قطر ومصر.. الاقتصاد يدفع قاطرة تطبيع العلاقات

الأربعاء 30 مارس 2022 07:49 م

بسرعة غير مسبوقة، وفي مدة زمنية قياسية، قطع قطار تطبيع العلاقات القطرية المصرية أشواطا عدة في رحلته التي انطلقت منذ اتفاق العلا في مطلع العام الماضي، ولم تتوقف حتى اليوم، وكانت آخر محطاتها الإعلان عن استثمارات قطرية في مصر تقدر بـ5 مليارات دولار.

الخطوة القطرية في حد ذاتها لم تكن مفاجئة، بل كانت بمثابة تطوv طبيعي لتنامي علاقات البلدين خلال الـ15 شهرا الأخيرة، ولكن المفاجئ فيها كان هذا المبلغ الكبير الذي ستضخ به الاستثمارات.

والثلاثاء، كشف بيان لوزارة الخارجية القطرية، عن اتفاق مع مصر على مجموعة من الاستثمارات والشراكات، بإجمالي 5 مليارات دولار في الفترة القادمة، سيتم ضخها في السوق المصرية.

والاتفاق وفق البيان، جاء خلال لقاء بالقاهرة جمع بين رئيس الوزراء المصري "مصطفى مدبولي"، ووزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، ووزير المالية القطري "علي بن أحمد الكواري".

كما جاء الاتفاق غداة، تشكيل لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين الذين وصفهما البيان بـ"الشقيقين"، بهدف التشاور المستمر وتعزيز التعاون والتنسيق في المجالات كافة، وذلك في إشارة واضحة على النقطة التي وصلت إليها علاقات البلدين.

وبالإضافة إلى الاستثمارات، يبدو أن هناك وديعة قطرية في الطريق إلى مصر، إذ اجتمع وزير المالية القطري، بشكل منفصل مع محافظ البنك المركزي المصري "طارق عامر"، خلال زيارته الحالية لمصر.

"السيسي" والمنقذ الخليجي

والخطوة القطرية جاءت في وقت تواجه مصر أزمة اقتصادية حادة وضغوطا مالية جديدة مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، التي رفعت تكلفة وارداتها الكبيرة من القمح وأضرت بالسياحة في منطقة البحر الأحمر.

ودفعت تلك الأزمة، التي ترافقت مع انخفاض كبير في قيمة العملة المحلية أمام الدولار وحالة تضخم غير مسبوقة، الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" للقيام بجولة خليجية شملت السعودية والإمارات والكويت.

وفي 21 مارس/آذار الجاري، فقد الجنيه المصري 14% من قيمته أمام الدولار، بعدما قرر البنك المركزي زيادة سعر الفائدة، مبررا ذلك بمواجهة آثار التضخم العالمي والتداعيات الاقتصادية السلبية لجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

ويبدو أن الخطوة القطرية دفعت السعودية إلى اتخاذ خطوة مشابهة بل أقوى عندما بدارت بتقديم طوr نجاة سريع لـ"السيسي"، بالإعلان الأربعاء عن تقديم 5 مليارات دولار gمصر، وديعة لدى البنك المركزي، لترتفع قيمة ودائع المملكة في مصر إلى 13.5 مليار دولار.

والوديعة السعودية الجديدة هي السابعة لمصر، منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والسادسة منذ تولي نظام الرئيس "السيسي"، إدارة البلاد عقب الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا (محمد مرسي) في 2013.

ولجأت مصر عدة مرات إلى تأجيل سداد الودائع الخليجية، خصوصا أنها تستحوذ على حيز كبير من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي للبنك المركزي.

استثمارات قطرية بالجملة

وبالإضافة إلى الحزمة الجديدة، فإن لدى قطر استثمارات ضخمة في مصر، وهناك حوالي 220 شركة قطرية تعمل في البلاد، كما يستحوذ بنك قطر الوطني على حصة كبيرة من القطاع المصرفي المصري الخاص، إضافة إلى كون قطر وجهة مفضلة للعمالة المصرية، وهي تحتضن بالفعل قرابة 350 ألف وافد مصري، وفق بيانات صادرة عن شعبة إلحاق العمالة بغرفة القاهرة التجارية.

