من ليبيا إلى أوكرانيا.. الغرب ينعش تجارة المرتزقة حول العالم

الأربعاء 23 مارس 2022 09:08 ص

تتوالى الدعوات من طرفي الحرب الروسية الأوكرانية لاستقدام وتجنيد مرتزقة أجانب، والانضمام إلى صفوف القتال، مع موسكو أو كييف.

ربما كان ذلك منطقيا إلى حد ما، لكن الغريب أن الدعوات صدرت ولا زالت من دول أوروبية وغربية لتعبئة متطوعين؛ بدعوى الدفاع عن الحرية والديمقراطية في أوكرانيا.

ويمهد الأمر لانخراط  دول عدة في الصراع الذي قد يتحول إلى حرب بالوكالة مع انتعاش تجارة المرتزقة، ولجوء أطراف الأزمة إلى شركات أمن خاصة للدفع بها في أتون الحرب، التي توشك أن تدخل شهرها الثاني على التوالي.

مرتزقة "حفتر"

تتهم كييف الجنرال الليبي المتقاعد "خليفة حفتر" بإرسال مرتزقة إلى روسيا لدعم الغزو الروسي لأراضيها، على أن تتولى مجموعة "فاجنر" الروسية نقل المقاتلين الليبيين إلى هناك عبر طائرات لسلاح الجو الروسي.

ووفق المحلل السياسي الليبي "فيصل الشريف"، فإن "حفتر" لن يتوانى في تقديم أي شيء تطلبه موسكو، كونه لا يستطيع رد أي طلب للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بعدما صار رهينة لروسيا على خلفية الدعم الكبير الذي قدمته له.

ويضيف لـ"الجزيرة" أن "حفتر" يدين لروسيا بالبقاء في منصبه شأنه شأن "بشار الأسد" في سوريا، ومن المرجح أن تعتمد موسكو على المرتزقة الذين يسيطر عليهم، وأن يرسل هؤلاء للقتال ضد القوات الأوكرانية.

ويؤكد عميد بلدية تاجوراء بالعاصمة طرابلس، "حسين بن عطية"، وجود أنشطة مشبوهة وتسهيلات تقدم لجذب شباب ليبي للذهاب للحرب الأوكرانية.

وتنتشر في ليبيا مجموعات من المرتزقة من السودان وتشاد والنيجر، وهم على علاقات وثيقة بقوات "حفتر" المدعومة من موسكو، الأمر الذي يرجح الدفع بهم للقتال ضد كييف.

دعم "الأسد"

وفي سوريا، يجري تجهيز قوائم بأسماء الراغبين في القتال إلى جانب القوات الروسية، وسط ارتفاع لوتيرة عمليات التجنيد في المناطق الخاضعة للنفوذ الروسي، وسيطرة قوات رئيس النظام السوري "بشار الأسد".

والشهر الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، "جون كيربي": "نعتقد أن المعلومات التي تفيد بأنهم (الروس) يجندون مقاتلين سوريين لتعزيز قواتهم في أوكرانيا صحيحة".

وتفيد تقارير إعلامية، بأن روسيا فتحت باب التسجيل في مناطق سورية للسفر إلى أوكرانيا والعمل كحراس برواتب تتراوح بين 200 و300 دولار، بحسب موقع "دير الزور 24".

يؤكد ذلك مسؤول أمريكي، قائلا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "بعض المقاتلين السوريين موجودون بالفعل في روسيا ويستعدون للانضمام إلى المعارك في أوكرانيا".

والأفضلية لمن سبق أن قاتلوا تحت إمرة ضباط روس أو ضمن الفرقة 25 في الجيش السوري، المقربة من روسيا، بحسب "الإذاعة الألمانية".

وتتوسع عمليات التجنيد لتشمل العراق وإيران ودولا عربية وأفريقية، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة محاولات لتجنيد مقاتلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة في الحرب الأوكرانية.

ويقدر وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويجو"، في تصريح له، الشهر الجاري، المستعدين للمشاركة في القتال في صفوف الجيش الروسي، بنحو 16 ألف مقاتل من الشرق الأوسط.

تطوع أوروبي

الخطير أن الدفع بـ"فاجنر" الروسية للقتال ضد أوكرانيا، قوبل بدعوات أوروبية على لسان مسؤولين، للتطوع للقتال ضد الدب الروسي، بل موافقة دول على السماح لمواطنيها بالمشاركة.

تطور الأمر لاحقا بإعلان الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"،  تشكيل "فرقة دولية" من المتطوعين للمساعدة في صد العملية العسكرية الروسية.

ويقدر وزير الخارجية الأوكراني "دميترو كوليبا"، عدد المتطوعين للقتال إلى جانب بلاده بحوال 20 ألفا، قائلا لـ"سي. إن. إن" الأمريكية، إنهم ينحدرون بشكل أساسي من دول أوروبية.

