراء الخبز، ولست واثقا من أنني سأتمكن من سداد نفقات المدرسة لأطفالي".

وانضم "محمد" إلى مئات المعلمين والعاملين في السكك الحديدية والموظفين إلى التظاهرات التي انطلقت احتجاجاً على هيمنة العسكريين على السلطة، لكنها اليوم باتت كذلك تعبر عن الاحتجاج على "غلاء المعيشة".

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، يغلق المتظاهرون طريقاً تجارياً مهماً يربط السودان بمصر ويحتجون بصفة خاصة على زيادة أسعار الكهرباء بنسبة 600% على الأسر.

وخفضت الحكومة السودانية تدريجياً الدعم على سعر الوقود الذي بلغ سعره 672 جنيهاً للتر، بينما كان سعره 320 جنيهاً قبل الانقلاب.

وفقدت الدولة مؤخرا 40% من إيراداتها، فبعد الانقلاب الذي قام به قائد الجيش "عبدالفتاح البرهان"، في 25 أكتوبر/تشرين الأول، جمدت مؤسسات التمويل الغربية الأموال التي كانت ستدفعها للحكومة الانتقالية، دعما لتحول البلاد إلى حكم مدني ديموقراطي بعد 3 عقود من الدكتاتورية في عهد "البشير".

وجمد كل من "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي"، ملياري دولار من المساعدات، كانا بصدد تقديمها للسودان.

كما جمدت الولايات المتحدة 700 مليون دولار، إضافة إلى شحنة قمح تبلغ 400 ألف طن كانت ستقدمهما خلال 2022.

وقال "جبريل إبراهيم" وزير المالية والاقتصاد، الشهر الماضي، إن "الميزانية أصبحت تعتمد على الموارد الداخلية بعد أتم تجميد المنحة والقروض".

وكشف تقرير لبنك السودان المركزي، أن صادرات السودان تراجعت في يناير/كانون الثاني، إلى 43.5 مليون دولار، مقارنة بـ293 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول.

وأكدت المحللة الاقتصادية "سميه سيد"، أنه بعد 25 أكتوبر/ تشرين الأول "عاد الحظر" الذي فرضته واشنطن على الخرطوم في 1993 بتهمة "دعم الإرهاب".

ووصف "محمد الناير"، أستاذ الاقتصاد في جامعات السودان، تجميد المنح والقروض الدولية بأنه "صدمة شبيهة بتلك التي حدثت عقب انفصال جنوب السودان"، عندما خسرت الخرطوم 85% من صادراتها البالغة 7.5 مليارات دولار، وانخفضت العملة المحلية، وارتفع التضخم إلى 45%، وهي نسبة أصبحت حلما بعد 10 سنوات، عندما بلغت الشهر الماضي 258%.

وفي محاولة لتحسين الوضع، أعلن البنك المركزي الإثنين الماضي، تحرير سعر صرف الجنيه السوداني، الذي بات سعره 600 جنيهاً للدولار الواحد.

ورأت "سمية سيد"، أن قرار تحرير سعر الصرف "قرار صحيح لكن في التوقيت الخطأ"، موضحة أنه "بعد تشكيل حكومة الثورة وحصول السودان على معونات وحدوث استقرار اقتصادي نوعا ما، كان يمكن ويجب اتخاذ مثل هذا القرار".

وتابعت أن تحرير سعر صرف العملة المحلية سيكون له "أثر تضخمي ينبغي أن يعالج بتحفيز الإنتاج، وهو ما لاتفعله الحكومة بل اتخذت قرارات بزيادة الضرائب والرسوم على المنتجات خاصة الزراعية إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء وأثرها على القطاعات المنتجة".

وأشار صاحب مصنع للمواد الغذائية في الخرطوم بحري (في شمال العاصمة)، طالباً عدم ذكر اسمه، إلى أنه "أوقف العمل في مصنعه وسرّح العاملين وعددهم 300 أغلبهم من النساء اللواتي كن العائلات لأسرهن"، في بلد يعتمد واحد من كل ثلاثة من سكانه على المساعدات الإنسانية.

وأوضح أنه "مع ارتفاع أسعار ُمدخلات الإنتاج (المواد الأولية) وقيمة الكهرباء لم أعد قادر على الاستمرار".

من جهته، قال "الناير"، إن "الميزانية الحالية تعتمد على الضرائب بنسبة 58%، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحالة من الركود في الاقتصاد ولن تحقق هدفها بخفض معدل التضخم إلى 202%، بل يتوقع أن يصل إلى 500%".

وليس لدى السودان الغني بمناجم الذهب، احتياطات كافية من العملات الأجنبية أو الذهب. وأعلنت الحكومة تشكيل لجنة للطوارئ الاقتصادية برئاسة "محمد حمدان دقلو" (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة.

وقال "حميدتي"، في حديث بثه تلفزيون السودان: "لدينا احتياطي من النقد الأجنبي والذهب في بنك السودان"، لكنه لم يعط أي ارقام.

أما المصارف التي كان يفترض أن تعود إلى النظام الدولي بعد رفع العقوبات الأمريكية في نهاية 2020، فلم يعد لديها منذ الانقلاب "أي صلة بالبنوك الأوروبية أو الأمريكية"، كما قال مدير أحدها.

وحذر ممثل الأمم المتحدة في السودان "فولكر بيرزيس"، من أن البنك الدولي أمهل السودانيين حتى يونيو/حزيران، ليصلوا إلى حل للأزمة السياسية كي يستكمل خطة إعفاء السودان من ديونه، وإلا سيوقف سياسة الأيدي الممدودة.

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

السودان أزمة اقتصادية العسكر البرهان حميدتي

بلغ 359%.. التضخم في السودان يتضاعف خلال 2021‏

الجارديان: الاتفاق السياسي في السودان لا يحل الأزمة

بعد مظاهرات ليلية.. دعوات سودانية للخروج في مليونية جديدة الإثنين

السودان.. عقوبات أمريكية على قوات شرطية وارتفاع قتلى الاحتجاجات لـ89

السودان.. ميثاق لقوى الثورة يطالب بمجلس رئاسي جديد وحكومة كفاءات

للمرة الأولى.. إضراب تجاري واسع في السودان رفضا للضرائب

لماذا هاجر معظم الجن من السودان.. رئيس الجمعية الروحية يجيب