وتسعى القاهرة للاستفادة من تدفق السياح القطريين على منتجعاتها، ونيل أي حصة من كعكة الاستثمارات الثمينة التي تقدمها قطر مع قرب استضافتها مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022.

تقارب بعد قطيعة

وشهدت العلاقات المصرية القطرية خطوات إيجابية عديدة منذ القمة الخليجية 41 بمدينة العلا شمال غربي السعودية، في يناير/كانون الثاني 2021.

وفي تلك القمة، صدر بيان بإنهاء أزمة حادة اندلعت منتصف 2017، بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وكانت زيارة أول وفد قطري رسمي إلى مصر بعد قمة العلا بقيادة وزير المالية القطري لافتتاح فندق فاخر بقيمة 1.3 مليارات دولار في القاهرة، مؤشرا قويا على رغبة قطرية كبيرة في تطبيع العلاقات، إذ جاءت الزيارة في نفس يوم توقيع اتفاق العلا، الذي أنهى نحو 4 سنوات من القطيعة.

وآنذاك، لاحقا ردت القاهرة برسالة أولى تتعلق بإعادة فتح الأجواء المصرية أمام الطيران القطري، في 12 يناير/كانون الثاني 2021، وبعدها بأيام قررت وزارة النقل المصرية، في الشهر ذاته، استئناف أنشطة الشحن والملاحة البحرية بين البلدين.

وتوالت بعد ذلك الرسائل الودية والخطوات العملية التطبيعية على مستوى عودة السفراء وزيارات الوزاراء ولقاء "السيسي" أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني".

ثمار التقارب المصري القطري

بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية المصرية، فبكل تأكيد سيؤدي التطبيع القطري المصري الكامل إلى مزيد من التماشي مع أجندة إدارة "جو بايدن" المتمثلة في تعزيز الدبلوماسية في المنطقة في وقت تعيد فيه الولايات المتحدة تقييم تواجدها العسكري، الأمر الذي يجلب فوائد أكثر بكثير من المخاطر لكل من القاهرة والدوحة وكذلك لمصالح واشنطن في المنطقة.

ويعد تعزيز التطبيع أمرا إيجابيا لمصالح الولايات المتحدة، ويمكن أن يشجع البيت الأبيض قطر ومصر وجيرانهما على التركيز على المجالات ذات الاهتمام المشترك مع الولايات المتحدة، بما في ذلك إيران.

كما أن قطر في وضع جيد للقيام بدور أكثر نشاطا في ملف سد النهضة فبالإضافة إلى أنشطتها الاستثمارية في مصر، تمتلك قطر استثمارات كبيرة في كل من إثيوبيا والسودان، لذلك فإن لها مصلحة في التوصل إلى حل ودي للأزمة الحالية.

ويمكن للدوحة المساعدة في تهدئة التوترات المتصاعدة بين الحكومة الإثيوبية، التي تمضي بحزم إلى الأمام في ملف سد النهضة، والقيادة المصرية والسودانية، اللتين ينذر خطابهما باحتمال نشوب صراع في نهاية المطاف.

وفي 7 أبريل/نيسان الماضي، قام "عبدالفتاح البرهان"، رئيس مجلس السيادة في السودان، بأول رحلة له إلى الدوحة لإحياء قائمة طويلة من الاتفاقات الثنائية السابقة، والرحلة تمت بالتنسيق مع مصر، التي واصلت السعي لتوثيق العلاقات مع السودان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر مصر العلاقات القطرية المصرية علاقات مصر وقطر استثمارات قمة العلا السيسي تميم بن حمد آل ثاني

تداعيات جيوسياسية.. ماذا يعني لجوء مصر إلى أموال الخليج مجددا؟

قطر ومصر تبحثان التعاون بمجال النقل والمواصلات