لكن الأخطر ما كشفه رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية "كيريلو بودانوف" حينما صرح بأن جيش المتطوعين ينتمي لـ52 دولة، وهو ما قد يعني تدويل الصراع، وجر دول عدة إليه، فضلا عن الانتعاش الكبير الذي ستشهده سوق المرتزقة حول العالم.

وتحت ستار التطوع، يجري توريد مرتزقة أجانب، ومتعاقدين أمنيين، وخبراء عسكريين، لتقديم الدعم للجيش الأوكراني، وتشغيل الأسلحة الجديدة التي حصل عليها، وليس لدى عناصره دراية كافية بتشغيلها.

تجنيد أمريكي

بالنظر إلى رفض الولايات المتحدة وحلف الناتو التورط المباشر في الصراع، عبر إرسال قوات عسكرية لدعم كييف، يبدو خيار اللجوء إلى المرتزقة الأكثر ترجيحا، وبقوة؛ في محاولة لإطالة أمد الحرب، واستنزاف روسيا في مستنقع جديد على غرار المستنقع الأفغاني الذي هزم السوفييت، القرن الماضي.

وتتهم الاستخبارات الروسية، واشنطن باستغلال قاعدة التنف الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة في سوريا لإعداد مقاتلين تابعين لتنظيم "الدولة"، وإرسالهم إلى أوكرانيا للحرب هناك.

ويفيد تقرير نشرته "التايمز" البريطانية، بأن أوكرانيا تقوم بتجنيد "مرتزقة ماهرين" لتنفيذ عمليات ضد القوات الروسية، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يوميا.

وتلقى دعوة أوكرانيا إلى المشاركة في القتال إلى جانبها إقبالا في دول أفريقية، أملا في جني أرباح كبيرة، وربما مستقبلا الحصول على الجنسية الأوكرانية، أو طلب اللجوء إلى دولة أوروبية.

ويرى مدير شركة استشارية لإدارة المخاطر الأمنية (مقرها جنوب أفريقيا)، "ريان كامينجر"، أن "أوكرانيا قد تستفيد من الظروف الاقتصادية الصعبة في أفريقيا لجذب المقاتلين الأجانب، وأن الأفارقة قد يرون فرصة اقتصادية من المشاركة في هذا الصراع".

شركات خاصة

من المرجح أن حرب أوكرانيا ستكون فرصة سانحة أمام شركات عدة لجني أرباح كبيرة، منها إلى جانب "فاجنر" الروسية، "بلاك ووتر" الأمريكية، وشركة G4S البريطانية، وشركة"ICTS INTERNATIONAL" الإسرائيلية، و"بلاك شيلد" الإماراتية، و"Aegis Defence Services" البريطانية، وشركة "KBR" الأمريكية.

وتقوم الشركات العسكرية منها بمهام قتالية وتجنيد مرتزقة ودعم جيوش وميليشيات مسلحة على الأرض، بينما تركز الشركات الأمنية على حماية الشخصيات والمنشآت والتدريب والاستشارة الأمنية والاستخبارات والحرب السيبرانية (الإلكترونية).

وكان موقع توظيف (silent professionals) الأمريكي المتخصص بالأعمال الأمنية، عرض الحصول على عمل فوري في أوكرانيا لمهام "أمنية خاصة ودفاعية وفي البحث والتنقيب والحماية"، شريطة توافر خبرات قتالية، وبأجر يومي يتراوح ما بين 1000- 2000 دولار أمريكي مع علاوات بعد إنهاء المهمة.

وحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، فإن شركات أخرى تقوم بتوظيف متعهدين وتعرض عليهم أجورا تتراوح ما بين ألفين و3 آلاف دولار في اليوم.

ويقول المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، "جايسون بلاذاكيس"، وهو زميل في معهد صوفان الأمريكي البحثي للشؤون الأمنية، إن هناك "طلبا شديدا على المقاتلين حاليا".

بينما يصف الكاتب الأمريكي والمراسل الحربي المعروف "روبرت يونج بيلتون"، المشهد الحاصل بأنه "حالة من الجنون في السوق للمتعاقدين من القطاع الخاص للعمل في أوكرانيا".

المشهد مثير بالفعل، وقد يذهب جلب المرتزقة من جنسيات أجنبية إلى حلبة الصراع الدائر هناك، بأوكرانيا، بعيدا لتكون ساحة حرب بالوكالة، على غرار ليبيا، وسوريا، وساعتها سيطول الصراع ربما لسنوات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب أوكرانيا فاجنر المرتزقة سوريا ليبيا روسيا بلاك ووتر حفتر بشار الأسد الناتو

بعد سوريا وليبيا.. المرتزقة كلمة سر روسية للحرب في أوكرانيا

مسؤول أوروبي: روسيا دعمت قواتها بشرق أوكرانيا بآلاف المرتزقة