احتفى مقربون من ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، بتصريحات سابقة أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "جيمس بيكر"، أكد فيها أن السعودية حليف جيد للولايات المتحدة، مشددا على أهمية استقرار المملكة.
وقال "بيكر"، في مقابلة أجراها مع قناة CBS عام 2015: "حسنًا، المملكة العربية السعودية - ملك السعودية هو خادم الحرمين الشريفين. إنهم يحتلون دورًا خاصًا في الإسلام".
وأضاف: "تصادف أن تكون المملكة العربية السعودية اليوم جزيرة استقرار. إذا نظرتم إلى ذلك الجزء من العالم، فإن الدول على كل جانب منها هي دول فاشلة الآن، العراق، سوريا، اليمن. البحرين لديها مشاكل. انظر إلى ليبيا. ما فعلناه في ليبيا كان خطأ فادحا.. نحتاج إلى السعوديين".
وتابع: "لقد كانوا (السعوديون) تاريخياً حليفاً جيداً للولايات المتحدة. هل هناك أشياء لا نتفق معها؟ أنت تراهن على حياتك. لكنهم حليف جيد للغاية. وسيكونون حاسمين في التعامل مع المشاكل".
واستدعى مقربون من "بن سلمان" مقطع فيديو لتصريحات "بيكر"، التي مضى عليها 7 سنوات، تزامنا مع توتر في العلاقات بين الرياض وواشنطن على خلفية الموقف السعودي الرافض لمطالبة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بزيادة المملكة لإنتاج النفط تفاديا لتفاقم أزمة أسعار الخام عالميا.
واعتبر مراقبون للشأن السعودي التداول المتزامن لفيديو تصريحات "بيكر" بمثابة رسالة جديدة من دائرة "بن سلمان" إلى إدارة "بايدن"، مفادها أن واشنطن تجني ثمار ما زرعته من سياسات مجافية لمصالح السعودية، لاسيما الأمنية منها، في ظل المضي قدما باتجاه إعادة الاتفاق النووي مع إيران، وتوالي هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة على الأهداف المدنية بالمملكة، بما فيها المنشآت النفطية.
وفي السياق، علق الكاتب السعودي "تركي الحمد" على تصريحات "بيكر"، مغردا: "هذا جيمس بيكر، وزير خارجية أمريكي سابق، من جيل الإدارات القوية التي كانت تسير وفق بوصلة المصلحة الأمريكية البحتة، وتحترم الحلفاء وإن اختلفت معهم".
واعتبر "الحمد" أن "بيكر" يعبر "عن جيل انقرض مع هيمنة الشعبوية واليسار الطفولي الرث على الخطاب السياسي الأمريكي، وتحكم المؤدلجين بتوجه هذا الخطاب".
هذا جيمس بيكر، وزير خارجية أميركي سابق، من جيل الإدارات الأميركية القوية التي كانت تسير وفق بوصلة المصلحة الأميركية البحتة، وتحترم الحلفاء وإن اختلفت معهم..جيل يبدو أنه انقرض مع هيمنة "الشعبوية" واليسار الطفولي الرث على الخطاب السياسي الأميركي،وتحكم "المؤدلجين" بتوجه هذا الخطاب.. https://t.co/J6X7CyxTV2
— تركي الحمد T. Hamad (@TurkiHAlhamad1) March 23, 2022
ووصف الكاتب السعودي "مشعل بن محمد بن سعود بن عبدالعزيز" "بيكر" بأنه من "عقلاء الحكومة الأمريكية المتمكنين في السياسة العالمية"، مشيرا إلى أن تصريحاته السابقة كانت إبداء "لوجهة نظر ثاقبة في دولة صديقة استفادت منهم واستفادوا أكثر منها" حسب تعبيره.
#المشعل العقلاء من الحكومة الامريكية المتمكنين في السياسة العالمية يبدون وجهة نظرهم الثاقبه في دولة صديقه استفادت منهم وأستفادوا أكثر منها*
— مشعل بن محمد بن سعود بن عبدالعزيز (@MISHALALSAUD19) March 19, 2022
رأي واعي:
جيمس بيكر الثالث*هو محامي وسياسي أمريكي*شغل منصب رئيس موظفي البيت الأبيض*ووزير الخزانة*ووزير الخارجية ورئيس أركان البيت الابيض* pic.twitter.com/LbiIfeBfLm
فيما اعتبر الكاتب السعودي "فيصل إبراهيم الشمري" تصريحات "بيكر" تعبيرا عن "السياسة الأمريكية الخارجية الرزينة قبل العقيدة الأوبامية"، في إشارة إلى توتر العلاقات بين الرياض وواشنطن منذ انتخاب الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما".
وأشار "الشمري" إلى أن سياسات الإدارات الأمريكية قبل "أوباما" كانت مبنية على "التحالفات القوية التي تسمح للاختلاف بين الحلفاء"، في إطار من تقدير براجماتي للمصلحة بعيدا عن التوجهات الأيدولوجية، وهو ما تغير لاحقا.
السيد جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكي السابق يتحدث عن حاجة الولايات المتحدة الامريكية للسعودية.
— فيصل ابراهيم الشمري (@Mr_Alshammeri) March 18, 2022
السياسة الامريكية الخارجية الرزينة قبل العقيدة الاوبامية كانت مبنية على التحالفات القوية التي تسمح للاختلاف بين الحلفاء. #السعودية pic.twitter.com/K0xqrlKOhV
وكان الخبير البارز في السياسة السعودية بجامعة برينستون "برنارد هيكل" قد نشر تحليلا، بموقع منظمة "بروجيكت سنديكيت" الدولية للصحافة، ذكر فيه أن عدم رغبة السعودية في تلبية طلب أمريكا بزيادة إنتاج النفط لا يعكس مجرد ضغينة ضد "بايدن"، بل يعكس مسارا هبوطيا للعلاقات الأمريكية السعودية بشكل عام قبل فترة طويلة من تولي "بايدن" الرئاسة.
وأشار إلى أن التدهور في العلاقات السعودية الأمريكية بدأ خلال رئاسة "باراك أوباما" للولايات المتحدة، إذ تبنى الآخير سياسية خارجية تقوم على "التحول نحو آسيا"، حتى وصفه حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بأنه "تخلى عنهم".
وخلص "هيكل" إلى أن السعوديين سيرفعون الإنتاج فقط "عندما يكون ذلك في مصلحتهم الخاصة"، ولن يخاطروا بعزل روسيا عبر الانحياز إلى جانب أمريكا، لكنهم لن يخاطروا أيضا بمستقبلهم الاقتصادي، إذ استوعب قادتهم "دروس السبعينات" عندما أدت الأسعار المرتفعة إلى انخفاض الطلب على النفط، ولذا فإن آخر شيء يريدونه هو تحفيز الولايات المتحدة وحلفاءها على تسريع تبني مصادر إنتاج الطاقة المتجددة.